عبدالله علي شرهان الكناني
من ابسط ما تعلمناه في كلية الهندسة ان واجب المهندس هو الحصول على افضل مواصفة بأقل كلفة ولكننا نرى اليوم التصاميم تتجه بإتجاه السقف المفتوح للصرف الذي كان موجودا ايام ديوان الرئاسة المنحل والتصنيع العسكري ورئيسه حسين كامل المقبور قبل عصابته حيث كانت التصاميم في حينه لاتراعي الاقتصاد ولاتهتم بالكلفة المرتفعة بل ان جل مايهمهم ان تراعي ذوق الطغاة التافه حيث سبق لي ان عملت في ابراج تابعة للمطار في الرضوانية وجاء المقبور صدام لزيارة الموقع فوجد العمل قد وصل الى صب جدران البرج ولاأدري كيف فكر في حينها بضرورة وجود مكان للطبخ في البرج رغم ان الهدف من المبنى هو ايواء حرس المراقبة اثناء فترة دورية الرقابة التي لاتزيد في كل الأحوال عن ثلاث ساعات وهذه الفترة لاتستدعي وجود مطبخ ولكن بكلمة قالها تم تهديم جميع الأبراج وإعادة تصميمها رغم ماكلفته من مبالغ .واليوم نجد المشروع الذي يتم تنفيذه في احدى دول الجوار بمليون دولار ينفذ في العراق بكلفة لاتقل عن عشرة ملايين دولار بسبب عدم التدقيق في العراق وفوضى العمل الهندسي المتفشيه والتي من اسبابها :1- الحرب التي شنها النظام السابق على الكفاءات العراقية في شتى المجالات من تشريد او تقتيل أو تهميش وسياسة عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ادت الى تربع الجهلاء قليلي الكفاءة على عروش الدوائر الفنية المختصة في شتى المجالات ومنها دوائر التصاميم الهندسية .2- مكاتب إعمار العراق المتواجدة خارج العراق زمن ولاية قوات التحالف والتي كانت تغذي العراق بأردىء مايمكن من الكوادر العاملة في مجال الإعمار فقد كانت هذه المكاتب مسؤولة عن التعاقد والتصميم والتنفيذ مع رقابة خجولة من قبل المسؤولين العراقيين .3- وجود رؤوس اموال كبيرة لدى ايتام النظام البائد استولوا عليها أبان سقوط النظام مستغلين الإرباك الذي حصل في حينها وقاموا بإستغلال هذه الأموال في تكوين شركات طفيلية لاكفاءة لها ونظرا لقربهم من مكاتب الإعمار المتواجدة في الدول التي فروا اليها استطاعوا ان يسيطروا على اغلب العقود المحالة من هناك .4- تأثر العمل الهندسي بالفعل السياسي من خلال رغبة بعض السياسيين تحقيق منجزات اعلامية في فترة ما وهذه المنجزات تمر من بوابة الإعمار حيث يرغب مثلا المسؤول الفلاني ان ينجز او يباشر بمشروع ما قبل موعد الإنتخابات رغم ان الحسابات العلمية تدعو الى التأخر في هذا المشروع لإغناءه دراسة وتدقيق فيكون الإسراع على حساب الجودة .5- الفساد الإداري الذي يجعل من المناصب مغنما يروم الكل ان يصل اليه رغم عدم تناسب المنصب مع القدرات الشخصية للراغب فيه فيؤدي الى أن يتولى التصميم مثلا شخص لايجيده فيعمد الى مامتوفر من اساليب للتصميم على مواقع الإنترنيت أو تصاميم جاهزة لمشاريع في دول أخرى بعد ان يضيف عليها لمسة تحفظ غير مدروسة ليحمي نفسه . مما يؤدي الى تصاميم غير اقتصادية وغير موضوعية في مرات اخرى .6- غياب الرقابة عن مجال التصاميم فلاوجود لدائرة تراقب المصمم أو تدقق تصميمه من كل الجوانب .مما يؤدي الى إطمئنان المتصدي للتصميم من العقوبة العلمية وخشيته فقط من فشل المشروع فيعمد الى التحفظ الفائق .وهنا يكون الحل في :1- إعادة النظر في جميع الكوادر العاملة في مجال التصميم سواء في الدولة أو في القطاع الخاص وإجراء اختبارات دورية لهم وكذلك تطوير مهاراتهم من خلال الدورات والتواصل مع الجامعات العراقية وغير العراقية في هذا المجال .2- تشكيل مجلس اعلى للتصاميم الهندسية يتولى تدقيق الجهات المكلفة بالتصاميم ومدى اهليتها لذلك كذلك يستلم ويصادق كل التصاميم قبل العمل بها وقبل اعتمادها .كذلك يمكن اضافة تدقيق الفحوص المختبرية للإعمال الإنشاية الى صلاحية هذا المجلس حيث تعمل المختبرات الإنشائية اليوم بدون رقابة كذلك مما يؤدي الى امكانية قيامهم بإبتزاز المقاولين مقابل التلاعب في نتائج الفحص دون أن يكون هناك اي إمكانية للدولة أن تكتشف ذلك .في الختام ان حجم الأموال التي تهدر اليوم يستحق ان تتحمل الدولة نفقات تشكيل وعمل هذا المجلس ومن الممكن الإستعانة في تشكيله بالكفاءات المهاجرة أو بتدريسيي الكليات الهندسية الكبار وليس الصغار .
https://telegram.me/buratha