ابراهيم احمد الغانمي
في مثل هذا اليوم من العام الماضي توجه ملايين العراقيين الى صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم في مجلس النواب، ولاشك ان السابع من اذار-مارس 2010 مثل منعطفا مهما في مسيرة العراق الديمقراطي الجديد، وكان العراقيون يأملون ان يكون فاصلا بين مرحلتين من عمر التجربة السياسية الديمقراطية، مرحلة تحديات الارهاب وضعف الخدمات، والاحتقان السياسي، ومرحلة التوافقات السياسية وانحسار الارهاب، والازدهار الاقتصادي، والتقدم في الواقع الحياتي الخدمي لعموم الناس.وبعد مرور عام كامل على اجراء الانتخابات البرلمانية يشعر معظم العراقيين بقدر كبير من الاحباط والتذكر والاستياء ، ولانبالغ اذا قلنا اليأس من امكانية حصول متغيرات وتحولات على الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية يعتد بها، ومن شأنها ان ترسم صورة جديدة تختلف عن الصورة القاتمة التي الفها العراقيون بعد منذ فترة طويلة من الزمن، ولم تلفح عملية الاطاحة بنظام صدام في 9 نيسان 2003 بتغييرها جذريا.لانبالغ اذا قلنا ان العام الماضي، أي منذ اجراء الانتخابات البرلمانية الاخيرة وحتى هذا اليوم كان من الاعوام السيئة التي حفلت بالكثير من المعاناة، وكشفت عن حقيقة ان تغيير الواقع القائم امر بعيد المنال.واحدة من المفارقات المؤلمة انه بعد عام من الانتخابات لم يكتمل تشكيل الحكومة، اذ مازالت الوزارات الامنية الثلاث -الدفاع والداخلية والامن الوطني-شاغرة وسط خلافات وتقاطعات ذات طابع حزبي سياسي ضيق الافق.وقبل هذا فأنه انعقاد مجلس النواب تأخر لعدة شهور، وبعد عقده الجلسة الاولى له ابقاها مفتوحة لعدة شهور ايضا على امل ان تتفق الكتل السياسية على المناصب العليا في البلاد، والمؤلم ان اعضاء البرلمان الذين ذهبوا الى شؤونهم الخاصة بعد ابقاء الجلسة مفتوحة كانوا يتقاضون الرواتب الباهضة والامتيازات المغرية، في الوقت الذي بلغ الصراع السياسي على السلطة على اشده، وفي الوقت الذي بلغت معاناة المواطنين مستويات تفوق الوصف بأنعدام التيار الكهربائي في ظل الارتفاع الحاد بدرجات الحرارة، وغياب مفردات البطاقة التمونية بصورة شبه تامة، وانقطاع الماء الصالح للشرب عن كثير من المناطق وسوء شبكات الصرف الصحي، ناهيك عن تفاقم معدلات البطالة في صفوف الشباب وخصوصا خريجي المعاهد والجامعات.وبعد صبر طويل وطول انتظار تشكلت الحكومة بطريقة ترقيعية عرجاء، ومع ذلك حاول العراقيون ان يتفاءلوا عل الامور تتحسن، ولكن وبعد حوالي ثلاثة اشهر من تشكيل الحكومة وحصولها على ثقة البرلمان لم تلح في الافق أي بوادر للاصلاح والتغيير، والتظاهرات الجماهيرية التي شهدتها مؤخرا مختلف محافظات العراق اكبر مؤشر على ان الامور بقيت ومازالت تدور في حلقة مفرغة، وليس هناك من هو على استعداد لتحمل المسؤولية الحقيقية والاقرار والاعتراف بالاخطاء وطرح رؤى واقعية وعملية لاصلاح الواقع السيء.وما ظهر من خطوات من قبل الحكومة ليس الا محاولات لامتصاص غضب الجماهير وتهدئتها، هذا مايقوله بعض السياسيين ومايقوله الناس.ولعل الطامة الكبرى ان عاما كاملا مر ولم يلمس العراقيون أي ثمرة او نتيجة ايجابية او مردود ملموس من قبل الحكومة، لا السابقة التي كانت تسير الاعمال ولا الجديدة التي تتحجج بأنها في بداية عمرها وتحتاج الى مزيد من الوقت لكي تفعل وتنفذ وتقدم.والمشكلة ان الثقة باتت معدومة بين الحكومة والناس الذين صوتوا بصورة مباشرة او غير مباشرة لاعضائها واعضاء مجلس النواب. وهذه مشكلة كبيرة وخطيرة بكل معنى الكلمة.
https://telegram.me/buratha