حافظ آل بشارة
تواصل دوائر السلطة في العراق توجسها مما يجري في الشارع العربي من تظاهرات واحتجاجات شعبية تطالب برحيل الحكومات وتغيير النظام السياسي القائم ابتداء من تونس وليس انتهاء بمصر ، عندما تكون انظمة الحكم متشابهة فسوف تتشابه أزماتها ، وبدلا من أن تواصل الحكومة في العراق مبادراتها لتحسين صورتها واثبات نجاحها تتخذ قرارات بحاجة الى مراجعة دقيقة ، ففي هذه الايام الحساسة بالذات انتشر خبر يقول بان الحكومة تسعى الى توظيف النواب والوزراء وكبار المسؤولين المتقاعدين كمستشارين يعملون بعقود ، انهم ابطال الفلم الدائمون ، ويمكن نقد هذه المبادرة الاستفزازية من عدة وجوه واثبات انها مبادرة خطيرة ، هناك اعتراض على صلاحية اؤلئك الوزراء والنواب وكون اغلبهم كان موضع نقد من داخل مؤسسات الدولة وخارجها ، فبينهم من تصفهم الحكومة نفسها بأنهم ضعفاء وفاشلون وبعضهم متهمون بالفساد او كانوا يمارسون الارهاب ، وحتى لو كانت تلك الاوصاف مجرد تهم فهي كافية لاثارة الراي العام بازاء هذا القرار ، وكانت المراجع السياسية والحكومية تبرر اختيار هؤلاء آنذاك لمواقعهم متذرعة بالوضع غير الطبيعي الذي يمر به البلد ، ومن ناحية النواب يعدونه من مساوئ القائمة المغلقة والتوافقات السياسية السابقة التي تضحي بشيء من اجل شيء آخر وقيل ان العراق كلما استقرت اوضاعه السياسية والامنية يقترب اكثر فأكثر من المهنية ويضع عناصر الكفاءة والنزاهة كأساس للتوزير او الترشيح النيابي ، الرأي العام يفسر هذا القرار بأنه تقديم مكافئة لبعض الذين كانوا غير لائقين لمواقعهم ، خاصة وان القرار في حال تطبيقه سيواجه مفاجئات فهو لن يتمكن من اختيار اشخاص وترك آخرين وستكون القضية مجددا خاضعة للتوازن السياسي والمحاصصة والنقاشات المطولة وحلا للنزاع سيشمل القرار الجميع ، وليس هذا هو الخلل الوحيد المتوقع بل هناك مخالفة واضحة لمبدأ تجديد الدماء والطاقات وفتح الباب لتطوير الموارد البشرية التي تقدم خدماتها التخصصية في اطار التنمية الشاملة التي ينفذها العراق ، والمعروف ان انغلاق الدوائر القيادية والوزارية على وجوه معينة وتكرارها في مواقع القرار يفسر في الشارع على انه احتكار للعمل السياسي والحكومي والسلطة وحرمان البلد من الطاقات الهائلة التي يجري تهميشها ومنعها من الوصول الى المواقع العليا وعدم الانفتاح على اجيال من القدرات الوطنية المعطلة ، وربما يمكن تمرير قرار كهذا بدون اعتراض لو جرى في ظروف اخرى ، أما الظروف الحالية فهي غير مناسبة بتاتا بسبب فقدان الثقة بين الجمهور والدولة على خلفية تفشي الفساد والارهاب واعتراف الدولة بذلك ، هذه الاعتبارات مجتمعة تجعل اتخاذ قرار كهذا مثار جدل بين الناس وقد يؤدي الى احتقانات في الشارع خاصة وان الشارع العراقي هو امتداد للشارع العربي الملتهب ، المطلوب ان تتبع الحكومة مبدا الشفافية في هذا الموضوع وتشرك مجلس النواب فيه ، وتبادر الى احاطة الرأي العام بالحقيقة قبل ان تتحول الى سبب آخر لمزيد من الاحتقان .
https://telegram.me/buratha