الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
إن ما لم تفهمه النخب المتعاقبة على صدارة المشهد السياسي هو أنه لا يمكنها أن تبقى وحيدة في الميدان، و لا ينبغي لها أن تكون كذلك، لأن انفرادها بالسلطة و احتكارها للمناصب يؤدي إلى تفشي الفساد و المحسوبية و غياب الشفافية و المحاسبة، كما يؤدي إلى قتل الإبداع وروح المبادرة، حيث يكون الشرط الوحيد للحصول على منصب أو جاه هو الولاء السياسي و العلاقات الاجتماعية و ليس المستوى العلمي أو الإخلاص و الجدّ في العمل، كما أن نواميس الكون و أبجديات السياسة تقتضي إشراك الآخر و السماح له بإبداء رأيه في كل القضايا بل و إشراكه في رسم السياسات و تنفيذها، و الأمثلة على ذلك كثيرة، و لا أدل على ضرورة ذلك و أهميته من احتفاظ أوباما "الديمقراطي" بوزير دفاع من غير حزبه، وتعيين ساركوزي لوزير خارجية "اشتراكي" في منصبين من مناصب "السيادة"! فهل نتجرأ على تعيين وزراء من المعارضة و منحهم حق التصرف وفق القوانين و الترتيبات المنظمة لوزارارتهم ؟ حتى يُثبت أننا ننشيء نظاما تعدديا وطنيا غير أحادي!. لكننا وبكل غباء قمنا بأستعادة إنتاج وسائل بناء أجهزة دولة أذكت جذوة الانقسامات، وعلى الرغم من أن دستورنا يقول أن نظامنا فدرالي إلا أن مركزية القرار و احتكار النفوذ و تقاسم السلطة هي عنوان نظامنا الحالي، مما يجعل بقية المشاركين فيه متفرجين على عملية صنع القرارات و تنفيذها،..المركزية وإن تزينت بحليّ الخطابات الجميلة الرنانة كمحاربة الفساد و دعم الفقراء و برامج التنمية، إلا أنها مستغرقة في استنساخ مشوّه لمميزات كثير من الأنظمة الراديكالية المجاورة.. لقد مر على العراق نصف قرن من التيه السياسي ، ونخشى ما نخشى من نصف قرن آخر من "التيه السياسي" و عدم الاستقرار و تكرار المحاولات السابقة في التغيير و التبادل -غير السلمي- على السلطة و القيام بإصلاحات ارتجالية غير مدروسة و غير مبنية على قواعد علمية و سياسية رصينة تضمن لها النجاح و البقاء. سلام.
https://telegram.me/buratha