حافظ آل بشارة
لحد الآن لم يناقش مجلس النواب العراقي موازنة 2011 مع ان الشهر الثاني من هذه السنة سوف ينقضي ، بينما تقول معايير البنك المركزي العراقي الذي هو هيئة مستقلة ان هذه الموازنة كان يجب ان تقدم منذ الشهر التاسع من السنة الماضية ! بصراحة يشعر الناس ان حجب الموازنة احسن من تسليمها و يقولون : يجب حماية اموال الشعب العراقي من السرقة والانفاق العشوائي ، مضت سبع سنين ونحن ننفق موازنات هائلة بمليارات الدولارات وهي تعادل احيانا عشر اضعاف موازنات دول في المنطقة بلا فائدة ، مجلس النواب هو الآخر بدأ يشعر بالحيرة امام هذه الارقام الفلكية من الاموال ، اكثر من 86 مليار دولار موازنة العراق لهذه السنة ، مبلغ مخيف وسيذهب ثلاثون بالمئة منه للاستثمار ، مجلس النواب يعرف ان هذه الارقام ليست لعبة ولكن المتحقق من التطور في اي مجال من مجالات العمل الحكومي لا يوازي قيمة عشر هذه الموازنة ، لذا تبقى هذه الموازنات السنوية مجرد انهار نقود تجري لتصب في بالوعة الفساد او الاهمال او الهدر فتثير اسئلة حول الجاني الاصلي لتضع جميع المعنيين في دائرة المسؤولية الاخلاقية والمهنية ، لذا تطالب اللجان المختصة في مجلس النواب ياستدعاء الوزراء ليعيدوا شرح برنامج وزاراتهم للسنة الجارية ليعرفوا مدى مصداقية تلك الارقام التي يطالبون بها ، وتدور اقاويل حول تصفية حسابات موازنة السنة الماضية والخلل القائم في تفاصيلها ومواعيد تسليمها واقاويل اخرى حول جدية برنامج عمل الحكومة لدورة كاملة ، ولا بد من التذكير بأن تسليم الموازنة الحالية وتسلم تصفية الموازنة السابقة بدقة يعتبر فرصة لمجلس النواب كي يمارس عمله الرقابي ، فبأمكانه ان يناقش ما تم انفاقه في السنة الماضية وما سيتم انفاقه في السنة المقبلة ، ومع ان الجزء التشغيلي يهيمن على الموازنة بسبب سعة قطاع الوظائف في الحكومة الا ان ذلك لا يعفي الوزارات من سوء التصرف بالجزء الاستثماري منها ، المطالب الملحة للسنة المقبلة لا يحتاج تشخيصها الى خبراء تخطيط بل يكفي الانصات بدقة لنداء الشارع حيث يكاد الشعب العراقي ان يفقد السيطرة على اعصابه ويحولها الى جولة مصرية او تونسية ، الناس ينادون باعادة البطاقة التموينية الى سابق عهدها وبكامل مفرداتها ويطالبون بحل مشكلة الكهرباء حلا جذريا ، وقد واجه الشارع الحكومة الف مرة بهذين المطلبين ، الجواب الحكومي اغرب من المشكلة نفسها فالحكومة تقول بصراحة : ليس لدينا مشكلة اموال ولا مشكلة خبرة في التخطيط ولا مشكلة شركات تقوم بالتنفيذ ، ان مشكلتنا الفساد ، هذا البلد وصلت ازمته الى مستوى فقدان العاملين الذين يتوفر لديهم الحد الادنى من النزاهة لتنفيذ المشاريع ذات المساس المباشر بحياة المجتمع ، يعني (الحرامية) في مواقع السلطة والشرفاء غائبون ، يمكن ان يغضب الشعب ويتظاهر وتسقط التجربة السياسية ويعود العراق الى عهد الاستبداد ويحدث مايحدث كل ذلك بسبب اللصوصية الحكومية فهل تصدقون ذلك؟ اذا كان هذا هو اصل المشكلة فما فائدة كل هذه الاموال ؟ هل هي مكافئة جديدة ينتظرها اللصوص الوطنيون ؟
https://telegram.me/buratha