محمود الربيعي
يبدو أن الدول العربية قد بات مصيرها غير واضح في التغييرات التي حصلت وتحصل الآن وفي المستقبل، فصحيح أن شعوب الدول العربية تعاني من الظلم والإستبداد ولكن أولئك الحكام هم أصدقاء الماضي القريب بالنسبة للغرب. ولقد أقتربت الساعة التي يحاول فيها الغرب التمهيد لتغييرات لابد له منها وقد تنكر للحكام الذين يراهم يتساقطون الواحد بعد الآخر فجاءت اللحظة التي لابد له أن يسارع الى إستبدال الطاقم العتيق بطاقم جديد بطريق خبرته الأخيرة في العراق المتمثلة بالحل الديمقراطي مصحوباً بالفوضى المستمرة، والإنتخابات التي تسمح لأتباع النظام العتيق وهم الكثرة من سياسي الأمس بالدخول في الإنتخابات تحت مسميات المصالحة وعدم التهميش، والشراكة مع الأحزاب الدكتاتورية السابقة لتستمر ظاهرة عدم الإستقرار الى أجل غير مسمى كما حصل في العراق ويحصل الآن في كل من مصر وليبيا.
إن نظرة الدول الغربية للدول العربية تختلف من دولة الى دولة وقد رأينا تباطئ الدول الغربية في تقييم مايجري داخل الدول الدكتاتورية وأفعال حكامها المشينة فآثرت الغياب عن الأحداث ثم قررت أن تكون قريبة من الدول التي يرغبون في تغيير حكامها مع الإبطاء عما يجري في دول أخرى كالبحرين، وتحاول الدول الغربية تحاشي نقل الحركة التحررية الى الدول الداخلة معها في أحلاف متينة وتقصدت الغياب عن مسرح الأحداث بل وفرضت قيود على الأعلام العالمي والعربي تجاه الكثير مما يجري في دول أخرى وهم في ذلك يريدون أن يطعموا الشعوب العربية طعم الديمقراطية بملعقتهم لا بملعة الشعوب التي تحاول التحرر من قبضة الحاكم المستبد.
لقد أصبح هذا التغيير بعد كل هذه الإنتفاضات والإحتجاجات والإعتصامات يسير نحو الخطة العامة للدول الغربية التي لها مصالح لايمكن أن تستغني عنها.. فصحيح أن الشعوب المظلومة هبت للتغيير، ولكن هل سيصب ذلك لمصلحتها في النهاية ؟ أم أن الأنظمة الظالمة السابقة ستدخل من الباب الآخر من خلال مشاريع ديمقراطية الفوضى! تلك الخلطة العجيبة ذات المفعول السحري الذي تركض وراءه الجماهير، ويضحك علينا فيها الغربيون وهم يتفرجون على إستباحة الدماء، والتأخير في التغيير الذي يجب أن يصب في بناء كيانات مستقلة ينبغي أن تكون ذات سيادة وليست قائمة على مشاركات الأحزاب المختلفة التي تدخل صراع الفوضى الديمقراطية والتي أشكل العراقيون لحد الآن من جدواها.
إن على شعوب الدول العربية المنتفضة أن تنتبه الى مايخطط لها من وراء الكواليس فيما يخص عملية التغيير الجماعي لأصدقاء الأمس الواحد بعد الآخر والإستبدال بأصدقاء جدد في ديمقراطيات الفوضى والقتل الجماعي والإضطرابات والخلافات والصراعات غير القابلة للتوقف فما أحرى بهذه الشعوب أن تنتبه من غفلتها وتسير بالإتجاهات الصحيحة في عملية البناء والتغيير.
وأخيراً نقول أن ليس من السهل على الغرب أن يترك الدول العربية مستقلة تنعم بالهدوء والإستقرار مادام النفط في قرار أرض العرب ومادامت مصالحها مع محمياتها غير مضمونة فاعتبروا ياأؤلوا الألباب.
mahmoudahmead802@hotmail.com
https://telegram.me/buratha