حافظ آل بشارة
يقترب الجيش الامريكي العرمرم بأساطيله المدوية من السواحل الليبية ويملأ البحر المتوسط عجيجا وضجيجا ، تلويح بالقوة وتمرين مكرر تؤديه قواتهم بحماس وهي تحدق في جغرافيا الفراغ العسكري والسياسي والحضاري وسياسة التسليم للاقدار المرسومة التي تحرق الجميع حكاما ورعايا في عالم عربي خاو على عروشه ، الزحف الامريكي نحو ليبيا يثير في الذاكرة العربية ذكرى تحرير الكويت في عاصفة الصحراء ، عندما رسمت واشنطن بجيوش اصدقاءها طوقا لا ينسى حول دائرة المقدسات الكبرى ومراكزها : مكة والمدينة والمسجد الاقصى وكربلاء والنجف ، لتصبح مشروعا للتدنيس ، اسفرت تلك التراجيديا عن عاصفة الصحراء سنة 1991 لتتحول اللعبة من اسقاط نظام حكم الى تركيع شعب ، ظهرت آثاره في هجوم 2003 ، اسقطوا النظام لكنهم فتحوا الابواب للغزو التكفيري والابادة الطائفية . القذافي نسخة مكررة من صدام ويجتذب بحمقه غزوا امريكيا جديدا والمؤسسة العسكرية الامريكية التي خاضت تلك المعركة لم تتغير عقلياتها ولا رؤيتها، وعندما يصر القذافي على تنفيذ سيناريو الخطابات المجنونة الى آخر لحظة سيقابله الامريكيون بسيناريو التدخل المجنون ايضا وتكرار وقائع العراق ، التدخل العسكري الامريكي عنصر افتراضي فاعل في حل قضايا العالم العربي ، سبق للولايات المتحدة ان هددت بالتدخل في لبنان والسودان والصومال واليمن والخليج ، تطلق التهديدات بحرية وكأن هذه المنطقة من توابعها ، قضايا العرب يجري تدويلها بسهولة وتوضع اوراقها على الطاولات الدولية بلا مقدمات ، لذا يتحدثون عن تدويل مشكلة ليبيا. هذه الاحداث تفضح هشاشة المنظومة العربية وغياب التضامن العربي وتدني قدرة اتخاذ القرار الجماعي عند العرب وانهيار الجامعة العربية ، والعجز عن بلورة حالة اقليمية قادرة على العمل المشترك والتعاون لحل القضايا العربية ، يفترض ان يباشر العرب بأنفسهم حل الأزمة الليبية الحالية وحسمها وعدم اتاحة الذرائع لواشنطن كي تغزو المنطقة للمرة الرابعة او الخامسة . يفترض ان يكون للجامعة العربية قدرة على تركيع القذافي وتغيير قراره الجنوني الاخير ، خاصة وانه سيكون سببا في تعرض المنطقة الى غزو اجنبي ، واستغلال الغزاة للموقف العسير الذي يمر به الشعب للعب دور المنقذ ثم فرض الهيمنة على البلد كما حدث في العراق ، هؤلاء الحكام هم اتباع الغرب والمؤسسة الاستعمارية التي صنعت صدام وفريقه هي نفسها صنعت القذافي ونظامه ، والقذافي مسؤول ايضا عن افواج الارهابيين والتكفيريين الذين سيدخلون ليبيا بحجة مواجهة الغزو الامريكي ولن يخرجوا منها ، يتحولون الى ابادة الشعب نفسه وترك الاحتلال ، ولو ان هذا الطاغية قرر هو واولاده التخلي عن السلطة فورا وتركوا للشعب الليبي حرية اختيار البديل لفشل اي تدخل اجنبي ، شعوب المنطقة تختار الثورة على حكامها تباعا فلا تجد ناصرا ، ثم تتعرض للغزو ، تطلب التحرر فتحصل على احتلال أجنبي ! ومن يستعين بالتدخل الاجنبي فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار .
https://telegram.me/buratha