احمد عبد الرحمن
مرة اخرى يحتاج الى ان نؤكد ونذكر بأن مايجري في العراق من مظاهر احتجاج يختلف تماما عما يجري في عدة بلدان عربية، لاسباب عديدة من بينها، بل من ابرزها ان العراق غادر منذ عدة سنين النظام الديكتاتوري الاستبدادي، وشرع ببناء مشروعه الديمقراطي وسط تحديات ومصاعب ومعوقات كبرى، بعضها من مخلفات الحقبة السابقة التي امتدت لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وبعضها نتيجة سوء الفهم والمخاوف والهواجس غير المبررة لكثير من اشقاء العراق واصدقائه، تلك المخاوف والهواجس التي انعكس بصورة مواقف وسلوكيات وممارسات الحقت الكثير من الاذى والضرر بالشعب العراق وممتلكاته وثرواته وبناه التحتية.بينما نجد الشعوب العربية قد انتفضت اليوم على حكامها ناشدة ومتطلعة الى الخلاص والانعتاق من الجور والظلم والطغيان والاستبداد.. انها تتطلع الى الحرية والديمقراطية قبل كل شيء، وتأتي الخدمات وتحسين ظروف المعيشة بالدرجة الثانية، التي هي حاليا المطلب الرئيسي لابناء الشعب العراقي الذي رفع صوته عاليا بعد ان تحمل الكثير الكثير من الاهمال واللامبالاة.ومثلما الشعوب العربية لها الحق في التظاهر والاحتجاج والثورة ضد انظمتها الديكتاتورية لتطيح بها وتشرع ببناء حاضرها ومستقبلها، فأن الشعب العراقي له الحق في التظاهر والاحتجاج ولكن ليس من اجل اسقاط نظامه السياسي والاطاحة به، لان ذلك النظام هو نظام ديمقراطي لايحكمه الشخوص وانما يحكمه الدستور والقوانين والمؤسسات، ومن غير المنطقي ان يدعو أي طرف الى الاطاحة بالنظام الديمقراطي لتكون الفوضى والاضطراب بديلا له، ولكن اصلاح نقط الخلل ومواضع النقص والقصور والضعف، وتلافي السلبيات هو المطلوب، وهذا يمكن ان يتحقق بالاهتمام بمشاكل وهموم ومعاناة الناس، عبر توفير الخدمات لهم، وانتشالهم من الواقع السيء الذي يرزحون تحت وطأته.ينبغي ان لانتطير وننفعل حينما يخرج المواطن للتعبير عن رأيه وطرح مطاليبه بطريقة حضارية سلمية لاتخل بالنظام ولاتتجاوز على القانون ولاتلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة. ان مثل هذه المظاهر وبسياقاتها واساليبها الصحيح تعكس قوة النظام السياسي وتماسكه وليس ضعفه، انها ليست ثورة ولا انقلابا ولا مؤامرة، فنحن لم نعد نحتاج الى ذلك.
https://telegram.me/buratha