حيدر قاسم الحجامي
بطاقة عدي و15 الحكومة ! حيدر قاسم الحجامي
نشرت إحدى صحف النظام في نهاية التسعينات خبر مفاده ُ فقدان البطاقة التموينية بأسم عدي صدام حسين الصادرة من وزارة التجارة العراقية وعلى من يعثر عليها تسليمها الى مقر اللجنة الاولمبية ! والى وزارة الأوقاف العراقية ..! والى بيت الحاجة" حسنه ملص " وله ُ الأجر والثواب .
يومها كانت جدتي رحمها الله جالسة عندما اخبرها عمي إن بطاقة عدي صدام " ضاعت " فردت المسكينة ببساطة : (" جا هو هم يستلم كمية فوكاها النوب " ..! ، وسكت عمي دون إن ينبت ببنت شفة لان "الحجية " كانت في طريقها لتوريطه باعتراضها هذا على استلام عدي "للكمية " كما كانت تسميها ..
ومضى الخبر المضحك المبكي ، مضحك لان النظام يظن إن الشعب مغفل الى هذه الدرجة ومبكي لأننا كنا مجبرين إن نصدق ونردد كما تفعل الببغاوات .
ولكننا بعد هذه الأيام المرة المليئة بالفنطازيا استعدنا شيئاً من عافيتنا لان "الكمية" التي كانت جدتي تصر على " تصر " مفرداتها في صندوق حديدي مقفل على كنز فيه عدة كيلو غرامات من السكر والشاي وبضع كليوات من العدس والحمص تحسنت بعض الشيء ، وأصبحت "الحصة " توضع في "البيتونة" لأنها زادت وقاربت إن "تكفي وتزود" وصرنا نشرب الشاي ثلاث مرات في اليوم بدل المرة الواحدة ، وأصبحنا لا نشعر بالحرج من طلب " خاشوكة شكر " زيادة مع الاستكان ، وكلها بفضل اتفاقية عظيمة اسمها " النفط مقابل الغذاء " لا بفضل النظام الذي كان يزايد ويراهن على "تجويع " الشعب وهلاك أطفالنا الذين لا يجدون في صدور أمهاتهم حليباً كافياً لغذائهم ولا يجدون علبة حليب "ديالاك " أو غيرها .
عشنا ونحنُ نتطلع الى يوم نخلص من غول الحصار المدمر ولكننا جميعاً كنا مدركين إن زوال الحصار الاقتصادي لا بد إن يسبقه زوال هذا النظام الجاثم والذي ينهب قوتنا ويبدد ثرواتنا ويتبرع بأموالنا ونحن مثل "بالع الموسى " .
وزال النظام بمجنزرات أمريكا لا بطقطقة المعارضة الفارغة والتي إنها كانت تشبه خنجر عباس بطل قصيدة الشاعر احمد مطر ، و اكتشفنا لاحقاً -إن بعض قوى المعارضة - كانت تعارض نفسها أيضا وأنها ليست سوى مقرات وجرائد موزعة وأشخاص موزعين أيضاً في العواصم مسجلين على شبكات الحماية الاجتماعية في تلك الدول ليس إلا فلا برامج ولا خطط لإقامة نظام سياسي ما بعد الدكتاتورية و لا هم يحزنون .
مع ذلك استبشرنا خيراً فعدي لحق ببطاقته الضائعة ولحقته كل زمرته مروراً بأبيه لكننا فوجئنا إن "كميتنا " بدأت تضيع وتتقلص دون إن نجد إعلانا منشوراً في أي صحيفة يعلن عن ضياعها ولكن بالتأكيد ليس المعلن هذه المرة عدي وإنما الشعب الذي أصبح "الموسى " ينغرس أكثر في "بلوعمه " ً..
فكل الحكومات المتلاحقة بعد " التغيير - الاحتلال" عجزت إن تقول لنا أين ضاعت حصتنا التموينية الشهرية وعجزت كل المليارات العظيمة التي نسمع عنها ولا نراها عجزت إن تؤمن للمواطن تسع كليو غرمات من الطحين وبضع كليوات من السكر والرز ، ونحن ننتظر وننتظر دون جدوى الى إن اطل علينا "الوزير الناطق "علي الدباغ الذي اخبرنا بان مجلس الوزراء قرر منح كل عراقي 15الف دينار عراقي بدل عن مواد البطاقة التموينية التي لم يستلمها ، كان الخبر بمثابة النكتة أطلقها هذا "الناطق الوزير " التي ذكرتنا بذلك الإعلان عن ضياع بطاقة عدي الذي تبين إن يستلم كمية فوق كل ما كان ينهبه من الشعب نهاراً جهاراً .
فكيف يعقل إن يعيش مواطن لا عمل له ولا دخل بــ15 إلف دينار إذا ما علمنا إن غلاء المواد الغذائية وجشع التجار الذين لا يكفون عن امتصاص دماء الفقراء بلا وازع من ضمير كل هذا ينسف حتى الرواتب الكبيرة التي يتقاضها موظفي الدولة وها هم لا يكفون عن الشكوى من ارتفاع الأسعار وغلاء المواد الغذائية وإثمان الخدمات الأخرى ، سؤال يبحث عن إجابة وعلى من يعثر عليه تسليمه الى هيئة النزاهة أو الى احد عمالقة الفساد في وزارة التجارة ...! أو الى الحاجة (..........) وله الأجر والثواب .
https://telegram.me/buratha