مصطفى احمد
رافقت احد رجالات الدولة رحمه الله في زياراته الى محافظات الوسط والجنوب وقد بدأ رحمه الله جولته من البصرة الفيحاء وكان محافظها الاستاذ محمد مصبح الوائلي - من حزب الفضيلة- ثم زار العمارة ومحافظها المهندس عادل مهودر - وزير البلديات حالياً - وهو من التيار الصدري ومحافظة واسط ومحافظها العتيد لطيف الطرفة (مستقل) وزارمحافظات ذي قار والسماوة والديوانية والنجف وبابل وجميع محافظيها من المجلس الأعلى وهم الاستاذ عزيز العكيلي(نائب برلماني حالياً) والشهيد أبو أحمد الحساني والشهيد خليل جليل والاستاذ أسعد ابو كلل والاستاذ المسلماوي . كان الراحل الكبير في زياراته تلك يحث المحافظين ومجالس المحافظات على ضرورة تقديم افضل الخدمات والاستفادة من الموارد البشرية والاقتصادية وتوفيرفرص الاستثمار وضرورة عقد الاتقافات الثنائية المفيدة لبناء وتطوير واعمار مدنهم وهو يحث المسؤول تلو المسؤول في الوسط والجنوب ويقول لهم (( إن أي قرار يصدر من مجلس المحافظة لا يمكن للحكومة المركزية أن تنقضه ، وإن سلطة مجالس المحافظات أعلى سلطة في البلاد )) ضمن قانون ادارة الدولة العراقية,سلطات مجالس المحافظات وفقا للدستور, وكنا في المرحلة الانتقالية علما ان الدستور الدائم للعراق تكفل حقوقاً اكثر. وظل رحمه الله يكرر هذه العبارة في كل اجتماع مع مسؤلي مجالس تلك المحافظات وتكلم عن حقوق الناس وهو يخاطبهم (( الحقوق تؤخذ ولاتعطى)) وكان رحمه الله يرى الحل الامثل لمشاكل الناس واعطاء حقوقهم وتقديم الخدمات لهم لا يتم الا عن طريق اللامركزيه في ادراة الدولة من خلال خيار الفيدرالية او الاقاليم وبالتالي سوف تقسم الثروات على ابناء المحافظات حسب النسب السكانية مع مراعاة كثرة وقلة الموارد الاقتصادية والطبيعية في كل محافظة , وان اي خلل وتلكؤ في انجاز المشاريع سوف يكون واضحاً وان تبعات هذا الخلل سوف تقع على مجلس محافظة اي اقليم كان.اليوم وبعد ان تغيرت الخارطة السياسية نتيجة انتخابات مجالس المحافظات وتحكم دعاة قوة المركزعلى حساب قوة الاقاليم - وهو خلاف للدستور- لاحظ الناس التدهور الكبير في الخدمات المقدمة اليهم والتفريط بالحقوق المكتسبة ففي مجال الطاقة مثلاً صار الناس يحلمون بساعتين من الكهرباء باليوم وكذلك صارت مفردات البطاقة التموينية تغيب عن الناس لعدة شهور وهكذا بقية الحقوق والخدمات مع الارتفاع الواضح في حجم الفساد وتفشي الرشى.قبل 25 شباط يوم التظاهرات الإحتجاجية التي عمت مدن العراق كان السيد رئيس الوزراء يطالب مجالس المحافظات بأن تاخذ دورها الحقيقي في تقديم افضل الخدمات وان تستفيد من الصلاحيات المقدمة لها ضمن الدستور ملقياً عليهم مسؤولية هذا التدهور الخدماتي ، ومثله كان السيد رئيس مجلس محافظة بغداد ( من حزب الدعوة) يلقي باللائمة على البرلمان ويطالب بساعتين لمجالس المحافظات كي تعطيهم الحرية في تنفيذ ومعالجة التلكؤ الحاصل بين المركز والمحافظة والذي انعكس سلبا على تنفيذ المشاريع الخدماتية المفترض تقديمها للناس.اما بعد يوم 25/شباط حيث خرج عامة الناس لمطالبة الحكومة في تقديم ابسط الخدمات وتنفيذ وعودها الانتخابية وكذلك المطالبة بمعاقبة المفسدين والفاشلين من مسؤولي الحكومة فقد وجهت المرجعية الدينية نداءً وتحذيراً للحكومة والبرلمان من مغبة عدم الاسراع في تلبية مطالب المتظاهرين وقد اشاد بيان المرجعية بكل وضوح بمن شارك بهذه التظاهرات مما دفع برئيس الوزراء الى اطلاق حزمة (اصلاحات) تمثلت باعطاء الوزراء مهلة 100 يوم لتقديم الخدمات واختبار كفائتهم في ادارة دوائرهم وتحميل هؤلاء الوزراء شخصيا مسؤولية فساد وزاراتهم وموظفيها كما دعا السيد رئيس الوزراء وبعض الكتل الاخرى الى اجراء انتخابات مبكرة للمجالس المحلية مع الدعوة الى حل مجالس البلديات في الأقضية والنواحي والسؤال المطروح هنا : هل يريد السيد رئيس الوزراء بإقالة عدد من المحافظين (من حزب الدعوة تحديداً) وجعل كل منهم كبش فداء ان يلقي بالفشل على الاقاليم ومجالسها حتى يكون هو بعيدا عن الشبهات والتهم؟هل يتنازل قليلاً عن صلاحياته المركزية و يتفاوض مع الشركاء ضمن مبدأ الصفقات السياسية ليعطيهم المحافظات من جديد ..في حين هو يعرف ان تغيره اصبح اسهل من تقديم الخدمات للشعب ..
https://telegram.me/buratha