عباس المرياني
ليس صحيحا ولا منطقيا ان يحاول البعض تجريب المجرب الفاشل واتخاذه مطية في معالجة مشكلة مهمة من اجل تجاوز مرحلة حاسمة ومصيرية لان النتيجة المنطقية هي الفشل. وقد لاحظنا في الأسابيع الماضية كيف أن العناد وتجاهل الواقع والقفز على الحقائق قد ولد ردود فعل عكسية أطاحت بعروش متبنها في تونس ومصر واليوم يتهاوى صرح ملك الملوك الدكتاتور ألقذافي في اجلي صور العناد والتمرد والمكابرة الباطلة.
ولم يكن العراق بعيدا عن موجة الاحتجاج والتظاهر والفيس بك والمطالب المشروعة لان مشاكل العراق اكبر وأكثر بكثير من كل مشاكل الدول العربية مجتمعة ومع ذلك فان مطالب العراقيين تختلف كليا عن مطالب الشعوب العربية .وكل ما يطالب به أبناء وادي الرافدين هو الإصلاح أما الأشقاء فيطالبون بالتغيير.لكن الحكومة العراقية أخطأت التقدير وحاولت ان تجرب وصفة الخاسرين في الاتهام والتخوين والتسقيط وإلصاق تهمة البعثيين بالمتظاهرين والمحتجين بصورة مستعجلة ومرتبكة.وجاءت النتائج بعكس ما أراده رئيس الوزراء السيد المالكي فالمتظاهرين أدانوا البعث والبعثيين وخرجوا أفواجا واوحادا وطالبوا بحقوق مشروعة وهي اقل بكثير مما يستحقون فنقص الخدمات والبطالة والقضاء على الفساد ورداءة مفردات البطاقة التموينية وقلة توريد الكهرباء وشحت الماء لا علاقة لها بالبعث والقاعدة والمندسين بل هي مفردات ومطالب وحقوق لها علاقة مباشرة بحياة المواطن العراقي المغلوب على أمره طوال عقود مضت والصابر المحتسب منذ سبع سنوات. لكن الملفت العجيب هو مع كل الاتهامات السابقة رضخت الحكومة المركزية والحكومات المحلية للاستجابة الفورية والسريعة لمطالب المتظاهرين فإذا كانوا بعثية فكيف سمحت الحكومة لنفسها ان تعلن عن شرعية هذه المطالب وكيف تنحني قائمة دولة القانون الى مطالب البعثية في العلن على اقل تقدير وهي التي رفضت المظاهرات والاحتجاج وشرعت في عزل محافظيها واحدا بعد الأخر ابتدأت بحمد الطرفة محافظ الكوت مرورا بشلتاغ محافظ البصرة وصولا الى بابل والأيام القادمة ستحمل خبر استقالة باقي المحافظين مع الدعوة الصريحة لإجراء انتخابات مجالس المحافظات والدوائر البلدية قبل موعدها المحدد بأكثر من سنة ونصف.
الحقيقة ان من خرج يوم الجمعة الماضية ومن لم يخرج لا يمت الى حزب البعث المقبور والقاعدة بصلة لا من قريب ولا من بعيد ومن الظلم والإجحاف نعتهم بهذه النعوت الظالمة التي تعودنا عليها في كل منازلة ومناسبة طالما لدينا القدرة على التلاعب بالكلمات والألفاظ وطالما تمسكنا بكرسي الحكم ووهج السلطة.
https://telegram.me/buratha