مقال للكاتب والإعلامي قاسم العجرش
بلورة نظام ديمقراطي جديد في بلد خضع لديكتاتورية تأصلت في النفوس، ليست حدثا دراماتيكيا ينجز مرة واحدة، بل هو سلسلة من السياقات الطويلة التي تستدعي تطورات تدريجية، فهو بالحقيقة يعني خلق شراكة بين قوى متعارضة وترتيبات اجتماعية مختلفة، وهذا لا ينشأ بين ليلة وضحاها.
فالثورة الفرنسية أسقطت دفعة واحدة الملكية المطلقة، ولكن في أعقابها جاءت سنوات من الاعدامات العلنية، الارهاب اليعقوبي، الرجعية البشعة والفاسدة وحكم الطغيان في شكل القيصريات النابوليونية. أما الديمقراطية فلم تنشأ بين ليلة وضحاها جراء الهجوم الشعبي على الباستيل: ولم تحظ فرنسا بنظام ديمقراطي مستقل إلا بعد نحو مئة سنة فقط من ثورة سنة 1789!...
الديمقراطية العراقية لن تشذ عن هذه القاعدة قطعا، وسنحتاج الى وقت طويل حتى يمكن أن نوصف بأننا ديمقراطيون..لكن المدهش في حالتنا هو إننا ومنذ ثماني سنوات من سقوط الديكتاتورية ونشوء النظام الجديد ، نقبل بخداع من يخدعنا ونصدق أن هذا النظام ديمقراطي ديمقراطية كاملة وحقيقية..! ولنسأل انفسنا مثلا: ما معنى أن يتقاضى عضو المجلس البلدي لقضاء او ناحية تقاعد بمقدار تقاعد المدير العام، عن خدمة قضاها في السرقات وبيع النفط بالسوق السوداء أمدها أربع سنوات!؟ والسؤال الثاني :لماذا نحن البلد الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يمنح النواب تقاعدا مع أن خدمتهم خدمة موازية لنشاطهم المهني السابق لإستنابتهم!؟ وسؤال آخر عن المجلس الوطني للسياسات: هو أنه إذا تشكل وفقا لمشروع قانونه الذي يقول: بأن قراراته ((ملزمة)) إذا أتخذت بأصوات 80% من أعضاءه، فما يتبقى من دور لمجلس النواب الذي أنتخبناه بدمع العين وما جرى!؟ ثم ما حاجتنا لأربعة نواب لرئيس الجمهورية وهو منصب ليس تنفيذيا بالقدر الذي يحتاج الى هذا العدد من النواب؟ وبعد...فلدينا الآن وزارات عديدها يكفي لثلاثة شعوب أو أربعة بحجم شعبنا ، فما السر الذي يقف وراء ذلك ترى؟ ..ومع ذلك نقول أن المرحلة تقتضي ترضيات سياسية على حساب جوعنا وعرينا وخراب بيوتنا، ونقبل كل ذلك على مضض على أمل أن يصحو الساسة ويلتفتون الى الوراء ويخجلون مما فعلوه بنا.. لكن الذي لا نستطيع أن نفهمه ولا نتجرعه ولا نهضمه ولا نتقبله ولا نتعايش معه ولا ..ولا هو وجود وزارة الناطق بأسم الحكومة...!
سلام....
https://telegram.me/buratha