حافظ آل بشارة
يشعر الامريكيون بمزيد من القلق كلما تذكروا موعد انسحابهم المقرر من العراق نهاية هذه السنة ، انهم اكثر قلقا من العراقيين لانهم يعتقدون بأنهم حققوا انجازا كبيرا لا يريدون ان ينهار بانسحابهم ، بعض العراقيين لا يقلقون اما لانهم لا يعرفون قيمة ما تحقق حسب التوصيف الامريكي أو لا يعترفون به او لأنهم يعتبرون المشكلة خاصة بالامريكيين ! يترتب على حكومة المالكي ان تدرس قلق واشنطن ومبرراته خاصة وان تقرير المفتش العام لإعادة إعمار العراق أكد أن الثغرات التي تواجهها قواته قد تشكل تهديداً للإنجازات الأمنية بعد الانسحاب النهائي مركزا على ضعف البنية التحتية والتموين للقوات المسلحة العراقية وانتشار الفساد في اوساطها ، لم يأت التقرير بجديد ولكن مكابرة بعض الناس تجعلهم يرفضون الاعتراف بما يقوله الاحتلال ويتهمونه بتوفير ذريعة للبقاء في هذه (الصبخاية) التي تعوي الريح في جنباتها تاركين وراءهم ما رزقهم الله تعالى من جنة ارضية يعرفها ابناء مسؤولينا ، يقولون انهم طامعون بنفطنا ، وهم الذين علمونا ما هو النفط واكتشفوه واستخرجوه وصنعوا له المصافي ومدوا لنقله الانابيب وشيدوا الموانئ وصنعوا البواخر العملاقة لنقله ، ومع ذلك يشترونه ويدفعون لنا المليارات ولا يسرقونها بل يسرقها رجالنا الاشاوس رافضو الاحتلال ، كثير من العراقيين لا يستطيعون القول بصراحة بان القلق الامريكي على العراق بعد الانسحاب قلق مشروع لانهم يخافون ان يتهموا بالعمالة لامريكا والسعي لاطالة عمر الاحتلال لكن رئيس أركان الجيش السيد بابكر زيباري قال في آب الماضي أن العراق يظل بحاجة لمساعدة الولايات المتحدة أمنيا حتى العام 2020 وهو ينطلق من مهنيته دون اي اعتبار آخر ، المفتش الامريكي لم يقل الا الصدق في تقريره ، وعلينا اضافة شيء لتقريره ملخصه ان الامن في العراق اذا لم يهدده الفساد والفوضى في الوزارات الامنية سيكون مهددا بسبب زحف التسييس على الملف الامني وانعكاس الصراع السياسي عليه مباشرة ، كان العراقيون يعتقدون ان الفرج الالهي يأتيهم عندما تشهد بعض دول المنطقة اضطرابات سياسية حادة وتهتز انظمة الحكم ولم يعد هناك من يمول الارهابيين ويدربهم ويرسلهم الى العراق ، لكن اتضح اخيرا ان القوى الوطنية هي الاخرى توجه ضربات خطيرة الى الوضع الامني اقسى من الضربات التي يوجهها الاعداء ، نواجه اليوم دوامة الخلاف الذي لا ينتهي حول الوزراء الامنيين ، كما نواجه تسييس التعيينات في المواقع العسكرية وتغييب المهنية ومعاييرها ، اذا كان الامريكيون يخشون على منجزهم الامني في العراق ، فيجب على العراقيين الغافلين ان يخشوا على المدى البعيد ان يؤدي الصراع على السلطة الى خلط السياسي بالعسكري لنحصل على مؤسسة عسكرية فاسدة متحزبة تتحين الفرص لسرقة السلطة ، لتكرر وقائع الفلم الذي بدأ بعد ثورة العشرين اذ اصبح البلد وتاريخه وثقافته ودوره الحضاري واحزابه في خدمة العسكر ، اليس هذا خطرا يجب ان تقرع له الأجراس ؟
https://telegram.me/buratha