د.عصام التميمي
ما زال هنك بون شاسع بين جامعاتنا وتكنولوجيا التعليم ، وهنا محاوله للتعرف على الاسباب الكامنه وراء ذلك ومن اهمها افتقاد النظام التعليمي السائد للمرونه وسريعه التكيف مع المستجدات التكنولوجيه وسيطره البيروقراطيه في الادارات التعليميه. كلمة " تكنولوجيا " هي كلمة إغريقية الأصل ، تتألف من مقطعين Techne أي فن Logos أي الخطابة اي فن الخطابه. إلا أن هذا المفهوم أو التعريف تطور مع الأيام ليرتبط بالعلوم التطبيقية وتطورها. وقد شهدت العقود الأخيرة من هذا القرن الماضي تطورات تقنية عديدة كانت محصلتها ظهور بعض الأدوات التقنية المتطورة في كافة مجالات العلم مثل الحاسوب والأقمار الصناعية، وكان من الطبيعي أن تحاول التربية استثمار تلك المستجدات التكنولوجية من أجل تطوير التعليم وتحقيق الأهداف التربوية المعاصرة، وأن تتغير المفاهيم والأدوار الراسخة بما ينسجم وهذه التطورات. فقد تغير دور المعلم بصورة واضحة وأصبحت كلمة معلم / مدرس بمعناها القديم لا تعبر عن مهامه الجديدة وظهرت في الأدبيات الحديثة كلمة مسهل facilitator لوصف مهام المعلم على أساس أنه الذي يسهل عملية التعلم لطلابه فهو يصمم بيئة التعلم ويشخص مستويات طلابه ويصف لهم ما يناسبهم من المواد التعليمية ويتابع تقدمهم ويرشدهم ويوجههم حتى تتحقق الأهداف المنشودة . كما تغير دور المتعلم نتيجة لظهور المستحدثات التكنولوجيه وتوظيفها في مجال التعليم ، فلم يعد متلقيا سلبياً حيث ألقيت على عاتقة مسئولية التعلم الذاتي، مما استلزم أن يكون نشطا أثناء مواقف التعلم ويبحث وينقب ويتعامل بنفسه مع المواد التعليمية المطبوعة وغير المطبوعة ويتفاعل معها . ولقد تأثرت المناهج الدراسية أيضا بظهور المستجدات التكنولوجيه، وشمل التأثير أهداف هذه المناهج ومحتواها وأنشطتها وطرق عرضها وتقديمها وأساليب تقويمها، ولقد أصبح إكساب الطلاب مهارات التعلم الذاتي وغرس حب المعرفة وتحصيلها في عصر الانفجار المعرفي من الأهداف الرئيسية للمنهج الدراسي، وتمركزت الممارسات التعليمية حول فردية المواقف التعليمية ، وزادت درجة الحرية المعطاة للطلاب في مواقف التعلم مع زيادة الخيارات والبدائل التعليمية المتاحة أمامهم. ولقد تأثرت أيضاً معايير الجودة التعليمية بظهور المستجدات التكنولوجيه ، وأصبح الإتقان هو المعيار الأول لنظم التعليم.ان اشاعة مفهوم ( تكنولوجيا التعليم) يستلزم ان تكون البيئه التعليميه مرنه والنظام العام سريع التكيًُف مع المستجدات التكنولوجيه. وقد أدى ظهور المستجدات التكنولوجيه إلى ظهور مفاهيم جديدة في ميدان التعليم ارتبطت بالمستوى الإجرائي التنفيذي للممارسات التعليمية بصفة خاصة مما أدى الى ظهور التعليم المفرد، والتعليم المصغر، والحقائب التعليمية، والتعليم بمساعدة الكمبيوتر، وتكنولوجيا الوسائط المتعددة، والإنترنت، ومركز مصادر التعلم، والمكتبة الإلكترونية، كما ترسخت مفاهيم التعلم عن بعد، والتدريب عن بعد، والمؤتمرات بالفيديو، والمؤتمرات بالكمبيوتر في مجال التعليم.أن تقنية التعليم مجال جديد بالنسبة لغيره من المجالات، والعلوم الأكاديمية الأخرى. وقد أعتمد هذا المجال على علم النفس بفروعه المختلفة، كما أعتمد على علم الاجتماع، ونظرية الاتصال والإعلام، وكثير من العلوم الطبيعية كالفيزياء. ويحتاج الى بيئه اتصالات نشطه بين الطالب والاستاذ تستفيد من اخر ما توصل له العلم في تبادل المعلومات. وأن يكون الاستاذ ملما بنظريات التعلم والعلوم الاخرى ذات الصله. لا بد ان يخضع التدريسي الى دورات تطوير مستمره تزيد من كفاءته المهنيه وتضعه دائما في بؤرة اخر المستجدات العلميه. يجري في الجامعات العراقيه بشكل مضطرد استخدام الحواسيب في التعليم من خلال توزيع جهاز حاسوب (لابتوب) على كل تدريسي، ووجود قاعات حاسوبيه لاستخدام الطلبه وقاعات انترنيت كما تعطى الكثير من الدروس المعززه بالتقنيات والبرامج الحاسوبيه الحديثه كدرس الرسم الهندسى والصناعي بأستخدام برنامج السولدورك (Solid Work) والبرمجه والرياضيات بأستخدام برنامج الماتلاب Mat lab ودرس الهندسه المعززه بالحاسوب. ان بيئه الاتصالات في الوقت الحاضر تتجلى بشكل واضح في شبكة الانترنيت وشبكات الحواسيب او منظومه الحواسيب الخاصه بالمنظمه ( الجامعه او الكليه اوالمعهد) التي من خلالها يتم تداول المعلومات بشكل سريع وفوري. وتخصص الكليات التي تستفيد من تكنولوجيا التعليم موقع لها على الشبكه العنكبوتيه ، لكل استاذ فيها فسحه يتداول فيها مع طلبته كل ما يتعلق بالعمليه التعليميه من محاضرات وحلول تمارين وأسئله كما يقوم الطلبه باعاده الواجبات البيتيه على نفس الموقع والتي يتم تصحيحها من خلال نفس وسائل الاتصال دون تماس مباشر بين الطالب والاستاذ. ومما يؤسف لها ان بيئة الاتصالات الاجتماعيه قد تطورت بشكل كبير من خلال مواقع عامه مثل الفيسبوك والتويتر بينما ما زالت البيئه التعليميه في العراق تعتمد على وسائل قديمه تعتمد اسلوب المحاضره المباشره التي تتطلب مواجهه مباشره بين الطالب والاستاذ.يجب ان تجري محاولات جاده للسعي الى انزال محاضرات كافه التدريسين على مواقع الكليات على الانترنيت وان يكون موقعا تفاعليا بين الطلبه والاساتذه وليس موقعاً اصما لا حياة فيه. ولا نغفل بعض الجهود الفرديه التي يقوم بها بعض الاساتذه في التواصل مع طلبتهم من خلال الشبكه العنكبوتيه بوسائل بسيطه يبتكروها بمبادره فرديه رغم انها لا ترتقى الى الجهد المنظم الذي يجب ان تقوم به المنظمه من اجل استثمار الانترنيت في العملية التعليميه بشكل فاعل ومرن وسريع التكيف مع المتطلبات المستجده لعملية التعلم. وأن يكون متاحا لكافة الطلبه من خلال قاعه خاصه او قاعة الدرس ، تتوفر فيها كافة مستلزمات التواصل من خلال الشبكه العنكبوتيه ، مما يرسخ مفهوم التعلم والتدريب عن بعد ، دون تماس مباشر بين الطالب والاستاذ الا لفترات قصيره لشرح مواضيع ذات دلاله عميقه وبذلك يكون التعلم عن طريق السعي الايجابي للطالب للحصول على المعرفه كما تنادي به نظريات التعلم الحديثه. يغلب على تفكير بعض المشتغلين في حقل التعليم أن الوسائل التعليمية Instructional Aids وتقنيات التعليم Instructional Technology مصطلحان لذات الشيء. وواقع الأمر أن الوسائل التعليمية ما هي إلا جزء من تقنيات التعليم. فتقنيات التعليم هي " عبارة عن عملية منظمة في إطار مفهوم النظم، تقوم على التخطيط وتستخدم أساليب علمية لدراسة المشكلات والحاجات التعليمية بهدف إيجاد حلول مناسبة، وكذلك تقويم ما تتوصل إليه من حلول أو نتائج . في حين أن الوسائل التعليمية "عنصر من عناصر نظام شامل لتحقيق أهداف الدرس وحل المشكلات التعليمية في موقف تعليمي معين".إن الأعتقاد العام هو أن تكنولوجيا التعليم قد تطورت من حركة الاتصالات السمعية البصرية فكان ينظر في البداية لتكنولوجيا التربية على أنها تكنولوجيا أداة حيث كان المصطلح يرمز لاستخدام الأدوات والوسائل والأجهزة للأغراض التربوية ولهذا كان المصطلح مرادفا لعبارة " التدريس بواسطة المعينات السمعية البصرية ".لقد جاء مجال تكنولوجيا التعليم نتيجة لتدفق ثلاثة تيارات معا هي :الوسائل في التعليم وعلم النفس التعليمي وأساليب النظم في التربية
https://telegram.me/buratha