المقالات

دور العنصرية في التأثير على ثقافة المجتمع الفصل الحادي عشر

3708 08:02:00 2011-02-19

محمود الربيعي

مقدمةإن منشأ الصراع العنصري بأشكاله المتعددة القومي والديني والطائفي له دوافعه وآثارة وقد تقف وراءه مجموعات متطرفة لاتؤمن بمبادئ التعايش ولاتتخذ في حياتها سلوك الإعتدال سواء ظهر ذلك في الأفكار والمناهج، ومثل هؤلاء لايستطيعون التفاهم مع الآخرين أوالتعايش معهم رغم وجود أكثر من جامع يمكن أن يجمعهم.إن مثل هذه الأفكار المتطرفة كثيراً ماتقود الى حروب ودمار.. وبدلاً عن التقارب والإندماج في المفهوم الواسع للإنسانية فإنها تتخذ لها أوكاراً وملاجئ تخرج منها على الناس بكل ماتحمل من حقد وكراهية تجاه الآخرين من بني الإنسان، ونحن نعتقد بإن ذلك يعود إما الى الجهل والغرور أوعدم إلقدرة على إستيعاب المعاني الجميلة للحياة.

إن الإنسان الطبيعي السوي سواء كان مؤمناً بالخالق أم لايؤمن فهو إجتماعي الطبع نقي السريرة لولا الإتجاهات المنحرفة التي تعشش في محيطه الذي من حوله، لذلك فليس من الغريب أن نجد تزاوجاً إنسانياً بين الأبيض والأسود وبين هذا وذاك من الناس، وهم في ذلك يقتربون من بعضهم عندما تتحرك الأحاسيس الجميلة في قلوبهم وعقولهم وضمائرهم ومتى تحركت عواطف المحبة والإستئناس فيما بينهم عندئذ لايبقى أي أثر للأنساب والالوان واللغات، وتلغى فكرة الطبقية فيما بينهم فلا فرق بين غني وفقير ولاتفاضل بين رجل وإمرأة ولاسادة وعبيد بل النظر كل النظر الى مقدار مايقدمه الإنسان من خير للآخرين.

آثار الصراعات العنصرية ظهرت الأديان والقوميات والطوائف منذ القدم ونتيجة للتطور الحاصل في كل منها مع عمليات الإستبدال والتغير فيها نشأ الصراع بينها فالصراعات الدينية نشأت بين معتنقي الأديان حتى آلت في النهاية الى ثلاثة أديان رئيسية هي اليهودية والنصرانية والإسلام وقد يقول البعض أن هناك أديان وبقايا أديان، فنقول نعم هناك أديان أخرى كالصابئة والبوذية وغيرهما من الأديان، ومن الجدير بالذكر أن الجميع يعتقد بأنه هو الأفضل، وأصبح بعضهم يكذب البعض الآخر ويسفه الآخرين، ومع ذلك توجد هناك محاولات طيبة من بعض الزعماء والقادة تدعو الى التفاهم والتقارب والتعايش وماأجمل هذه الدعوات، وماينطبق على الأديان ينطبق على القوميات أيضاً.

مشروع التعايش بين الناسلقد حاول البعض من المتفتحين أن يقدم مشروعاً للتعايش فيما بين مختلف الطوائف والأديان والقوميات من أجل تقليل الفجوة فيما بينهم والجمع على كلمة واحدة هي كلمة التقوى والأخذ بالعمل الصالح متسلحين بالوسائل السلمية ومعتمدين على الأسس الإنسانية التي تحترم الجميع وتتجمع حول نقاط الوحدة.

قدرة المنهج المعتدل على التعايشفالخلاف إذن قائم بين الفرق والمذاهب كما هو قائم بين أهل الأديان والقوميات وهو لاينحصر أو يقتصر على هذا الطور بل يتعداه الى الخلاف مع العلمانيين والوجوديين، لأن هذه الإختلافات سنة من السنن الطبيعية بين البشر، إذ أن العقول مختلفة والكبائع متباينة والمهم في الأمر أن تجد من هو قادر على تجميد تلك الخلافات والصراعات ليحفظ الأرواح والأعراض والممتلكات ويأخذ بمنهج السلم والتعايش مع الأخذ بنظر الإعتبار خصوصية كل منهم.

خطر التطرف ولقد إعتاد الناس على وجود الإختلاف بين الشعوب والقوميات التي تقوم على أساس العنصر المتمثل باللغة أو اللون أو العقيدة كما أن هذا الإختلاف والتنوع الجميل بين أفراد المجتمع الإنساني يعمل على نمو الفكر والتصور في عقلية الإنسان وتجعله متذوقاص للتباين والإختلاف ويوجه الى حصول المعرفة الإنسانية ومحاولة التطلع الى ماتنتجه الشعوب من فكر مبدع خلاق وتطور يخلقة الإنسان في جميع شؤون الحياة التي تقدم له منفعة وهي نظرة إيجابية تجاه الكون والحياة، لكن النظرة السلبية قد تقود في كثير من الأحيان الى الحروب والإقتتال والى الدما والخراب والخسائر في الأموال والأرواح وتخريب البيئة عندما يفكر أحدهم بالهيمنة على غيره.

فرص التفاهم والتعايش المشتركوهناك فرصاً واسعة وكبيرة لإقامة علاقات طيبة مبنية على حسن الجوار والإحترام المتبادل تقود الى التفاهم والتعايش منها:أولاً: مشارع التنمية: فمن وجوها التنمية الإقتصادية والتجارية كالإعمار والبناء وتأسيس الشركات والبنوك وتنشيط وسائط النقل والمواصلات، بالإضافة الى مختلف جوانب التنمية الثقافية عن طريق إنشاء المكتبات ودور النشر، كما أن التنمية الصحية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تقديم الخدمة للناس كبناء المستشفيات والدوائر الصحية وكل ذلك سيسهم حتماً في تحسين الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية للشعوب والجماعات.ثانياً: تبادل المنفعة: ويعتبر هذا المجال من أوسع المجالات التي يمكن أن تقود الى التعايش المشترك وخصوصاً في مجال التجارة والتبادل التجاري في السلع والمواد والنقود وغير ذلك من الوجوه النافعة لكل الأطراف.ثالثاً: التكامل الإقتصادي: ويمكن للدول والمجتمعات والأفراد أن يسهموا في تنمية هذه الوجوه عن طريق تبادل الزيارات والوقوف على إحتياجات كل طرف منهم والإسهام في تزويد بعضهم البعض مايسد النقص والعوز في قطاعي الصناعة والزراعة وفي أوجه الإنتاج والإستهلاك معاً.رابعاً: الفن: وبالنسبة للفن فإنه باب واسع ينفتح على الناس على إختلاف شرائحهم كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءاً، عُرُباً وأَعاجِمَ ومن مختلف الجنسيات، رغم تعدد اللغات خصوصاً إذا ماعلمنا أن باب الترجمة أصبح أمراً ميسوراً للجميع بعد التطور التكنولوجي الحادث لشبكة الإنترنيت، كما أصبح للدبلجة مكانة مهمة في حياة الناس في أبواب الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية.كما يمكن للمسرح أن يكون في خدمة المجتمع ليقدم فناً جيداً ويؤدي رسالتة الإنسانية.ويمكن للإذاعات أن تسهم في التواصل بين الشعوب وتساعد على نقل الخبر رغم طول المسافات ليسهم في توطيد العلاقات والمشاعر الإنسانية المتبادلة.كما تلعب الصحف والمجلات والنشرات والكتب دوراً لايقل أهمية في الحضور الإنساني.وهناك وجوه أخرى للفن كالرسم والنحت وغيرهما من الفنون الجميلة التي تلعب دوراً في تأصيل الثقافة ونشرها في العالم ولعل رساماً ونحاتاً أثَّرَ في الناس أكثر ممن أثََرَ أياً من الناس في مجال آخر.ولقد لعبت الجامعات والكليات والأكاديميات والمعاهد المتخصصة في وجوه الفن المختلفة دوراً أساسياً في تطور الفن في العالم وتشكلت وزارات لترعى شؤون الفن والشباب بما يعزز الوحدة فيما بين الناس.خامساً: الرياضة: وفي مجال الرياضة يمكن تقديم خدمة كبيرة للمجتمع الدولي فمجالات الرياضة والألعاب واسعة جداً كالعاب الساحة والميدان وفنون السباحة وكرة القدم وكرة الماء وكرة السلةولعبة الطاولة ولعبة الطائرةوالتنس وكافة الرياضيات الأخرى كالفروسية والرماية كل ذلك يعمل على توطيد العلاقات بين الشعوب والأمم عن طريق إقامة المباريات والدورات الرياضية، فالرياضة لاتحتاج الى لغة ولا لأية صفة غير صفة الإنسان مهما تعددت جنسياته وألونه و دينه وطائفته وأفكاره فالرياضة خير جامع وهي مع الفن يمكن أن تُشَكِّلا حجر الأساس في الجمع بين الدول وأبناء المجتمع الإنساني في مختلف بقاع العالم.

مساوئ العنصرية والتطرفأولاً: الحروب والإقتتال: إن من آثار السياسات العنصرية والتطرف الطائفي هي الحروب والإقتتال بين الدول والمعسكرات وقد ظهر ذلك في الحقب العديدة الماضية من التأريخ سواء بين الإمبراطوريات أو الدول الكبرى والدول المجاورة والتي كان سببها الطبيعة العنصرية التي إتخذت أشكالاً دينية أو مذهبية كما حدث أيام الإمبراطوريات الرومانية والفارسية أو العصور الأموية والعباسية والعثمانية وفي الحروب العالمية الأولى والثانية بين المحاور المختلفة الألمانية ودول المحور الغربي وأمريكا وروسيا.ثانياً: الدمار والخراب: وكان من نتائج تلك الحروب القتل والدمار وخراب لذي حل بالجيوش والناس الأبرياء بسبب حماقات الساسة والحكام ذوي النزعة العدوانية وقد إستخدم في تلك الحروب القديمة والحديثة أنواعاً من الأسلحة التي ذهب ضحايا إستخدامها الملايين من البشر وبوقت قصير.

الحالة الحضارية في عملية الإندماج الإنساني بين الشعوبقيام علاقات مشتركة تؤدي الى منافع إقتصادية أو إندماج إجتماعي وكل ذلك يعتمد على طريقة التفكير والاسلوب والمنهج.أولاً: تمتين العلاقات الإقتصادية: تهتم الدول والشعوب بالإقتصاد لكونه أحد أهم العناصر الأساسية لبناء الدولة وتأمين إحتياجاتها وعوامل إستقرارها ولاشك إن هذه العلاقات لها صلة وثيقة بالعلاقات السياسية فالشأن السياسي إذا ماأدير بعلم وحكم كان قادراً على تحقيق النجاحات في مختلف الميادين.ثانياً: التجارة بين الدول والأفراد: وتلعب التجارة بين الدول والشركات والمؤسسات والأفراد دوراً هاماً في حركة المال والسلعة والمواد والبضائع وتخلق تلك الحركة مناخاً جيداً في بناء علاقات متينة بين هذه الأطراف وتسهم في عملية البناء والإعمار وتزيد من حالات النمو في كافة المجالات.ثالثاً: تمتين العلاقات الإجتماعية بالزواج وإقامة الأندية الثقافية والإجتماعية والرياضية والفنية، ويمكن لهذه المؤسسات أن ترفع من مستوى الصداقات والتعاون والإنفتاح وإقامة مشاريع مشتركة كبيرة كانت أو صغيرة.رابعاً: السياحة والآثار والإصطياف المتاحف: تعمل السياحة والسفر على إقامة العلاقات الطيبة بين الناس والتعارف فيما بينهم وقد يؤدي الى الإندماج الإجتماعي أحياناً بالزواج وإقامة الصداقات ويخلق جواً من التفاهم والتعاون والتقارب وتبادل الخبرات والمعلومات الى سائر الأنشطة الإنسانية الأخرى ويعزز الحالة الإقتصادية للبلدان.

المعارف الإنسانية المشتركةأولاً: التعامل مع الطبيعة: كل إنسان يؤثر ويتأثر في الطبيعة فهو يتحسس الهواء ويشمه ويطير فيه ويتلذذ بالماء ويمخر فيه ويرتاح لرؤية التراب ويسير عليه وينظر الى الشجر والحجر والجبال والوديان ويجلس الى ضفاف الإنهار والبحار ويعشق رؤية النجوم والشمس والقمر في السماء وكل تلك الأحاسيس جامعة وإن إختلفت الأنظار إليها فالمهم هو محبة الطبيعة والحذر من غضبها حينما يثور البركان أو يبدأ الطوفان أو تهتز الجدران فمنهم من يتضرع ومن يدعو ومنهم من يستسلم ولكن الكل يخاف من سطوة الجبار الذي لايقف أمامه أحد وحينما يحل الدمار يهب الكل لمساعدة بعضهم البعض وهذا هو الإنسان الذي ينسى العداوات والأحقاد والعزة والكبرياء ليبكي على ماصارت إليه الأوضاع وينظر بتفاؤل وأمل ليستأنف الحياة من جديد.ثانياً: إحترام الأديان: لايمكن أن يتساوى إنسانين بنفس الدرجة من الفهم فمهما أطلقنا التساوي على إثنين في إمتحان أو إختبار فإن وراء هذه الدرجات أفهام أخرى قد تشمل الإختلاف في مقدرة كل منهما وعلى هذا الأساس فإن الوصول الى الأفكار والأفهام والإقتراب منها يتطلب نضوجاً معيناً وعندما يقترب النضوج بينهما يصبح من الممكن أن نقول أنهما يتشابهان والمهم في الأمر أنه في مسألة الدين والفكر والعقيدة فالناس أحرار لايمكن أن نفرض عليهم فكر معين أو دين معين أو مذهب معين ولابد أن يحترم بعضهم البعض وأن يتناقشوا ويتجادلوا جدالاً مقنعاً أو يسمع بعضهم للبعض الآخر وهنا تتجلى المعاني الإنسانية للمحبة والتعايش وهنا يصبح كل شئ ممكناً في حياة الإنسان من التقارب والتفاهم والإحترام المتبادل.ثالثاً: إحترام الأجناس: يولد الإنسان ولونه معه فيكون أبيضاً أو أسوداً أو بين ذلك من الألوان فقد يكون أسمراً أو أشقراً أو أصفراً أو أحمرا الى ماشاء الله من الألوان المختلفة التي نراها في ريش الطيور أو قشر السمك والحيتان وجلود الحيوانات وألوان الشجر والنبات.وقد يتزاوج الأبيض والأسود والأحمر والشقر والأسمر والأصفر بناء على الحب والإحترام فيولد منهما من له لون بين هذا وذاك ولكن وفي نهاية المطاف فالإنسان هو الإنسان متشابه الخلقة لإنه ينتمي الى الأصل الذي بدأت به الخليقة يوم تزوج آدم حواء، فما أحلى أن يتعايش الناس وفق هذه المبادئ السمحة ومأروع الحياة عندما يحترم البعض بعضه الآخر.رابعاً إحترام العنصر: وفي الصحاح في اللغة أن العنصر: هو الأصل والحسب. وعلى كل حال يولد الإنسان ويحمل معه كل الصفات الوراثية الطبيعية وغيرها كاللون والطول ويرث من أبويه ومجتمعه اللغة والمكان فلا حول له ولاقوة غير أن يرث كل شئ على ماهو عليه الناس من حوله فيكون من هذا البلد أو ذاك أو في الجبل أو الوادي أو على الساحل أو ضفاف الأنهار وفي بلاد غنية أو فقرة الى غير ذلك من وجوه التباين والإختلاف وعليه لابد أن يقر الناس أنهم أمة واحدة مهما اختلفوا فلهم أصل واحد هو التشابه المطلق في الجسم وطبائعه وغرائزه وحاجاته بحيث يمكن التزواج بين أي إنسانين على الرغم من التباين الطبيعي والموروث ويمكن أن يتحابا ويعيشان معاً بسلام وهم ومن حولهم يتبادلون المنافع ويكمل بعضهم البعض الآخر فلا فضل لأحد على أحد إلاَ بالتقوى والعمل الصالح.

خاتمةإننا إذ نُقِّر بوجود الطوائف كَسُنَّة طبيعية من السنن نحترم كل طائفة من الطوائف مهما أختلف لونها وطيفها، ومهما تعددت لغاتها وأديانها ومذاهبها .. إلاّ أننا نحذر كل الحذر من التفاخر والغرور، والتطرف في الأفكار والمناهج لما تتركه هذه العوامل من آثار سيئة تظهر على شكل حروب وإقتتال وإقصاء، وحقد وكراهية ليس لها مبرراً على الإطلاق.. فالناس سَواءٌ في حياتهم ومعايشهم على الرغم من التباين بين الأفكار والعقائد، وهم قادرون على أن يتشاركوا فيما يرغبون والمجال يتسع للجميع.. فأما الأرض فهي غنية وواسعة، وأما الحياة فهي جميلة.. وأجمل مافيها معاني الحب والإحترام ومناهج التعاون والتبادل المعرفي والثقافي، ولافَضّلّ لأحد على أحد إلاّ بالتقوى وإلاّ بالعمل الصالح.

الملاحق في اللغة، والتفسير والمعنىالملحق الأول: ملحق في اللغة: ومن لسان العرب لإبن منظور: والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من القَبيلةِ وقيل: هو القَبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ. وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القَبيلةِ ثم الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القَبيلةُ ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القَبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ، ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.

الملحق الثاني: ملحق التفسير والمعنى: ومن تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي لآية 14 من سورة 49 الحجرات الآتي ذكرها۱) كلام في اللغة: قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ".الشعوب: الشعوب جمع شعب بالكسر فالسكون وهو على ما في المجمع الحي العظيم من الناس كربيعة ومضر.والقبائل: جمع قبيلة و هي دون الشعب كتميم من مضر.وقيل: الشعوب: دون القبائل و سميت بها لتشعبها، قال الراغب: الشعب القبيلة المنشعبة من حي واحد، و جمعه شعوب، قال تعالى: «شعوبا و قبائل» و الشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف و تفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذي تفرق أخذت في وهمك واحدا يتفرق، و إذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل: شعبت إذا جمعت، و شعبت إذا فرقت. انتهى.و قيل: الشعوب: العجم.والقبائل: العرب، و الظاهر أن مآله إلى أحد القولين السابقين، و سيجيء تمام الكلام فيه.

۲): كلام في التفسير والمعنى: أ - نفي التفاخر بالأنساب والألوان والقوميات والتأكيد على مبدأ التقوى.ذكر المفسرون أن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب، و عليه فالمراد بقوله: «من ذكر و أنثى» آدم و حواء، والمعنى: أنا خلقناكم من أب و أم تشتركون جميعا فيهما من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والعجمي وجعلناكم شعوبا وقبائل مختلفة لا لكرامة لبعضكم على بعض بل لأن تتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا و يتم بذلك أمرا اجتماعكم فيستقيم مواصلاتكم و معاملاتكم فلو فرض ارتفاع المعرفة من بين أفراد المجتمع انفصم عقد الاجتماع و بادت الإنسانية فهذا هو الغرض من جعل الشعوب و القبائل لا أن تتفاخروا بالأنساب و تتباهوا بالآباء و الأمهات.ب - إلغاء التفاضل بين الأغنياء والفقراء.ج - إلغاء الطبقية بين الناس كسادة وعبيد.د - إلغاء التفاضل بين الرجل والمرأة.ه - إحترام الحالة الإنسانية والعمل بمبدأ المساواة.و - ذم التفاخر بالرئاسة والجاه والصيت والجمال.و قيل: المراد بالذكر و الأنثى مطلق الرجل والمرأة، و الآية مسوقة لإلغاء مطلق التفاضل بالطبقات كالأبيض والأسود و العرب والعجم والغني و الفقير والمولى والعبد و الرجل والمرأة، و المعنى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من رجل و امرأة فكل واحد منكم إنسان مولود من إنسانين لا تفترقون من هذه الجهة، و الاختلاف الحاصل بالشعوب و القبائل - و هو اختلاف راجع إلى الجعل الإلهي - ليس لكرامة و فضيلة و إنما هو لأن تتعارفوا فيتم بذلك اجتماعكم. و اعترض عليه بأن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب و ذمه كما يدل عليه قوله: «و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا» و ترتب هذا الغرض على هذا الوجه غير ظاهر، و يمكن أن يناقش فيه أن الاختلاف في الأنساب من مصاديق الاختلاف الطبقاتي و بناء هذا الوجه على كون الآية مسوقة لنفي مطلق الاختلاف الطبقاتي و كما يمكن نفي التفاخر بالأنساب و ذمه استنادا إلى أن الأنساب تنتهي إلى آدم و حواء و الناس جميعا مشتركون فيهما، كذلك يمكن نفيه و ذمه استنادا إلى أن كل إنسان مولود من إنسانين و الناس جميعا مشتركون في ذلك. و الحق أن قوله: «و جعلناكم شعوبا و قبائل» إن كان ظاهرا في ذم التفاخر بالأنساب فأول الوجهين أوجه، و إلا فالثاني لكونه أعم و أشمل. و قوله: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» استئناف مبين لما فيه الكرامة عند الله سبحانه، و ذلك أنه نبههم في صدر الآية على أن الناس بما هم ناس يساوي بعضهم بعضا لا اختلاف بينهم و لا فضل لأحدهم على غيره، و أن الاختلاف المترائي في الخلقة من حيث الشعوب و القبائل إنما هو للتوصل به إلى تعارفهم ليقوم به الاجتماع المنعقد بينهم إذ لا يتم ائتلاف و لا تعاون و تعاضد من غير تعرف فهذا هو غرض الخلقة من الاختلاف المجعول لا أن تتفاخروا بالأنساب و تتفاضلوا بأمثال البياض والسواد فيستعبد بذلك بعضهم بعضا و يستخدم إنسان إنسانا و يستعلي قوم على قوم فينجر إلى ظهور الفساد في البر و البحر و هلاك الحرث و النسل فينقلب الدواء داء. ثم نبه سبحانه في ذيل الآية بهذه الجملة أعني قوله: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» على ما فيه الكرامة عنده، و هي حقيقة الكرامة. و ذلك أن الإنسان مجبول على طلب ما يتميز به من غيره و يختص به من بين أقرانه من شرف و كرامة، و عامة الناس لتعلقهم بالحياة الدنيا يرون الشرف و الكرامة في مزايا الحياة المادية من مال و جمال و نسب و حسب و غير ذلك فيبذلون جل جهدهم في طلبها و اقتنائها ليتفاخروا بها و يستعلوا على غيرهم. و هذه مزايا وهمية لا تجلب لهم شيئا من الشرف و الكرامة دون أن توقعهم في مهابط الهلكة و الشقوة، و الشرف الحقيقي هو الذي يؤدي الإنسان إلى سعادته الحقيقية و هو الحياة الطيبة الأبدية في جوار رب العزة و هذا الشرف و الكرامة هو بتقوى الله سبحانه و هي الوسيلة الوحيدة إلى سعادة الدار الآخرة، و تتبعها سعادة الدنيا قال تعالى: «تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة»: الأنفال: 67، و قال: «و تزودوا فإن خير الزاد التقوى»: البقرة: 197، و إذا كانت الكرامة بالتقوى فأكرم الناس عند الله أتقاهم كما قال تعالى. و هذه البغية و الغاية التي اختارها الله بعلمه غاية للناس لا تزاحم فيها و لا تدافع بين المتلبسين بها على خلاف الغايات و الكرامات التي يتخذها الناس بحسب أوهامهم غايات يتوجهون إليها و يتباهون بها كالغنى و الرئاسة و الجمال و انتشار الصيت و كذا الأنساب و غيرها. و قوله: «إن الله عليم خبير» فيه تأكيد لمضمون الآية و تلويح إلى أن الذي اختاره الله كرامة للناس كرامة حقيقية اختارها الله بعلمه و خبرته بخلاف ما اختاره الناس كرامة و شرفا لأنفسهم فإنها وهمية باطلة فإنها جميعا من زينة الحياة الدنيا قال تعالى: «و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب و إن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون»: العنكبوت: 64. و في الآية دلالة على أن من الواجب على الناس أن يتبعوا في غايات الحياة أمر ربهم و يختاروا ما يختاره و يهدي إليه و قد اختار لهم التقوى كما أن من الواجب عليهم أن يختاروا من سنن الحياة ما يختاره لهم من الدين.

الملحق الثالثالعنصر: وفي الصحاح في اللغة أن العنصر: هو الأصل والحسب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد العراقي
2011-02-19
العنصرية الدينية بدأت تتضاءل شيئا فشيئا بفعل العولمة وعوامل اخرى الا في مذهب واحد فانها اخذت تتجذر نحو المزيد من الكراهية والقتل وابادة الاخر وهذا المذهب هو الاسلام السني الذي اصبح غير قابل للتعايش مع كل الاديان حتى ملأت اعمالهم الارهابية كل بقاع العالم واولها العراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك