ناجي لطيف العسكري
لقد اصبح الفقر في العراق الطاعون الذي يميت الناس كل يوم ، وأصبحت مناطق الفقر تلك المناطق المؤبوة التي يتحاشى المسؤولين طرق ابوابهم ، التقارير الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي تشير الى ان نسبة الفقراء بلغت 23 في المئة ، وهو رقم يمكن أن ينذر بحدوث مضاعفات تتعدى الخطط الموضوعة للتنمية في البلاد، لتشمل أيضاً الإضرار بجهود الإصلاح الاقتصادي.ان هذه النسبة في الفقر تقابلها نسبة من اصحاب الثروات ، وهم الطبقة الحاكمة واصحاب الامتياز التي حصلوا عليها بعد دخولهم الى العراق بعد احداث 2003 ، هذا ما خلق من العراق مجتمعاً هرمياً يسموا في قمته اصحاب الثروات ويكون في قاعدته الفقير الذي يحارب يومياً من اجل الباقى ، بينما يتوسط هاتين الطبقتين طبقة تحارب للبقاء في مستواها وهي لا تحلم في الطبقة العليا ، انما تحلم ان لا تصل الى الطبقة السفلى .ان المطلعين على الطبيعة البشرية يجدون ان الانسان يتحمل فترة معينة من الظلم والجور ، بعدها يحاول نفظ التراب والنهوض من جديد وبطريقة وحشية للحصول على مبتغاة ، كما حدث عندما توحد المغول الذي كانوا يعيشون نوعا من الحرمان في المناطق الثلجية تلك المناطق التي جعلت منهم اناس بعيدين عن الحضارة محرومين من ابسط ملذات الحياة ، تحيط بهم ارقى الحضارات ، ليجتاحوا العالم بأعمالهم البربرية وخلفوا وراءهم الدمار والقتل في جميع البلدان التي مروا بها وخصوصا تلك المناطق التي ارتقت الى المستوى الحضاري والانساني ،اما في فرنسا فقد بلغ الفساد السياسي والتدهور الاقتصادي ، حتى إن "كالون" وزير الخزانة الملكية اعترف بذلك عام (1787م)، وأرادت الحكومة سد عجز الميزانية بإرهاق الشعب بضرائب جديدة فادحة، فازدادت أحوال الطبقات المسحوقة سواءً، وعصفت بالبلاد موجة من الجوع ونقص المؤن. وفي الوقت الذي عيل فيه صبر الشعب وأنهكته المجاعة والبؤس، كان هناك طبقتان تترنحان في أعطاف النعيم وتنغمسان في مختلف الملاذ، وهما: طبقة رجال الدين، وطبقة الأشراف، بالإضافة إلى الأسرة المالكة التي كانت عبئًا ثقيلًا على الجميع. وبعد ان اصبح الشعب الفرنسي يعاني من البؤس والفقر ثار الفرنسيين على هذه الطبقات لتحدث اكبر جريمة قام بها الثوار ، فقد كانت الدماء تسفك بدون رحمه وبدون قوانين تردعهم ، ونهبت الاموال وقتل الاطفال والنساء ، حيث قتل المئات من اصحاب الثروات في 20 دقيقة منصرمة ، ابان بدء شرارة الثورة التي قام بها الفقراء والبؤساء في فرنسا لينتجوا نهراُ من الدماء .فما اشبه ظروف التي مر بها المغول والفرنسيين بالظروف التي يمر بها الفقير في العراق ، ان الذي فعله المغول انما هو ثورة ضد حرمان ، والذي فعله الفرنسيين ثورة ضد البؤسة والطبقية ، فهل سوف يحدث في العراق ثورة الجوع ؟عندما نتكلم عن الثورة يجب ان نعرف مفهومها الحقيقي والمقومات الاساسية التي تطلق شرارة الثورة ؟ الثورة : هي تغير المفاجئ السريع بعيد الاثر في الكيان الاجتماعي لتحطيم استمرار الاحوال القائمة في المجتمع وذلك باعادة تنظيم وبناء النظام الاجتماعي بناءً جذرياً . في اللغة العربية تعني الهيجان والوثوب والسطوح ، ان لكل شعب ثورتان ، ثورة سياسية يسترد بها حقه في حكم نفسة بنفسة من يد طاغية فرض علية الرضوخ والمهانه .و الثورة الاجتماعية تتصارع فيها طبقتان ثم يستقر الامر فيها الى تحقيق العدالة والمساواة بين مكونات المجتمع الواحد .في حين يرى الفيلسوف جون لوك : الثورة ظاهرة اجتماعية طبيعية ومنسجمة مع سير العام للمجتمع الانساني ومع تطوير التاريخ وهي عادة تحدث اذا مر الشعب بحال من يأس التغير .اذن ، الثورة حق مشروع لكل شعب يريد التغير وخصوصا اذا كانت الدولة لا توفر ابسط حقوق الانسان وهو ( حقه في الحياة ) ، هذا ما خلق فجوة كبيرة بين المواطن العراقي والحكومة العراقية ، وخصوصا بعد ان عرف المواطن حقوقه ، واذا عرفت حقوقك فانك تعرف ماذا تريد ، لقد استغل بعض السياسيين حالة الفقر المنتشرة وجعل منهم الاجساد المتراكمة للوصول الى البرلمان العراقي ، ولم يحقق لهولاء الوعود التي اطلقها على نفسة .بعد ان عرفنا معنى الثورة يجب ان نعرف ما هي مسبباتها ؟ ان من ابسط المسببات نشوا الثورة هي الطبقية والظلم والجور . وكل فقير في العراق يمتلك مسببات الثورة ويتمنى تحقيق العدالة والمساواة .وها هو العراق الان يملك سبعة ملايين فقير في جميع محافظات العراق وهو يترقب عطف الحكومة وأهتمام الطبقة الغنية بعد ان ضمن الدستور العراقي حق المواطن في الحياة فقد اقر الدستور في مادتة الخامسة عشر : لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة. واما في المادة الثلاثين تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم ، وينظم ذلك بقانون . أليست هذا المادة اقرها الساسة الحاكمين اليوم ؟! اما ان الثروات والمصالح الشخصية انستهم الافراد الذين اوصلوهم الى مركزهم التي هم فيها .
https://telegram.me/buratha