المقالات

لماذا غاب البديل الاسلامي ؟ /

815 17:37:00 2011-03-03

حافظ آل بشارة

يعتبر التحول في الشارع العربي باتجاه المطالبة باسقاط الحكام تحولا في غاية الاهمية الا ان الأهم منه طريقة تفكير الجمهور وغفلته عن البديل المطلوب ، فالناس يرفعون في تظاهراتهم شعار اسقاط انظمة الحكم مبررين مطالبتهم بما لحقهم من الفقر والفساد والبطالة والقمع لكنهم لا يقدمون بديلا للانظمة القائمة ، ومع ان كلا من مصر وتونس وليبيا لديها معارضون اسلاميون الا ان أحدا لم يتقدم لطرح البديل الاسلامي في البلدان الثلاثة ، حتى الاسلاميون الذين اشتركوا في التظاهرات لم يروجوا لبديلهم المفترض ، ربما اصبحت الديمقراطية بعنوانها العام هي البديل الذي يريده الجميع بغض النظر عن الشيطان الذي يكمن في التفاصيل . الغرب يراقب ظاهرة غياب البديل الاسلامي في التظاهرات الانقلابية في العالم العربي ويطرب لسماع الشعارات الديمقراطية ، ولكن حكام المنطقة اكثر اسفا على الغياب الاسلامي لأنهم كانوا دائما يستخدمونه دمية لتخويف الغرب من سيطرة انظمة حكم اسلامية طالبانية قاعدية متشددة على البلدان العربية ، ويصورون انفسهم كحراس بوابات شرقية في وجه الزحف الطالباني ، فقد الحكام هذا الغطاء فجأة ، القذافي وحده أصر على ان القاعدة وبن لادن يريدان اسقاطه والمخابرات الامريكية اشد الناس ضحكا لهذه الاقاويل لأنها صنعت بن لادن وحركته وتعرف ما تحت الطاولة وما فوقها ، القذافي في ايام هلعه يتصرف كمن يختلق ضريحا ويطوف حوله مبتهلا ، غياب البديل الاسلامي حتى على مستوى الشعار يؤشر وجود ازمة اديولوجية في اوساط الاسلاميين انفسهم وقد تركوا مشروع الحاكمية الخاص لصالح الرؤية التي تقدم مبدأ مصلحة الناس على مصلحة المشروع ، اي الايمان بامكانية تعديل المشروع بناء على الواقع الاجتماعي ، وتقدير المصالح والمفاسد في تطبيق الافكار ، ومن يمارس السلطة عمليا يستطيع فهم الواقعيات وتقدير موقف المشروع السياسي الاسلامي اكثر من الذين يعيشون معارضين يتقلبون بين النصوص والخطابات سنوات عديدة ، فالواضح ان نموذج الحكم الاسلامي قريب من النموذج الديمقراطي ، فالحكومة مؤسسة خدمة للناس وليست مؤسسة للامامة والزعامة ، الحكومة الدينية او اللادينية كلاهما يقدمان خدمات متماثلة للناس اذ لا يوجد فرق بين الديني واللاديني في الزراعة والصناعة والتجارة والصحة والنفط والكهرباء ، هناك هوامش صغيرة لكنها مهمة في قضية الحكومة يختلف عليها الاثنان ، مثل النسبية في الحريات ومنع الاختلاط والسفور ومنع المعاملات الربوية في الاقتصاد . لكن القضية الفاصلة في هذا السياق ان البديل الاسلامي وما يتعلق به من نموذج اجتماعي امور تنبعث من داخل الشعب وطبق ارادته ولا تستطيع اي نخبة فرضها في هذه الظروف ، والشعوب العربية عموما معروفة بالفهم الشكلي والسطحي للدين بمستوى لا يسمح بتكوين قاعدة اديولوجية او يصنع ثورة او يجعل للدين التقليدي بعدا سياسيا ، كما ان الغرب بتطوره يسحر شعوب المنطقة ، يقابله ماحققه الارهابيون المتشددون من نجاح في رسم صورة الاسلام الانتحاري المفخخ المرفوضة لدى المسلمين قبل غيرهم ، يضاف الى ذلك تشتت الرؤى لدى الاسلاميين الحركيين فمنهم السلفي الذي يدعو للتعايش مع الحكام ونصحهم واتخاذهم اولياء أمر ومنهم الصوفي الذي لا شأن له بالسياسة ومنهم الاصلاحي ومنهم الثوري الشمولي ، وجميع هذه النماذج لم تصنع قاعدة شعبية واعية تبلور البديل او تدعو اليه .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمود الركابي
2011-03-06
من وجهة نظري القاصرة ارى ان الحركات الاسلامية العربية استفادت استفادة كبيرة من تجربة العراق حيث ركز الاعلام الغربي والعربي على اداء الحكومة منذ سقوط الصنم في بغداد الى يومنا هذا فارادت تلك القنوات تشويه صورة الاسلاميين من خلال عدم القدرة على ادارة البلاد كالخدمات والامن وغيرها. وهذا ماقاله الكاتب تجد القذافي يوجه اتهامة لابن لادن ظنا منه ان اميركا ستصدق هذه الدعوة وتنقذ نظامه المنهار .فموقف الاخوان كان شجاعا بجعلهم الامور تسير طبيعية والانتخابات هي الحكم خوفا من اجهاض الثورة من قبل الموساد
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك