سامي عباس
هل ستصل شرارات الثورة المصرية والانتفاضة التونسية إلى الساحة العراقية لأن ذات الأسباب التي أخرجت المصريين والتونسيين إلى الشارع كامنة في الشارع العراقي؟.لا أحد كالعراقيين استطاع الوقوف على مشهد الثورة في ميدان التحرير فالعراقيون وعلى امتداد الأيام السبعة الماضية من عمر الثورة المصرية (تألقوا) في فهم أسباب الثورة وفلسفتها الأجتماعية ومكامن قوتها وأبرز القيادات السياسية التي تواجدت بين جماهيرها ولربما يخرج محمد برادعي آخر أو أيمن نور جديد لقيادة مجمل مطالب الشارع العراقي في مواجهة حزمة كبيرة من المشكلات والعوائق والملفات الساخنة والعقد التي لم تستطع أغلب مؤسسات الدولة المستقلة عن هيمنة رئيس الوزراء وحزبه الحاكم وائتلافه البرلماني من حلها.العراقيون في قلب الاعصار لكن الساحة العراقية هادئة ولربما يظن الظانون أن العراقيين لا يمتلكون الحس السياسي الثوري والعقلية الاحتجاجية التي يستطيعون من خلالها الوقوف على مجمل المطالب ولربما يقول البعض أن العراقيين تعبوا من الانتفاضات والثورات والاحتجاجات السياسية وأتعبتهم أكثر السنوات السبع العجاف التي أنهكت جهودهم وطحنت عظامهم وأبكتهم كثيراً زادها المفخخات والأحزمة الناسفة وعمليات التفجير والمخبر السري الذي كان له دور في تمزيق الوحدة الوطنية وفي تهشيم بنية الثقة الواجب توافرها بين الحكومة وفئات المجتمع العراقي الأخرى ومما يذكر أن مجالس المحافظات التي تأسست بعد سقوط النظام العراقي لم تستطع تجليس المحافظات على بنية للتطوير والتنمية والانتعاش الاقتصادي والاجتماعي والخدمي واضحة بل تتحدث هيئة النزاهة ومؤسسات المجتمع المدني ومراقبون حياديون من توجهات دولية وعربية وعراقية عن ظهور طبقة من الأثرياء تابعة لأعضاء مجالس المحافظات العراقية وأن كل الكلام الذي يتحدث عن الانتعاش الاقتصادي والخدمات والآخر الشعري الذي يتحدث عن الاستثمار هو كلام لا علاقة له بالواقع وأن الثورة العراقية على الأبواب لكنها مؤجلة لأسباب نفسية واجتماعية وسياسية سنأتي على ذكرها.زميل لي أحترم وجهة نظره السياسية في الأوضاع العراقية قال لي بأن العراقيين لن ينتفضوا لصالح مطالبهم الاجتماعية والسياسية والانسانية لأنهم تعبوا من تكاليف الثورات السابقة وما جرى عليهم من صنوف العذاب الشديد والاعتقال والتضييق والمنافي لأن النظام العراقي السابق يختلف في عملية تطهير الثورات التي تواجهه عن الانظمة السياسية الأخرى وفرق كبير بين عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الذي كان رئيسا لجهاز المخابرات المصرية وعلي حسن المجيد الذي كان مسؤولا لتنظيمات الشمال وقائدا عسكرياً عينه صدام لقمع الانتفاضة العراقية عام 1991 وفي الوقت الذي يعلن فيه الجيش المصري إقراره بثقل حجة المطالب الشعبية في مصر واحترامه للاحتجاجات السياسية وعدم استخدامه للقوة ضد المتظاهرين كان الجيش العراقي في انتفاضة عام 91 يصلب الشباب على أعمدة الكهرباء في البصرة والناصرية ويسقى آخرون البنزين لتطلق النار عليهم تالياً ناهيك عن الهجرات الكردية والعربية في الجنوب إلى تركيا وإيران وكان العالم آنذاك ينظر بشماتة وبعيون حاقدة على مايجري على الشعب العراقي ويدعم في الوقت نفسه سياسة صدام حسين في إحراق الناس وقمع الشعب العراقي.الزميل أشار أيضاً أن العراقيين بحاجة إلى تيار سياسي أو تنظيم حزبي يحركهم ويدفع بهم إلى الشارع وهي سنة دأب العراقيون عليها منذ الأزل وإذا غابت القوى السياسية التقليدية التي تحرك الشارع العراقي فلن ينتظر أحد ثورة أو انتفاضة جماهيرية من الشعب العراقي واستطرد الزميل قائلاً بأن هنالك تيارين وطنيين قادرين على تحريك الأجواء السياسية والدفع بالمطالب الاجتماعية في الشارع لكن هذين التيارين يواجهان الآن مجموعة من المشكلات السياسية داخل تحالفهما السياسي وفي إطار حكومة المالكي الثانية.. ربما هو تقدير المصلحة الوطنية العليا هو العنصر الكامن وراء عدم إقرار شيء له علاقة بتحريك الناس أو ربما أن الوقت لم يحن بعد باتجاه ترسيخ لغة الاحتجاج السياسي والدفع بالجماهير العراقية إلى الخروج باتجاه الشارع لكن الملاحظة الأهم أن هذين التيارين (المجلس الأعلى والتيار الصدري) ربما سيواجهان ضغطاً من جانب بعض الأطراف الإقليمية بضرورة عدم التحرك باتجاه المطالب الاجتماعية للناس خشية أن تتطور حركة الاحتجاجات المطلبية إلى تظاهر سياسي لاسقاط النظام وهو ما لا تسمح به إيران في الوقت الحاضر لكن السؤال الأهم ماذا عن رأي الولايات المتحدة الأمريكية التي تقف الآن مع مطالب التظاهرات المصرية وتدعو حسني مبارك إلى الخروج الآمن من السلطة وهي تدرك أن سقوط مبارك يعني سقوط الاتفاقات الموقعة بين مصر وإسرائيل إذا ما جاء نظام وطني إلى الحكم.. هل ستقف مع مطالب الجماهير العراقية إذا ما خرجت عن طور الحديث عن البطالة والعوز إلى الكلام عن تغيير النظام؟.في المعلومات أن تظاهرات جماهيرية طافت شارع مدينة الكوت مطالبة باستقالة المحافظ على خلفية فساد إداري ومالي و ارتباك وعدم قدرة وكفاءة في تلبية احتياجات المحافظة وفي ذات الوقت خرجت تظاهرة في منطقة الحسينية (ضواحي بغداد) تطالب باستقالة محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق أبرز مهندسي الحملة الانتخابية لنوري المالكي في الانتخابات الماضية.. هل بدأت الثورة العراقية من الكوت والحسينية والشعلة التي سقط لها شهداء على أيدي الجيش بعد حادثة التفجير التي استهدفت مجلس عزاء في المدينة؟
https://telegram.me/buratha