عمار العامري
لم تكن تظاهرات شارع المتنبي قبل فترة على نقص الخدمات وتكميم الأفواه مجدية ولكن شرارة انتفاضة الخبز التي تفجرت في قضاء الحمزة الشرقي أعلنت عن تحرك جماهيري عام في العراق متزامنا مع ما يحصل في الدول العربية ومعبرا عن الغليان المخفي لدى الطبقة المثقفة والنخب والشباب في العراق وهذا التحرك يدق جرس الإنذار في ناقوس النظام القائم في العراق وقد تتطور الإحداث إلى عواقب غير محمودة وهذه أشارة إلى التدخل المتوقع من قبل الأجهزة الأمنية وحتى قطعات الجيش إذا اقتضى الأمر والسبب يعود إلى أن بعض عناصر الجيش والشرطة العراقية ينقصهم الوعي الوطني وثقافة التعامل مع هكذا إحداث والتي يفسرها أولئك بان أي تظاهرة جماهيرية تخرج للتعبير عن حالة معينة تخص النقص الحاصل في مفردات البطاقة التموينية والتي تعتبر عصب الحياة في العراق خاصة أو قضية تردي الكهرباء التي باتت مستعصية رغم الوعود التي يقطعها الوزراء المتناوبين على الوزارة ناهيك عن التلكا الفظيع في خدمات البنية التحتية في بعض المحافظات بأنها تظاهرات تريد أن تخدش عرش السيد المسؤول مع أن أصابع الاتهام تتوجه نحو الحكومات المحلية غير المنسجمة في اغلب المحافظات على خلفية الصراعات السياسية بين كتلة المحافظ وكتلة رئيس مجلس المحافظة وهذه الحالة أصبحت شائعة جدا مما تظهر المؤشرات خطر تنامي سيطرة الجماعات والأفراد والعشائر على زمام الأمور في المحافظات وتحويلها إلى دكتاتوريات مصغرة تسيطر على مقدرات المحافظات وتفرض هيمنتها بقوة السلاح على جميع مرافقها الحيوية وتحاول بطريق الفساد الإداري والمالي المشرعن أن تنهب كل شيء وتحوله إلى حسابها الخاص للاستفادة منه في شراء الذمم وتغير وجهات النظر لاسيما في مراحل الانتخابات التي تعتبر منعطفات التغيير الحقيقية في العراق ألا أن الأساليب المستخدمة والتي فاض منها الكيل باتت اكبر آفة تهدد مصير النظام السياسي في العراق والتي أسس على نظم ديمقراطية تعددية نتيجة مهزلة سيطرة فئة معينة على دفة الحكم في العراق طيلة 35 عام. أن منطقة الحمزة الشرقي باتت تلوح في الأفق ملامح كونها الرميثة عام 1920 أو ذلك الشاب التونسي الذي احرق نفسه ليصبح شرارة التغيير التي تعم بوادرها الدول العربية بعد أن كانت الزلزال الذي ضرب عرش زين العابدين بن علي في تونس وامتدت نيرانها لتحرك ميدان التحرير في القاهرة ألا أن هناك ثمة فروق بين الأوضاع العراقية من جهة والعربية من جهة أخرى وهو درجة الوعي الوطني والسياسي الذي تتعامل به الشعوب اتجاه الأنظمة الحاكمة والثقافة التي تحاكي رقي التعامل الجماهير والحكومة في العراق فان تكميم الأفواه وشراء الذمم والضرب بيد من حديد وبشكل علني لن يخجل مستخدميه في ظل النظام السياسي في العراق رغم النقص الحاد في قوت المواطن العراقي (الخبز) لذا من الصعب التكهن أن الحكومة الاتحادية تنصاع لمتطلبات الجماهير الهائجة من اجل العيش بحياة كريمة والتي شاهد الجميع أبناء الحمزة الشرقي يرفعون شعار(هيهات منا الذلة) وإخوانهم في الأجهزة الأمنية يصوبون أفواه بنادقهم اتجاه صدور المتظاهرين.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha