كريم محمد السيلاوي
من بين ماافرزته الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العراق التي انطلقت قبل اكثر من اسبوعين في محافظة واسط لتعم شتى المحافظات العراقية، هو استقالة عدد من المسؤولين تحت ضغط المطالب الجماهيرية ، ابتداء من محافظ واسط لطيف حميد الطرفة، ومن ثم محافظ البصرة شلتاغ عبود ومحافظة بابل سالم الزركاني، واستقالة عدد من مسؤولي واعضاء المجالس المحلية، واستقالة وكيل وزير التربية علي الابراهيمي، واستقالة امين بغداد صابر العيساوي، والظاهر ان الحبل على الجرار مادامت التظاهرات والاحتجاجات، ومن المتوقع ان يتقدم وزراء ومسؤولين اخرين بأستقالاتهم خلال الفترة القليلة المقبلة.والاصح ان كل هذه الاستقالات ليست استقالات بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل انها اقالات وتنحيات مذلة ومهينة الى اقصى الحدود. وهذا تحول كبير في الوضع السياسي العام للبلاد، من الممكن ان يسهل عملية مكافحة الفساد الاداري والمالي، ويضع قيودا وضوابط اكبر على تولي المناصب والمواقع العليا في الدولة بدءا من رئيس الوزراء ومرورا بالوزراء والقادة العسكريين واعضاء البرلمان وانتهاء بالمدراء العامين.والسؤال الاهم الذي يطرح نفسه هنا، هو ان استقالة او اقالة او تنحي السادة المسؤولين عن مواقعهم هو بمثابة اقرار بالفشل او العجز او التقصير. وازاء ذلك هل انهم سيتمتعون برواتب تقاعدية باهضة وامتيازات مابعد المنصب؟.. اذا كان الامر كذلك فهذا يعني مصيبة وكارثة وطامة كبرى، لانه بدلا من ان يحاسب ويسأل ويستجوب المسؤول الفاشل والعاجز والمقصر فأنه يخرج معززا مكرما وتأتيه الاميتازات وهو جالس في بيته دون ان يفعل شيئا، مثلما هو الامر مع عشرات، بل مئات الاشخاص الذي كانوا بالامس وزراء او نواب برلمان او مستشارين او لااعرف ماذا، والان تأتيهم رواتبهم المليونية حيثما كانوا ، في الاردن او سوريا او اوربا او اميركا او حتى في بلاد الاسكيمو!!..لم يخرج العراقيون للتظاهر والاحتجاج حتى يقدم المسؤولون الكبار استقالاتهم ليتنعموا بالاموال الطائلة من تقاعد وغيره وغيره، وانما من اجل ان يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ويحاسب المقصر ويحاكم المفسد والمحتال والسارق.
https://telegram.me/buratha