حافظ آل بشارة
عندما قرر الشعب البحريني ان يتظاهر مطالبا بحقوقه اغلقت الشاشات العربية ابوابها واصبح مراسلوها صما بكما ، فلا عناوين كبيرة ولا اخبار عاجلة ولا مراسل شجاع يركض تحت وابل الرصاص ، تعتيم واهمال وتجاهل عربي لشعب البحرين وصراخه وشهداءه على خلفية بغض طائفي متوارث ، ميدان اللؤلؤة في البحرين يشبه ميدان التحرير في مصر لكن القنوات التي تدعي الموضوعية وتتغنى بالحداثة الاعلامية عندما جرت احداث ميدان التحرير اكلت حسني مبارك وشربته ولم تترك شاردة ولا واردة تتعلق بمصر الا وذكرتها تحت ذريعة مواكبة حدث ساخن و ثورة شعب مشروعة ضد نظام قمعي ، ولكن عندما بدأت التظاهرات في البحرين واصبح دوار اللؤلؤة مكانا لصناعة الاخبار لاذت تلك القنوات بالصمت ولم تستعرض من الحدث الا العناوين المقتضبة ، مع انها ثورة شعب ضد نظام قمعي ، لكن وسائل اعلام عربية أخرى لم تكتف بتجاهل الحدث والتقليل منه بل ذهبت الى تحريفه والقول بأن البحرين تواجه مؤامرة طائفية شيعية ، تريد تلك الابواق ان تقول بأن هذه التظاهرات يجب ان تسحق بقسوة مهما كان حجمها ومهما كانت مطالبها لان الشيعة يشكلون اكثر من 70% من الشعب البحريني ! الاعلام العربي الحالي يدعي الثورة على الحكام لكنه يعتنق خطابهم التكفيري ، القنوات التي تدعي المهنية والموضوعية والعدالة صارت ابواقا لخطاب الحكام المتخلف في قضية البحرين ، تستعير خطابهم وهم يتهاوون هذه الايام متساقطين في الجحيم ، الحكومات الخليجية هي الأخرى تعلن وقوفها الى جانب الحكومة البحرينية ضد الشعب ضمن حالة اصطفاف طائفي اعمى ! العراقيون اكثر شعوب المنطقة ادراكا لهذه المواقف غير العادلة وتداعياتها وخلفياتها لأنهم سبق ان جربوا الاكتواء بفتاوى الابادة والتمييز والتحريض والاستعداء والتكفير على خلفية طائفية برعاية عواصم بدات الآن تدفع الثمن ، الحاكم العربي لديه تقاليد فريدة فهو لا يكتفي باضطهاد واذلال شعبه بل يعلنها حربا شعواء على االشعوب الاخرى لاسباب طائفية ، عدة حكام عرب اتفقت كلمتهم على قتل الشعب العراقي بعد سقوط النظام السابق بعمليات الابادة العشوائية على خلفية طائفية ، وقد يتكرر الموقف مع شعب البحرين بالمنظار نفسه وفي لبنان كان هناك مشهد مماثل تحركه حسابات طائفية ، ويجهد بعض الحكام انفسهم في البحث عن أي بؤرة في المنطقة يمكن ان تستغل بطريقة طائفية لتحويلها الى قضية ، وحاولوا دائما الربط بين العروبة والطائفية ، ذاب الشعار القومي تحت وطأة الشعار الطائفي حتى اصبحت العروبة مفردة طائفية عاجزة عن تشكيل كيان تعددي جامع للمكونات العربية ، أرادوا تحويل الجامعة العربية نفسها الى مؤسسة طائفية تسيرها العقد والاوهام والحسابات المرضية المسبقة ، هذه المواقف والتطورات الاعلامية الصريحة تشير بوضوح الى ان التغيير العربي الشامل والآتي كالشلال يجب ان لايشمل الحكام فقط بل يجب اعادة غسل ادمغة قطاعات اعلامية وثقافية واسعة اصيبت بالوباء نفسه .
https://telegram.me/buratha