حميد الشاكر
كنت من الخائفين ان تنتهي هوجة الشعوب العربية الثورية القائمة اليوم على حكامهم العرب ، حتى اسقاطهم وازالة ظلمهم ودكتاتورياتهم قبل ان يظهر نموذجا من حكّام العرب يوازي او يقارب النموذج الصدامي البعثي الذي كان يحكم العراق وشعبه باساليب لم يرى التاريخ مثالا لها لتشعر الشعوب العربية ولو بالقليل من وخز الضمير امام ما عاناه الشعب العراقي من ظلم حكامه الصداميين من جهة قبل تدميرهم وظلم الشعوب العربية لهذا الشعب عندما ساندت حكم صدام حسين اولا وبكت عليه بعد اعدامه ثانيا وحرضت على قتل الشعب العراقي بتهمة الشرك والكفر والعمالة وارسال ابنائهم كانتحاريين ليحرقوا مابقي من بشر بعد صدام في العراق ثالثا واعطاء صدام حسين لقب الخليفة الراشد رابعا ونعته بشهيد الامة نكاية بمشاعر مظلومي الشعب العراقي خامسا .....الخ !!.لكن والحمد لله وقبل ان يعتقد الشعب العربي والاسلامي ان كل زعمائهم ورؤسائهم ، وقادتهم بما فيهم المقبور صدام حسين هم كزين العابدين بن علي الذي هرب من بلاده قبل ان يدمر مابقي ورائه من تونس او يزرع خلايا الارهاب لذبح التوانسة او كحسني مبارك الذي تنازل خشية من ردة الفعل العالمية ضده اذا اقدم على اي فعل وحشي تجاه شعبه الثائرظهر على الساحة العربية من حكام العرب ( معمر القذافي ) من خطب خطبة مرجانية ( نسبة لابن مرجانه قاتل الحسين ) باهل ليبيا وتوعدهم توعد حجاجي ( نسبة للحجاج الثقفي ) امام الشعوب العربية ليريهم بعضا من صفات صدام حسين ، وقليلا مما كان يمارسه طاغية العوجة انذاك عملا على رؤوس الشعب العراقي المظلوم !!.ربما لم تزل الشعوب العربية لهذه اللحظة لاترى تقاربا بين النموذج الصدامي ، الذي صفقت له هذه الشعوب وتعاطفت معه وساندته ودعمته وحقدت على الشعب العراقي من اجله عندما اراد العراقيون ازالة حكمه وطاغوت عشيرته ، وبين المجنون معمر القذافي الذي افتى القرضاوي بقتله ، والجامعة العربية بتعليق عضويته ، وعبد الباري عطوان بجنونه ومطالبة العالم للتدخل لمساعدة الشعب الليبي لازالة طاغيته من على حكمه المتهستروالمجنون فمثل هذه الغفلة ليست بالغريبة على شعوبنا العربية ومنذ متى كانت شعوبنا العربية تحمل النباهةوقوّة المقارنة لتدرك مدى التقارب بين صدام وباقي حكامهم الدكتاتوريين ليتعاطفوا او يعتذروا على الاقل للشعب العراقي الجريح !!.ولا اعلم حقيقة ماهي دواعي الغفلة وعدم التراحم بينهم وبين الشعب العراقي في محنته القديمة والحديثة حتى تكيل بمكيالين بين ماتشعر به هذه الشعوب وتنتصر اليه وبين ما يعانيه العراق وشعبه من نفس المآساة ولكن بمقاييس وموازين مختلفة لدى هذه الشعوب الشقيقة ، وبغض النظر عن عامل الاحقاد الطائفية او العنصرية التي تدفع بالكثير من هذه الشعوب لتطيع الشيطان بدوافعها وميولها السياسيةنقول انه ربما تكون هذه الشعوب بحاجة الى فترات زمنية متطاولة بعد لتصل الى رشدها العقلي والفكري لتنظر للشؤون السياسية والفكرية على ماهي عليه وبدون تمايزات تجعل من القبيح هنا جميلا عندهم ، ومن الجميل هناك قبيحا عندنا وهكذا لتتبلور ازمة الضمير الاخلاقية التي كانت هي مع الاسف السمة الابرز لاخلاق وفكر وموازين هذه الشعوب العربية المتخلفة والتي هي السبب الاصيل لتسلط طغاة البشرية عليهم كعقاب الاهي ارجو ان يكون قد رفع هذه الايام عنهم !!.عبد الباري عطوان الهائم تقديسابالدكتاتور صدام حسين هذا الفلسطيني المظلوم والمشرّدوالذي كان من المفروض انه الاقرب للشعور بمظلومية المظلومين العراقيين ، هو هو نفسه من شن حرب ابادة من خلال صحيفته على الشعب العراقي واحتضان اكبر القتلة والمجرمين من الصداميين ليحرضوا ويهاجموا التجربة العراقية السياسية ، هذا العبد الباري نفسه هو اليوم من يهاجم حسني مبارك وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي بسبب دكتاتوريتهم واجرامهم ضد شعوبهم المقهورة بل ويطالب عبد الباري عطوان بتدخل الامم المتحدة للاطاحة بنظام المجنون معمر القذافي وانقاذ الشعب الليبي من وحشيته !!.عجيب غريب هذه الازدواجية في الشخصية والمعاييرياعرب عندما طالب الشعب العراقي العالم بمساعدته للتخلص من طاغية تكريت وعصابته الصدامية كان اول من وصف العراقيين بالعمالة للخارج هو عبدالباري وامثاله من مشرّدي الضمير الاخلاقي قبل الاحتلال الصهيوني اما عندما يكون الامر لتونس فعبد الباري اول العاشقين لهذا الشعب لانه تخلص من دكتاتوره ، وعبد الباري اول المطالبين بالتدخل الاممي لانقاذ ومساعدة الشعب الليبي للتخلص من طاغيته !!.ما الفرق بين صدام حسين ومعمر القذافي بالنسبة لعبد الباري وامثاله من ابناء امتنا العربية المجيدة ؟. لا اعلم !!.ربما كابونات النفط التي كان صدام حسين سخيا بتوزيعهاعلى مصطفى بكري وعبد الباري عطوان وغيرهم ولذالك كان صدام التكريتي بطلا قوميا يجب الدفاع عنه حتى ولو كان سفاكا للدماء ودكتاتوريا حتى النخاع يضرب شعبه بالطائرات والصواريخ والغازات السامة ومعمر القذافي دكتاتورا ليبيا فقط بلا كابونات نفطية يوزعها على المطبلين له ؟.يوسف القرضاوي ايضا واعظ السلاطين الخليجية ، الذي دفع بنفسه لميدان التحرير في مصر ليسرق ثورة الشباب المصري المضحي والذي كما وصفه الصحفي محمد حسنين هيكل في لقاء التلفزيون المصري بالاشفاق عليه عندما حاول تقليد الامام الثوري اية الله الخميني ( قدس ) بينما هو لايصلح الا كونه بوق من ابواق الدولار والحقد الطائفي لاغير هذا الاخر لاتفرق حالته وضميره اللااخلاقي عن باقي العرب الميامين فهو صاحب لقب ( الشهيد ) للدكتاتور صدام حسين ، بينما هو وفي نفس اللحظة صاحب فتوى قتل القذافي اينما وجد لدكتاتوريته وسفكه للدماء والفساد في الارض !!.اعود واسأل ما الفرق الذي بين دكتاتورية صدام حسين ، الذي وصفه الدكتاتور معمر القذافي نفسه ب (القديس ) وبين معمر القذافي المجنون حتى يفتي شيخ المضيرة القرضاوي بقتله بسبب ضربه لشعبه بالرصاص الحيّ مع ان ملة الكفر والطاغوت والدكتاتورية واحدة ؟!.ولماذا لم يفتي القرضاوي بكفرصدام حسين ووجوب قتله عندما اباد شعبه بليل ليس له ضوء قمربمقابر جماعيةوقصف مدن العراقيين المقدسة بالصواريخ والدبابات ليهدمها على رؤوس اطفالهم ونسائهم واستأجر مرتزقة عرب وغيرعرب لقمع شعبه وختمها بضرب شعبه بالمواد الكيمياوية السامة في الشمال والجنوب العراقي ؟.بل الانكى ان هذا القرضاوي هو نفسه ، الذي كان منصة ارهاب ودفاع عن الارهاب ، وتصدير انتحاريين للعراق لقتل الشعب العراقي تحت ذريعة الاحتلال الامريكي ومناصرة سنة العراق ضد تمدد الشيعة في العراق الرهيب ، وهو اليوم نفسه من يدعو للقتل والفتنة بصوت عال ومرتفع باسم الثورة وتغيير النظم الفاسدة ولكن بشرط الا لاتكون خليجية وبالذات قطرية تحتضن اكبر قاعدة امريكية لاحتلال المنطقة وضربها كلما ارادت النهوض والتطور والتقدم !!.طبعا وهنا لااريد ان اذكر الوهابية في المملكة العبرية لال سعود في جزيرة العرب والمسلمين كنموذجا اخرمن مآساة الشعوب العربية تجاه العراق ، ومحنته فمثل هؤلاء حتى لايصلحوا ان يكونوا من البشر على المستوى العالمي ، لنتمكن من خطابهم بعقلانيةولكنهم هم ايضا من اصدرالفتوى بكفر صدام حسين عند غزوه للكويت ثم تحول الى شهيد وقديس ورحمه الله وغفر له جميع ذنوبه لان الشعب العراقي تخلص منه ومن عصابته الصدامية المجرمة والفاسدة باعدامه وشنقه !!. القائمة تطول ايها القارئ النبيل اذا اردنا تعداد هذه الازدواجيات العربية للشعوب ، وقادتهم من الحكام العرب والكتّاب العرب والمفكرين والعلماء العرب وهم يسيرون في تيه ليس له اول وليس له اخر ، وتصوّر لو اليوم يطالب الشعب العراقي باطلاق القداسة على حكم معمر القذافي ، او حكم حسني مبارك الفاسد او زين العابدين بن علي وعند موت احدهم ينصب له نموذجا او نصبا تذكاريا او يسمي شارعا باسم احدهم في بغداد ليطلق عليه شهيد الامة العربية وخامس خلفاء المسلمين الراشدين فهل كان الشعب العربي سيكون سعيدا بهذا الفعل العراقي الشعبي او الرسمي ؟.أم انه سيضيف الى ازماته الكثيرة والمتنوعة على العراق وشعبه ازمة جديدا لااعلم ماذا يخترع لها من تسميات !!.ان مايمرّبه الشعب العربي اليوم من ثورة على طغاة عصره هوفرصة ثوريةتغييريةليس على مستواها السياسي بتغيير انظمة الحكم فحسب ، بل على الشعب العربي ان يذهب الى عملية تغيير جذرية فكرية ونفسية واخلاقية يصلح بها ما فسد من ذوقه واخلاقه وموازينه الفكرية والعقدية وعليه ان يتطهر بالفعل تماما من احقاده الطائفية والقومية ليرى الحق حقا فيتبعه ويرى الباطل باطلا فيجتنبه ولا ينسى هذا الشعب العربي بعد ان يمن الله عليه سبحانه بالنصر ان يعود ويعتذر للشعب العراقي مما سببه من وقوف اجرامي مع طاغية العصر الحديث والقديم صدام حسين ضد شعب العراق المظلوم !!.
https://telegram.me/buratha