حافظ آل بشارة
ما زال العراقيون يحاولون تقليد الشارع العربي في التظاهر والضغط لتلبية طلباتهم ، لكن دعوة التظاهر تواجه خلطا متعمدا يمارسه بعض الخبثاء لتحقيق اهداف فردية ، ويسعى المعادون للعملية السياسية لاستثمار التظاهرات وقد يشعر المتظاهرون بالغضب اذا علموا ان هناك من يريد استغلال مشاكلهم لذا عليهم التحلي بالوعي السياسي وترك الحالة الببغائية ، النظام الديمقراطي يشجع تنظيم التظاهرات الحاشدة والمناداة بمطالب الجمهور المشروعة ، ولكن التظاهرة نفسها تعتبر مشروعا وكل مشروع يجب ان تكون له خطة يعدها أناس واعون لتحقيق اهداف التظاهرة مستخدمين اللافتات والهتافات المتزنة بلا عنف مع حماية الممتلكات العامة ، يجب تحديد هوية التظاهرة او الاعتصام هل هي لتوجيه النقد ام للتعبير عن مطالب ؟ وهل ان النقد يستهدف الحكومة أو نظام الحكم ؟ ولتجنب الخلط تحتاج التظاهرة الى قيادة او مجموعة قيادية تحدد اهدافها ، النظام في العراق نظام ديمقراطي انتخابي جاء بارادة الناس ولا يصح نقده او المطالبة باسقاطه لان النظام البديل له هو الدكتاتورية الغابرة ، يمكن نقد المسؤولين والمطالبة بتشخيص الفاشلين والفاسدين والوصوليين ومحاكمتهم ومعاقبتهم واعادة تشكيل الوزارات والدوائر والمحافظات على اساس الكفاءة والنزاهة . يمكن ان يكون هدف التظاهرة المناداة بأجراء اصلاحات عاجلة في اطار النظام الديمقراطي ، أما المشاكل التي يمكن للتظاهرات ان تعبر عنها فهي عادة : التدهور الامني ، الفساد ، الفقر ، البطالة ، أزمة السكن ، فقدان الخدمات ، توقف حركة التنمية ، شلل الوزارات ، غياب الشفافية ، والغريب ان هذه الامراض هي نفسها امراض البلدان العربية والآسيوية والافريقية واللاتينية وهذا يعني ان امراض الشعوب متشابهة سواء كانوا محكومين ديمقراطيا او استبداديا ربما يتعلق الامر بالانسان نفسه وثقافته وتطلعاته وطريقة فهمه للامور وهذا يعني ان ديمقراطيتنا التي بنيت برعاية امريكية لم تعط ثمرة طيلة 8 سنوات وما زال التشابه قائما بيننا وبين الدول المتخلفة الأخرى بل نحن الاكثر فسادا وفوضى ! بامكان المتظاهرين ان يفكروا بدون استعجال ، عليهم ان يقدموا للحكومة مقترحات حل وليس فقط طلبات ، اذا ارادوا تغيير مسؤول فاسد فعليهم ان ينتظروا ليقدم استقالته ثم يرشح حزبه بديلا عنه والحزب عادة لا يملك افضل منه ولو كان لديه الافضل لرشحه ابتداء فكل بديل سيكون هو الاضعف والافسد والافشل ، هناك مشاكل حلها ليس بيد الحكومة مثل مشكلة البطالة فعلى الجميع ان ينتظروا قدوم الشركات الى العراق وتشغيل العمال والقضية تحتاج الى عشر سنين فما فوق ، أو مكافحة الفساد وهو امر غير ممكن حاليا لأن الفساد تحول الى تقاليد ادارية شائعة ومقبولة وتقول هيئة النزاهة ان بعض الوزارات تدافع عن الفساد وتحميه ! وقد تجد هاتفا ضد الفساد في التظاهرة لكنه لو اتيحت له الفرصة لكان اخطر السارقين ، وربما هناك معترضون على الفساد لانهم لم ينالوا حصتهم منه ، كل المشاكل تشبه هذه المشكلة والنتيجة واحدة ، الذين يفهمون الامور بعمق يشعرون باليأس فيقولون : ما هي فائدة التظاهرات ؟
https://telegram.me/buratha