جواد العطار
شهدت بغداد وبعض المحافظات في الايام القليلة الماضية، جملة من المظاهرات المطالبة بالخدمات الاساسية والمواد الغذائية تارة وبالامن تارة اخرى، في مسلسل على غرار ما حدث ويحدث في بعض الدول العربية وخصوصا مصر. ومع ما يذهب اليه الكثيرون من ان العراق سباق لمحيطه في مجال تطبيق الديمقراطية وان البلد تحكمه نتائج صناديق الاقتراع ، وان أية مظاهرات او انتفاضات مشابهة لما يجري حولنا تعتبر في اطار الخروج عن العملية السياسية او طريقة جديدة لتخريبها، ومع اقترابنا من مرور عام على اجراء الانتخابات التشريعية في السابع من اذار 2010، فانه يجب اضافة وتثبيت الحقائق التالية :1. ان البرلمان الجديد لم يمض على انعقاده الفعلي سوى ثلاثة اشهر، حيث عقدت جلسته الخاصة بانتخاب الرئاسات الثلاث بتأريخ 11 تشرين الثاني 2010 . 2. ان الحكومة لم يمض على تشكيلها سوى شهران، ولم يكتمل نصاب اغلب تشكيلاتها الوزارية ، وبالذات الأمنية منها لحد الآن . لذا لا يعقل ان تطالَب الحكومة والبرلمان بتغيير الحال وتحسين الخدمات في هذا الوقت الضيق، او الحكم عليهما وتقييم ادائهما دون اعطائهما المجال والوقت الكافي واللازم لممارسة عملهما. وهل يعقل ان يخرج الناخبون على الحكومة والبرلمان وهم الذين منحوهما الشرعية واوصلوا الحكومة الى ما هي عليه لتعمل من اجلهم ويتحدث البرلمان في مراقبتها نيابة عنهم ؟ بالطبع، نعم، يعقل تظاهر الشعب اذا كان سلميا، ويجوز في النظام الديمقراطي الذي يمتلك المرونة اللازمة لتبادل الادوار متى ما اخل احد طرفي اللعبة الديمقراطية ( الشعب والحكومة ) بشروطها، او شعر احدهما بحيف او ظلم وقع عليه . واليوم مع دعوات عقد القمة العربية ببغداد المزمعة في آذار المقبل ، يشعر الشعب العراقي بانه جزء من محيطه العربي بعد ان كان منقطعا عنه تماما طيلة السنوات التي اعقبت التغيير وسقوط النظام في 2003 ، ذلك المحيط الذي يغلي وينتفض ضد انظمته الديكتاتورية ، فنرى بعض فئات وشرائح الشعب من المحرومين والمتضررين تتظاهر ضد من انتخبتهم و(تطالبهم ولا تتمنى عليهم وتصفهم بما تشاء ) في فضاء من الحرية؛ يجب ان لا ينكره احد عليهم ولا يمنعون تحت أي ظرف من ممارسته؛ لأنه مؤطر ومكفول دستوريا . لكن على من يحاجج ويمنع ويهدد ويتوعد في الطرف الآخر ؛ الحكومة ؛ باجراءات من قبيل - قطع الشبكة الدولية للمعلومات الانترنت او ايقافها بشكل مؤقت او تطبيق حالات الطوارئ او فرض حظر التجوال او منع التظاهر - ان يؤدي ما عليه. فالنائب يجب ان يعمل ويبذل ما بوسعه في خدمة ناخبيه لتعويض ما فاته من الوقت، وعلى الحكومة ان تستوفي شروط تشكيلتها لتحقق التناغم المطلوب في نجاح عملها . ومتى ما تضافرت شروط تقديم الخدمة للمواطن ( الناخب )؛ على كافة مستوياتها؛ امِنّا يوم ذاك جانب المواطن فيما يعمل وما يفعل؛ وأمّنا عملياتنا السياسية وتجربتنا الديمقراطية من عدوى المحيط وشرور المتربصين بها .
https://telegram.me/buratha