صلاح السامرائي
ان موجة الغضب التي عمت العالم العربي والثورات ضد الانظمة التي جثت على صدور الشعوب مستغلة مقدراتها ومعززة بقائها في السلطة اخذت تمتد وبشكل متسارع في المنطقة العربية مما جعل هذه الانظمة تعيش حالة صدمة فاعلنت حالة التاهب والاستعداد لمواجهتها , فنرى كثير من الانظمة اعلنت اصلاحاتها وقدمت تنازلاتها تماشيا مع الوضع الحالي وتجنبا للحركة التغيرية ولكن ( لايصلح العطار ما افسد الدهر ) كما ان الشعوب استوعبت اللعبة لهذا استمرت بثوراتها آملة التغيير او الاصلاح , ومن الدول المرشحة لقيام الثورة او الاصلاح المملكة السعودية حيث تتوفر فيها الاجواء والعوامل المساعدة لوصول المد التغييري وهنا تساؤول يطرح نفسه هل الشعب السعودي يقوم بالثورة ام يكتفي بالاصلاح ؟ من خلال قراءة الوضع الراهن نرى لكل جانب تداعياته وتتوف العوامل المساعدة والدافعة لهذا الوضع او ذاك . فاذا نظرنا للواقع لكلا الجانبين وددققنا بدوافعهما سنلاحظ ان الدوافع التي تساعد على ثورة الشعب السعودي متوفرة ومهيئة ومنها احساس غالبية ابناء الشعب السعودي بالغبن اتجاه النظام وسياساته الداخلية وخلق الطبقات الاجتماعية , فالطبقة الاولى هي العائلة الحاكمة ورجال الدين الداعمين لبقاء السلطة وكبار المسؤولين في الدولة وتتمتع هذه الطبقة بالسلطة والنفوذ والمعاملة الخاصة والمستفادة من خيرات البلاد على حساب الطبقات الاخرى والطبقة المتوسطة التي تكدح للحفاظ على مستواها دون النزول الى الطبقة الاخرى وهي طبقة الفقراء والعاطلين عن العمل حيث تعاني السعودية من مستوى بطالة يقدر ب 25% وهي نسبة غير قليلة اضافة الى ان 20 مليون من السكان يريدون تغيير النظام او اصلاحه من مجموع 27 مليون كما اكدته بعض الدراسات تعتبر السعودية من الدول ذات الميزانيات الضخمة وهي مسيطر عليها من قبل الحكومة التي هي لاتمثل طموحات الشعب وانما تمثل شرائح محدودة وعائدية الفائدة لهذه الشرائح دون غيرها أي ان الفائدة العائدة للشعب لاتوازي ارقامها العالية مما ادى الى شعور بعدم عدالة توزيع الثروة , وهناك عوامل اخرى منها انتهاك حقوق الانسان المستمرة داخل المملكة و كبت الحريات وتنفيذ القوانين الصارمة على بسطاء الناس دون الطبقات الاخرى التي تتمتع بالسلطة وايضا الوعود التي قدمها الملك عبد الله حين تسلمه زمام الحكم 2005 باجراء اصلاحات مما ولد او راكم حالة عدم الثقة بين نظام الحكم والشعب , وعلينا هنا ان نتذكر بان النظام السعودي لديه معارضة رغم انها ضعيفة لكن من الممكن ان تحفز ثورة الشعب ضد النظام . ان اجراء الحكومة الذي اتخذته بعد رجوع الملك عبد الله من رحلة العلاج يدلل على تخوف ملحوظ من قبل الحكومة من انتقال عدوى الثورة الى اراضي المملكة حيث جمع الملك العائلة المالكة ورجال الدين الداعمين لنظامه وبعض المسؤولين واتخاذ الاجراءات وبعض الاصلاحات التي تخمد غضب الجماهير كاجراء احترازي وامر بصرف 36 مليار دولار كمنح واعانات لسد الافواه وعلينا هنا استذكار الشيعة السعوديين الذين يعتبرون مصدر تهديد للنظام ولرجال الدين المنظمين واعتبارهم من وجهة نظر الحكومة امتداد لايران العدو اللدود لهم وخصوصا ان اقرانهم في البحرين قد ثاروا علما ان الشيعة في المملكة يشكلون نسبة 10% تقريبا من نسبة السكان كما وان الانتفاضات التي احاطت بالسعودية وبدول مجاورة لها من امثال اليمن والبحرين وسلطنة عمان وربما تتسع رقعتها اكثر في الايام القادمة لتشمل السعودية كل هذا يؤكد ترشيح السعودية على ان تكون من الدول التي سيصلها المد الثوري . ويرى المحللين والمراقبين السياسيين استبعاد حدوث ثورة في السعودية ويرجحون اجراء اصلاحات لتجنب هذه الازمة ويبني المحللون على هذا الرأي معتمدين على بعض المؤشرات ومنها ميل المجتمع السعودي الى التجانس المذهبي او الطائفي حيث انه لايمتاز بالتعددية المذهبية اضافة الى ان رجال الدين محكمين السيطرة وداعمين للنظام وفي نفس الوقت مدعومين قانونا وشرعا من وجهة نظر الفكر الطائفي المعتمد في المملكة , وكما ذكرنا المعارضة وحالة الضعف التي هي عليها لايؤهلها لقيادة الشعب وتحفيزه فقد جرت دعوات للشباب السعودي عبر الفيس بوك للخروج بتظاهرات فلم تفلح الا عدة مئات ايدت التظاهر وهذه الحالة متاتية من فاعلية الاجهزة الرقابية والامنية لرصد أي حركة ممكن ان تظهر او تطفوا على السطح هذا من جانب ومن جانب آخر الاستناد الى اتخاذ اجراءت مهدءة للوضع المتازم من مثل الافراج عن بعض المسجونين من قبل الحكومة والمتهمين بمعارضتهم السياسية وايضا توزيع المنح والاعانات والبالغة 36 مليار دولار ايضا يخفف من حدة التوتر وستكون هناك بعض الاصلاحات في المرحلة القادمة ولو كانت وقتية وناتي الان على المحور المهم والاساس الذي له الاثر في تثبت وادامة بقاء النظام السعودي وهو دعم الدول الكبرى والصناعية والدول المستهلكة للنفط حيث تعتبر السعودية ممثلة لمصالح هذه الدول ولحاجة هذه الدول في هذه الفترة للسياسة الانتاجية النفطية السعودية خصوصا بعد توقف ليبيا عن انتاج النفط وتصديره مما ادى الى الاخلال بالسوق العالمي حيث بلغ سعر البرميل للنفط الخام 110 واذا ما استمرت الحالة على ما هي عليه سيرتفع بوتيرة اكبر وهذا يؤدي الى اللجوء الى الاحتياطي للدول المستهلكة والصناعية مما ينتج عنه ارتفاع عام في مستوى الاسعار وعلى وجه الخصوص المواد الغذائية ويبدو تاثيرة على الاقتصاد العالمي ككل من هذا المنطلق ستدعم الدول المستهلكة للنفط والدول الصناعية بقاء النظام السعودي لانه تعهد وهذا ديدنه في سد حصة ليبيا من خلال زيادة انتاجه النفطي علما ان السعودية من الدول المؤسسة لمنظمة الدول المصدرة للنفط ( الاوبك ) وهي اول الضاربين لمصالح هذه المنظمة والتجارب السابقة لاتحتاج لايضاح فبقاء النظام يصب بمصلحة الدول الكبرى هذا من جانب ومن جانب آخر تعتبر السعودية احد اللاعبين الاساسيين في عملية احلال السلام المزعومة مع اسرائيل والتي خدمت الصهيونية وحملت الدول العربية والاسلامية تبعاتها وفقدان هكذا حليف يؤثر على الخارطة السياسية في المنطقة بعد ان فقدت حليفا الاول حسني مبارك فكل هذه التداعيات تشكل احتمال اجراء اصلاحات على التغيير بالثورة وبمعنى آخر اجراء الاصلاح مسألة واردة اكثر من قيام ثورة ولكن قيام الثورة ليست مستحيلة .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha