حافظ آل بشارة
الحدث العربي يتصدر وسائل الاعلام بانواعها ويستولي على اهتمام المراقبين في العالم ، تظاهرات في كل مكان تطالب يتغيير انظمة الحكم والتحول الديمقراطي، عاصفة الغضب الجماهيري تشكلت بسرعة غير متوقعة منذ بداية هذه السنة ، بعد تونس ومصر انتقل الحريق الى البحرين وليبيا واليمن والاردن والجزائر ، في ايام معدودات تشكلت طوابير المتظاهرين وهي تهزأ بالحكومات والقوات القمعية وتتلقى الرصاص بصدورها ، اعلان مباشر عن انقضاء جيل من الجلادين والضحايا وبزوغ جيل جديد من الشعوب ترفض البقاء في قفص الضحية المستكينة وتتخذ قرار التغيير ، الشعوب في المنطقة جددت وسائل هجومها فاستخدمت التحشيد الهائل وتوحيد المطالب ، اما الحكام فقد عجزوا عن تجديد وسائل التعامل مع التظاهرات ، فقد تشابهت ادواتهم واساليبهم الفاشلة فهي تبدأ بمنع التظاهرات ثم الرد عليها بالقنابل المسيلة للدموع ثم الرد عليها بالرصاص الحي فيسقط شهداء وجرحى ويزداد المشهد تعقيدا ثم يمنع التجول ثم تقطع شبكة الانترنيت ثم يجري تجميع المرتزقة والخروج بتظاهرة مضادة مؤيدة للرئيس والحكومة ، هذه الوسائل اصبحت معروفة ومتوقعة ومتكررة فعلها زين العابدين بن علي وكررها حسني مبارك وكلاهما اصبح من الماضي واخبارهما سيئة فالرئيس التونسي يقال انه اصيب بجلطة أو ربما مات ومبارك يغمى عليه ثم يستيقظ وهو لا يعرف شيئا ، فشلا في مواجهة التظاهرات والغريب ان الرؤساء الآخرين الذين اندلعت في بلدانهم تظاهرات غضب وهم على طريق السقوط يكررون اسلوبي بن علي ومبارك ليثبتا للجمهور انهما على طريق السقوط ! الرئيس الليبي وملك البحرين ورئيس اليمني يمرون بالقصة نفسها فلماذا يستخدمون نفس الوسائل التي فشل فيها من سبقوهم ، الانظمة العربية السائدة تعيش حالة : (استحالة الاصلاح) لسبب واضح هو الاختلاف بين نظام الحكم القائم وبين عامة الناس في تعريف الصلاح والفساد ، انظمة الحكم العربية ترى نفسها انظمة حكيمة ومصلحة ومتحضرة يديرها حكماء لم تلد النساء امثالهم ، بينما ترى الشعوب ان هذه الانظمة يديرها مجرمون ولصوص يجب ان يحاكموا ، هذا الفرق الهائل في الرؤية يؤدي الى استحالة الاصلاح ونشوء علاقة عدوانية بين الحاكم وشعبه ، فالمعركة قائمة وقد ثبت ان الهجوم الشعبي في العالم العربي ضد انظمة الحكم هو هجوم سلمي لكنه يؤدي الى اسقاط الحكومات بسرعة ، فلماذا يصر الرؤساء على المقاومة مع ان النتيجة معروفة ؟ مقاومة الحاكم تجعله يرتكب المزيد من الجرائم التي تجعل حسابه اصعب ، لذا فالموقف الافضل الذي يمكن ان يتخذه حكام العرب في هذه الايام هو اعلان الاستقالة في اول يوم من خروج التظاهرات وطلب العفو من الشعب فهذا الاسلوب سوف يلين قلوب الجماهير ويجعلها تنظر بغضب اقل الى الحكام ، وبعد السقوط من الطبيعي ان يواجه الرئيس المخلوع محاكمة اصولية وسوف يكون ملفه الجنائي أخف مما لو حوكم على جرائم ماقبل التظاهرات وما بعدها .
https://telegram.me/buratha