عبدالله علي شرهان الكناني
للشعب العراقي اعداء كثيرون لايمكن عدهم فكثيرة هي الدوافع التي تدفع الآخرين لمعاداة العراق فمن الثرة المالدية الى الثروة الفكرية مرورا بالثروة التأريخية والقيم الرصينة التي يتمسك بها العراقيون بفطرتهم .كل ذلك يجعل العراق هدفا لكل مكائد الحاقدين والمغرضين مما يتطلب اقصى حالات الإستنفار لدى مواطنيه ويتطلب استعدادات عالية المستوى في كل النواحي وتجنب التصديق بظاهر الأمور ودراسة كل تصرف قبل البدء به (فلا أقول عن معدن لماع لونه اصفر انه ذهبا حتى افحصه بفحص الذهب ) ولكننا نجد في الشارع العراقي ما يدعو للقلق حيث يردد الشارع كالببغاء كل ما يريده العدو وهنا بعض الأمثلة :
1- إذا سألت الآن غالبية العراقيين اليوم عن اي الدول العربية المجاورة اكثر ايذاءا للعراق سيكون الجواب مباشرة : الكويت ثم سوريا ثم السعودية ثم الأردن رغم ان الترتيب المنطقي هو (السعودية ثم الأردن ثم سوريا ثم الكويت ) على اعتبار ان الدولة الوحيدة التي فيها تتم الدعوة لقتل العراقيين علنا ومن خلال منابر رسمية هي السعودية ثم الأردن وهو الدولة الوحيدة التي حتفلت بإرهابي قتل العشرات من العراقيين في الحلة وصرح مسؤولوها الحكوميين على ارفع المستويات بتصريحات مضادة للشعب العراقي وفي الجانب الآخر تأتي التي لم يصدر تصريح واحد ضد العراق وكذلك الكويت حيث كل تصريحات مسؤوليهم تصب في صالح العراق ويرفضون اي تعدي على العراق .
2- إذا سألت غالبية العراقيين اليوم أي الدول في العالم تستفيد من العمليات الإرهابية في العراق يقول مباشرة (امريكا ثم بريطانيا ثم ايران ) وقد تجد حالات نادرة جدا ممن يقول تركيا او فرنسا او غيرها بينما تجد المنطق يقول ان امريكا لها مشروع في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص وهذا المشروع كلف الولايات المتحدة اموالا طائلة ولابد لها من السعي لنجاح هذا المشروع ومن متطلبات النجاح هو توفير الأمن والإستقرار في المناطق التي يتولونها كالعراق وافغانستان قد تكون لبريطانيا رغبة في منافسة امريكا في المكاسب المتوقعة من مشاريعها ولكن هي تعتبر شريك للولايات المتحدة في كل المشاريع .
في نفس الوقت ينسى الشارع العراقي ان هناك العديد من الدول التي تستفيد بشكل او اخر من اضطراب الوضع في العراق وعدم استقراره ومثال ذلك روسيا التي خسرت الكثير من المكاسب التي كانت حاصلة عليها بفضل وجود حكومة صدام في العراق وكذلك الصين التي وجدت في العراق سوقا رائجا لبضائعها المتواضعة الجودة وذلك بسبب انخفاض مستوى المعيشة في العراق وهناك تركيا التي تسعى الى تعزيز دورها في المنطقة بدعم هذا تارة والوقوف مع ذاك تارة اخرى للضغط على الاتحاد الاوربي الذي لازال مترددا في قبول انضمامها اليه .
3- بخصوص الفيدرالية ظهر الشعب العراقي مرعوبا من هذه الكلمة وساعد في رعبه هذا ترويج الكثيرين من سياسيي العراق لكي يستفيدوا من ذلك في دعاياتهم الإنتخابية ثم مالبث هؤلاء الذين خوفوا الناس من الفيدرالية مالبثوا ان دعوا اليها بعد توليهم المنصب وتحقيقهم للفائدة من الترويج ضد هذه الكلمة ومثال ذلك مجلس محافظة البصرة المتكون من اغلبية لقائمة دولة القانون التي أظهر رموزها انفسهم وكأنهم المنقذ الوحيد للشعب العراقي من خطر الفيدرالية فكيف يكون نفس المفهوم ليلة امس مرعبا . ثم يتحول بقدرة قادر الى مطلب ضروري .
4- قبل قيام الشيخ صباح الساعدي بإستجواب وزير التجارة الأسبق عبد الفلاح السوداني لم يكن اي مواطن عراقي يشكو من فساد وزارة التجارة رغم مافيها من فساد كبير جدا ولكن الأنظار كانت متوجهة الى وزارات (الداخلية , المالية , النفط , ثم الكهرباء ) رغم ان واقع الحال يقول غير ذلك حيث تغرق العديد من الوزارات بالفساد ولا يوجد من يشكو من فسادها كوزارة الرياضة والشباب ووزارة العلوم والتكنولوجيا وغيرها لكن الشارع لاينتقد سوى الداخلية والمالية ( وذلك بتأثير اعداء الوزيرين السابقين واعداء جهاتهم السياسية ) كذلك النفط لعدم وضوح انتماء الوزير السياسي حيث كان يحسب على المجلس الاعلى ( حسب رأي الشارع ) اما الكهرباء فكان الإنتقاد لها خجولا جدا والكثير في الشارع العراقي كان يبرر عدم تمتع المواطن بالكهرباء بأن الأمريكان هم الذين يقومون بقطع الكهرباء عن الناس ولا ادري اي مستوى من العقول ذاك الذي يصدق مثل هذه الكذبة ولكنها كانت رائجة على كل حال .اما وزارة التجارة فلم يشكو منها احد حتى فعل الساعدي فعلته التي جنى من وراءها عداء كبيرا على المستوى السياسي وعلى المستوى الإعلامي وحتى العشائري ومن الأمور التي لم تكن صدفة هي ظهور مقطع فيديو لأحد مسؤولي وزارة التجارة وهو شقيق الوزير في وضع غير اخلاقي .كان هذا الظهور متزامنا مع حملة الساعدي .وهنا الغريب في الأمر هو تعامل الشارع العراقي مع الموضوع كأنه مفاجأة كأن رواد المنابر لم يتطرقوا اليه مرارا .
5- صفق العراقيون لصباح الساعدي ثم مالبثوا ان صفقوا لبراءة السوداني
6- المعروف ان المفاهيم لاتتغيير بمرور الزمن فالصح صح من ادم الى القيامة والخطأ ايضا لكننا نجد في المجتمع العراقي الكثير من المفاهيم التي تتبدل بمرور الزمن فمثلا في بداية سقوط النظام في العراق كان الكثير من العراقيين يعيبون على المرجعية عدم تدخلها بشكل مباشر في ادارة امور البلد والكثير طالبوا بنظام مماثل لنظام ولاية الفقيه في ايران بل وحاولوا تطبيقه ولكن اليوم نجد نفس هؤلاء يعدون كل نصيحة تصدر من المرجعية تدخلا في السياسة ويحاولون تحميل المرجعية مسؤولية كل اخطاء السياسيين لكون المرجع نصحهم في يوم من الأيام ولم يطبقوا نصيحته .ونجد نفس الذين دعوا الى نظام شبيه بنظام ولاية الفقيه في العراق يدعون الى فصل الدين عن الدولة
7- تعامل الشارع مع دعايات وشائعات الاعداء يفتقر الى الموضوعية والوعي فحين تصدر شائعة ما ينبري المواطن وهو اول المتضررين منها ينبري للترويج لها ولنشرها لأكبر رقعة ممكنة ويستمع الى الشائعة ولايستمع الى ادلة تكذيبها حتى لو كانت حقيقية وحتى لو قام مصدر الإشاعة نفسه بتكذيبها سيقال انه تعرض لضغوط حتى صرت في الكثير من الحالات لا أجهد نفسي كثيرا في البحث عن الحقيقة حيث لدي قاعدة ان كل ما يروج له في الشارع كذب وان عكسه هو الحق .وهناك الكثير من الأمثلة على انسياق الشارع العراقي نحو توجهات العدو دون تدقيق وتمحيص ولولا وجود الحكماء في العراق الذين اشفق عليهم من ثقل العبء لضاعت كل المكاسب التي تحققت بالدم في العراق واليوم هناك تحدي كبير امام العراقيين فهناك من يريد ان يجعل من تردي الخدمات وسوء اداء بعض الساسة وتفشي الفساد المدعوم من العدو يريدون ان يجعلوا من كل هذا سببا لهدم كل ما بناه العراقيون بدمهم من دولة مؤسسات وحكومة منتخبة رغم كل التحفظات عليها ولكنها منتخبة وحازت على موافقة ممثلي الشعب فهم يروجون الى مظاهرات مطلبها الظاهري هو الخدمات ومحاربة الفساد ولكن المطلب المبطن هو ايجاد ميدان تحرير في العراق والترويج لإسقاط حكومة في العراق وتضييع دماء الشهداء لإرجاع العراق الى المربع الأول بل الى ما قبله وتمهيد الطريق لعودة الديكتاتورية وذلك من خلال المفاهيم الخاطئة التي روجوا لها خلال الفترة الماضية وأهمها :
1- (كلهم حرامية )والهدف منه زرع اليأس في نفوس العراقيين وبيان ان لا أمل يرجى من الديموقراطية فكل من يأتي من خلالها حرامي .
2- (هذولة اللي اجو من برة ) للتصوير ان كل من غادر العراق في زمن الطاغية هو مواطن غير صالح وذلك تماشيا مع احكام وتصنيف صدام للشعب العراقي حيث كان يصنف كل صاحب رأي بالعميل والخائن ويراد لهذا التصنيف الإستمرار .3- (برعاية فلان ) (بأمر فلان ) تكتب هاتان العبارتان على واجهة المشاريع التي تنفذ في عهد المسؤول وقد تعودنا عليها في زمن الطاغية ( برعاية الرفيق القائد حفظه الله ورعاه وووووو ) ولكن المشكلة اننا نجدها اليوم وهي ايضا فاقدة للمشروعية حيث لا يمكن ان يكون المسؤول متفضلا في اداء واجبه فوزير الكهرباء ليس متفضلا في انجاز مشروع للكهرباء من المال العام بل الصحيح ان يكتب ( غصبا على فلان قام بتنفيذ هذا المشروع ) فالعمل واجبه وليس فيه تفضل .ان كل هذه المصطلحات الرائجة في مجتمعنا مع الأسف هي تمهيد لعودة الديكتاتورية فعلى الشارع العراقي التنبه لها والوعي واللجوء الى الحكماء لبيان المصلح والمفسدة
https://telegram.me/buratha