حافظ آل بشارة
مازالت عقدة الوزارات الامنية مهيمنة على أجواء الحكومة والبرلمان ، مرة أخرى تفشل الكتل في تقديم مرشحين ومرة اخرى يلعب الفساد السياسي والمحسوبيات الحزبية دورها في ابعاد الرجال المناسبين والبحث عن امعات ومجاهيل واعضاء حواش خاصة ، ويتصاعد فقدان الثقة بين الشركاء فكل طرف سياسي يخشى ان يكون الوزراء الامنيون من الطرف الآخر او من المتعاطفين معه سرا المستقلين علنا ، هذه المخاوف هي امتداد لمخاوف قديمة مازالت تتحكم بمواقف البعض وقراراتهم ، من المؤسف ان تتحول القضية الى ملف غير متوقع يزداد تعقيدا بمرور الأيام ، فيما يسود اعتقاد بأن تأخر تسمية هؤلاء الوزراء يساعد على تفاقم الارهاب والجريمة المنظمة في البلاد وسيدفع اليأس معظم الناس الى التعايش مع ظاهرة فقدان الأمن وقبولها كأمر واقع بما يعد تطبيعا للجريمة وتعويدا عليها ، سيكون لهذا التحول آثار سياسية ثقافية فعندما يشعر المواطن بأن ثمرة التغيير الديمقراطي في البلد هي مجرد بناء نظام سياسي يهيمن عليه الارهاب والفساد وقد تحول الى عالة على البلد ، في هذه الاجواء المثيرة للغضب قد يثور الشارع ويقلب ظهر المجن للنظام الذي انتخبه ويصبح طي صفحة الديمقراطية مطلبا ملحا. وعندما تواصل الحكومة تاكيد شرط استقلال الوزراء الأمنيين فمع الميزة الايجابية لهذا الشرط هناك نتائج سيئة اهمها رفض توزير كثير من الشخصيات الكفوءة والمخلصة لمجرد انها محسوبة على احزاب والبحث عن مجهولين بحجة انهم مستقلون حيث لم تعد الاولوية للنزاهة والكفاءة والمهنية ، كانت القوى المؤثرة ترفض من وراء الكواليس ان يكون المرشح لوزارة أمنية حزبيا والآن ترفض ترشيح المستقل الذي يتبناه حزب ايضا ، وعندما يتاخر حسم هذا الملف تبقى كثير من الاستحقاقات الامنية اداريا وميدانيا قابلة للبحث التنفيذ ، يمكن للمعنيين بالشأن الأمني من درجة ادنى العمل لاصلاح الدوائر والقيادات الميدانية في الوزارات الأمنية وهي واجهات تنفيذية اكثر أهمية من موقع الوزير ومكتبه والمحيطين به . واذا اهملت تلك الاستحقاقات بحجة تأخر تعيين الوزراء الأمنيين فسوف يصل التدهور الأمني في العراق مديات جديدة وقد يضطر الناس تدريجيا الى خيار الدفاع عن النفس بالاعتماد على المبادرة المدنية الشخصية التي تكون نتائجها غير مضمونة و تؤدي عادة الى عودة نشوء المليشيات المتقابلة فتدفع الوضع باتجاه مزيد من التوتر ، ويعد احياء المليشيات أحد أهم اهداف الارهاب وحواضنه . وفي مواجهة وضع محبط كهذا يرى الشعب ان المفزع الأخير هو مجلس النواب ، وانهم انتخبوا هؤلاء النواب لكي يقفوا معهم في الشدائد ، وسبق ان مر العراق بازمة تشكيل الحكومة التي استمرت عدة اشهر وقال الناس ان على البرلمان قول كلمته بهذا الصدد ولكن البرلمان في حينها لم يكن لديه شيء يقوله ، واليوم يعود الجمهور ليضع النواب أمام مسؤولياتهم ويطالبهم بأن يتدخلوا لحسم ملف الوزارات الامنية فهل ستكون لمجلس النواب كلمة الفصل ام سيواصل الصمت ؟ .
https://telegram.me/buratha