المقالات

كواتم الصوت..هل ستسقط الدولة العراقية؟

1135 11:28:00 2011-01-30

عادل الجبوري

بهدوء وبلا صخب وضجيج، وخلال ثوان قليلة انتهت عملية اغتيال عبد الجبار عبد الله مدير مكتب وزير الخارجية العراقي مساء يوم الاربعاء الماضي في ساحة عدن بمنطقة الكاظمية شمال غرب العاصمة العراقية بغداد.لم تتم عملية اغتيال الموظف الدبلوماسي بسيارة مفخخة ولا بحزام انتحاري، ولابعبوة ناسفة، وانما بمسدس مزود بكاتم الصوت.ومن دون شك فأن مدير مكتب زيباري لم يكن اول موظف حكومي عراقي يلقى حتفه بكواتم الصوت ولن يكون الاخير بالطبع.وفي احصائيات لجهات رسمية وغير رسمية، بلغ عدد ضحايا كواتم الصوت خلال العام الماضي اكثر من سبعمائة ضحية، معظمها في بغداد، وجاءت محافظة نينوى(الموصل) بالمرتبة الثانية، وهذه حصيلة كبيرة اذا قارناها بأعداد ضحايا العمليات الارهابية بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة التي شهدت انخفاضا ملحوظا خلال عامي 2009 و 2010. وذات الاحصائيات تشير الى هذه الحقيقة، وكذلك فأن المواطن العادي يلمس هذا الامر ببساطة لانه الطرف الاكثر تأثرا وتضررا.وفي الوقت الذي تحاول الجهات الرسمية العليا المسؤولة ان تقلل من حجم المخاوف جراء تفاقم ظاهرة الاغتيالات والتصفيات الجسدية بكواتم الصوت، ترى اوساط سياسية وامنية مختلفة بعضها حكومية، ان تلك الظاهرة تبعث على الكثير من القلق بشأن مستقبل الدولة والمجتمع على حد سواء، وان هذا التحول النوعي في عمل الجماعات الارهابية لايعكس بالضرورة ضعفا، بل انه ربما يؤشر الى نقطة -او نقاط-قوة، بأعتبار ان الاستهداف العشوائي الجماعي لعموم الناس راح ينحسر، في مقابل الاستهداف النوعي المبرمج والمدروس بدقة اكبر لموظفي الدولة وبعض النخب الاجتماعية والمهنية والسياسية والعلمية، كما هو الحال في استهداف ضباط وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات، وموظفي وزارة الامن الوطني ووزارة الخارجية وهيئة النزاهة وديوان الوقف الشيعي وديوان الوقف السني ومجلس النواب ومؤسسات اخرى. وبينما يرى المتحدث بأسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان تعديلا قد حصل على أساليب المجاميع الإرهابية المسلحة بعد خسائرها المتمثلة بسقوط قيادات وعناصر محورية بيد القوات الامنية العراقية في الفترة الاخيرة، وان هناك معلومات تشير الى ان التنظيمات الإرهابية تتجه الى استخدام الطرود المفخخة لتنفيذ الاغتيالات في الفترة المقبلة، يذهب استاذ الاعلام في جامعة بغداد الدكتور كاظم المقدادي الى ان الاستهداف النوعي للكفاءات والمسؤولين الأمنيين وموظفي الدولة، يمثل رد الفعل الطبيعي للتنظيمات المسلحة ازاء النجاحات التي حققتها السلطات الأمنية العراقية، معتبرا ان العمليات الإرهابية تزدهر في ظل أجواء الفراغ السياسي والأمني. وبالفعل فأن وتيرة العمليات الارهابية النوعية بكواتم الصوت والعبوات اللاصقة ضد موظفي الدولة ارتفعت بالتزامن مع الازمة السياسية التي عصفت بالبلاد بعد الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في السابع من شهر اذار-مارس من العام الماضي.وعملية الربط بين الوضع السياسي والوضع الامني امر طبيعي ومنطقي جدا، تترجمه وتعكسه الوقائع والاحداث على الارض.وهذا عامل، تضاف اليه عوامل اخرى لاتقل اهمية وحساسية وخطورة عنه، من بينها اختراق الجماعات والتنظيمات الارهابية لكثير من مؤسسات الدولة ومفاصلها المهمة، لاسيما الامنية منها.وفي ذلك يشير رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد عبد الكريم ذرب الى إن سلسلة الاغتيالات التي شهدتها بغداد مؤخرا بأسلحة كاتمة للصوت، نفذت بواسطة أشخاص يحملون باجات مزورة وخاصة بحمل الأسلحة، وأن معظمهم ينتمون إلى الأجهزة الأمنية.ومعلوم ان اعدادا غير قليلة من الضباط في قوات الجيش والشرطة والاجهزة الامنية مشمولون بقرارات اجتثاث البعث والمساءلة والعدالة، وعليهم ملفات قضائية، بيد انهم مازالوا يمارسون عملهم وفي مواقع حساسة بالنسبة للبعض منهم، الامر الذي يتيح لهم بواسط الترغيب والترهيب فتح منافذ وثغرات للجماعات المسلحة لتنفيذ عملياتها الارهابية، اضافة الى ذلك فأن بعض عناصر قوات الصحوات الذين تم دمجهم بالمؤسسات الامنية والعسكرية الحكومية، بقوا على ارتباطاتهم السابقة مع الجماعات الارهابية. بحيث ان خطرهم بات اكبر بعد ان انتقلوا الى صف الدولة، مقارنة بخطرهم حينما كانوا في مواجهتها.وفي الوقت الذي يحذر فيه رئيس مجلس انقاذ الانبار حميد الهايس من وجود اختراقات في الأجهزة الأمنية ومؤسساتها، فأنه يوجه اصابع الاتهام بتنفيذ الاغتيالات بكواتم الصوت الى ثلاث جهات، هي بعض المليشيات المحلية المسلحة دون ان يسميها، وتنظيم القاعدة والمجاميع المرتبطة به، وازلام النظام السابق.ويتحدث مسؤول امني بصورة اكثر وضوحا حينما يشير الى ان من يقف وراء هذه العمليات هم تنظيم ما يسمى بـ"عصائب اهل الحق" المنشق عن التيار الصدري، وما يسمى بدولة العراق الاسلامية التابع لتنظيم القاعدة، وجماعات من حزب البعث المنحل التي تدار وتوجه وتمول من اطراف خارجية. ولعل التصور القائم لكيفية معالجة واحتواء خطر هذا النوع من الارهاب يتمثل بأعادة النظر والتدقيق في الملفات والسير الذاتية لكل او معظم منتسبي قوات الجيش والشرطة والاجهزة الامنية، وتعزيز الجانب الاستخباراتي، ومراجعة مجمل الخطط والسياقات الامنية المتبعة.ويبدو ان الحديث عن مثل تلك الاجراءات ليس بالامر الجديد، بل ان ذلك يتكرر بعد حصول كل عملية ارهابية وبعد تصاعد وتيرة العنف والارهاب بأي شكل من اشكاله.هذا من جانب، ومن جانب اخر، ان عملية اعادة النظر والمراجعة والتدقيق هي من التعقيد والصعوبة بمكان، ناهيك عن الية تحديد الجهة التي يفترض ان تقوم بذلك بحيث يمكن الوثوق بسلامة عملها والتأكد من عدم اختراقها، وكذلك الوقت الذي تتطلبه.ولعل بقاء الوزارات والمواقع الامنية العليا شاغرة حتى الان، وموضع جدل وسجال بين الفرقاء السياسيين يعد مؤشرا مهما على انه من المستبعد او غير الممكن حل واحتواء المشكلة الامنية في العراق على صعيد المستقبل المنظور، وان التجاذبات والخلافات السياسية التي غالبا ماتفضي الى مساومات وصفقات ترضية وتنازلات متبادلة، تنعكس سلبا على الواقع الامني، لان كل طرف سياسي يعمد الى استخدام وتوظيف المفصل الامني الذي هو تحت هيمنته كأداة في صراعه السياسي مع الطرف الاخر، او الاطراف الاخرى، وهذا يعني بقاء وجود العناصر السيئة المتواطئة مع الجماعات المسلحة، وبقاء ورش تفخيخ السيارات وصنع العبوات اللاصقة وغيرها، وصنع مواسير كواتم الصوت، بعيدة عن دائرة الرصد والتشخيص والمعالجة، خصوصا وان تكاليف تصنيع وانتاج البعض منها تبدو بحسب بعض الخبراء والمتخصصين زهيدة للغاية، مثلما هو الامر بالنسبة لكاتم الصوت الذي لايكلف تصنيع الواحد منه في الورش المتخصصة عشرة او خمسة عشر دولارا فقط. ولعل السؤال الاخطر الذي تتداوله عدد من المحافل والاوساط في بغداد هو.. هل ستسقط كواتم الصوت الدولة العراقية بعدما اخفقت السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة في انجاز تلك المهمة؟!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مؤمنه من العراق
2011-02-03
الى متى السياسين العراقيين يعرضون ارواح وشباب وايتام والارامل من الشيعه الى القتل والفناء ألا تشعرون بان النواصب بقتلهم للشيعه كي يقللوا نسبتهم عند الاحصاء باي وجه ستقابلون الله انتم ايها الحزب مجلس الاعلى والدعوه انتم الذين اختاريناكم اين انتم الى هذه الدرجه رخصنه عندكم حسبنا الله ونعم الوكيل شكوانا الى الله .لماذا هذا التاخير للاحصاء ؟لماذا ؟
الدكتور شربف العراقي
2011-01-31
نعم اذا لم يعاقب القتلة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك