قلم : سامي جواد كاظم
الاستقلالية في الاعلام تكاد تكون مفقودة والسبب واضح لان المؤسسات الاعلامية مؤسسات استهلاكية خاسرة ماديا وتكسب فكريا اذا ما استخدمت ادواتها للهدف المنشود وهذا الهدف يكون طبقا لرؤيا الكفيل ، فكل وسيلة اعلامية وبشتى اصنافها لها كفيل يمولها حتى تكون اداة طيعة لما يريد ان يملي عليها .الاحداث في مصر كيف تعاملت معها القنوات الفضائية ؟ تكاد تكون قناة الجزيرة هي الابرز بين كل القنوات حتى ان كثير من القنوات تعاطفت معها وبدات تبث بثها المباشر من على قنواتها ، في حين نرى ان العربية بعد طرد عبد الرحمن الراشد هي الاخرى لها تغطيتها الخاصة لما يجري في مصر ولكن لماذا الجزيرة دون غيرها نالت تعاطف القنوات الاخرى ؟حتى ان العراقيين الذين كانوا لا يطيقون رؤية الجزيرة بسبب مواقفها من العراق مع اعتمادها على عناصر مكروهة ومنبوذة لدى الشعب العراقي في بث برامجها لاسيما الاتجاه المعاكس بداوا يتابعون الجزيرة والحق يقال فانها استطاعت ان تعطي انطباعا بان مبارك سيرحل هذا اذا لم يهرب ولكن السؤال المهم هل ان تصرف الجزيرة هذا مهنيا ام سياسيا ؟اعتقد المزيج مع رجحان الكفة السياسية من الحصول على نقاط افضلية في التغطية الاعلامية ولكن المهم في هذا ان برامجها هي متفقة مع ما يريد كفيلها وكفيلها معروف من هو ويكفينا الاشارة الى ان الامير القطري مول القناة في بداية تاسيسها 137 مليون دولار امريكي ووصل الى 300 مليون دولار تحت بند خاص في ميزانية الديوان الاميري .مامون فندي في كتابه حروب كلامية يقول عن الجزيرة بانها فاشلة في تناول اي موضوع خارج الصراعات السياسية لان هنالك كثير من المواضيع المهمة التي تمس ممولها في قطر لا تتعرض لها الجزيرة على عكس تعرضها لمسائل تافهة حدثت في الشارع العراقي على سبيل المثال لم تتطرق الجزيرة الى موضوع سحب الجنسية من قبائل بني مرة ومصادرة املاكهم من قبل الحكومة القطرية كما وانها لا تتحدث عن قوانين الاعلام القطرية المقيدة للحريات داخل قطر على عكس ما يجري في العراق فانها كثيرا ما تهول وتحرف الاخبار التي تجعل طرفها ايران او السنة في العراق .الجزيرة اساسا تم افتتاحها عام 1996 بسبب النزاعات والخلافات بين قطر والسعودية واصل هذه الخلافات بدات في عام 1992 عندما حصلت مواجهات بين القبائل البدوية لكلتا الدولتين على الحدود علقت بسببها قطر اتفاقية الحدود للعام 1965 الموقعة بينهما كما وامتنعت قطر من حضور اجتماع مجلس التعاون الخليجي عام 1994 وحتى انها احتجت على تعيين سعودي لمنصب امين عام المجلس ولكن ماذا كان الرد السعودي ؟الرد السعودي هو اعلانها استضافة الامير المخلوع والد الامير الحالي مما اثار حفيظة الانقلابيين القطريين كل هذه الاحداث كانت الجزيرة تراقبها لانها كانت تحت التدريب ولم يعلن عنها .الان مع مصر ماذا نفسر موقف الجزيرة من الاحداث ؟ انه موقف سياسي بحت يخدمها اهداف اعلامية مستقبلية والتنابذ بين الاعلام القطري والمصري قديم منذ تاسيس الجزيرة لدرجة ان تصعيد هجمات الجزيرة على مصر جعل مصر تستخدم نفس الورقة السعودية في الرد عليها فقد ارسل وزير الاعلام المصري طاقمه الاعلامي التلفزيوني الى جنيف مقر الامير المخلوع لتصوير مقابلة مدتها ست ساعات ذكر فيها عدة نقاط محرجة للامير الحالي وبعثت باشرطة المقابلة الى قطر الجزيرة وهددت ببثها كاملة وعلى الهواء من خلال محطة مصرية في حال استمرار هجمات الجزيرة .هذه المعركة بلغت الذروة عندما ارسلت مصر عمر سليمان ( نائب الرئيس المصري المعين توا ) الى قطر وهنا اوقفت قطر هجماتها على مصر ، ولكن الملف لم يغلق .وجاء حسنين هيكل ليكشف بعض الاوراق عن خفايا الفضائح السياسية لبعض الدول العربية ومنها مصر عبر برنامج بثته الجزيرة في الاونة الاخيرة ، كما ويذكر ان المواقف السياسية بين الحكومة المصرية والقطرية تعيش حالة تازم حول بعض المواقف التي تهم المنطقة واختلاف الرؤيا بينهما .وجاءت الانتفاضة المصرية وكما يقال في المثل ( عندما يسقط الجمل تكثر سكاكينه ) وها هي الفرصة الذهبية جاءت على طبق من ذهب وبدات تفرغ الجزيرة ما لديها من خبرة اعلامية اكتسبتها من تعاملها مع القاعدة وملف غزة في هذه الانتفاضة المصرية بل وتؤكد على جوانب مهمة تجعل المشاهد يلتفت اليها اكثر من الاهم منها ، فالجزيرة لايهمها ما يطالب به الشعب المصري بل يهمها ان يبقى الوضع على ما هو عليه ليكون مادة دسمة اعلامية وسياسية .قناة الجزيرة القطرية يديرها وضاح خنفر وهذا ينتمي الى الاخوان المسلمين ولا ننسى استضافة وتجنيس قطر للقرضاوي الذي هو الاخر اخواني وكذلك احمد منصور الذي يعتبر من اخوان المسلمين من الجيل الثاني والذي يقدم برنامجين من على الجزيرة هما ( شاهد على العصر ) و( بلا حدود ) كما وانها خصصت برنامج وثائقي عن حسن البنا مؤسس اخوان المسلمين بثته في شهري الاول والثاني من عام 2006 ، ومعلوم طبيعة العلاقة بين الاخوان ومبارك حيث هي علاقة انتقاد واعتقال فجاءت افرازات مدير الجزيرة مع مفتيها القرضاوي بتسليط الضوء على ضرورة رحيل مبارك .اذن لا استقلالية ولا مهنية للجزيرة في تعاملها مع الملف المصري الذي سيسعد مقدم برنامج الاتجاه المعاكس الذي اصبح الاتجاهات المعاكسة
https://telegram.me/buratha