د.طالب الصراف
كلما يحاول المحلل السياسي ان يجد مفردة في اللغة العربية تصف ما يحدث من اعتداء وسرقة ورشوة واستهتار بحق الشعوب العربية في جميع اقطارها من قبل الحكام الغير شرعيين لم يجد في قاموسنا العربي كلمة جامعة مانعة للدلالة على المعنى الحرفي الذي تعطيه الكلمة الاغريقيةkleptocracy(كليبتوقرطية) التي سنتعرض للحديث عنها ولكن قبل ذلك لابد من التعرض للحكام "الغير شرعيين"؛ لأن عدم شرعية الحكام العرب اصبحت حقيقة واضحة بعد سقوط النظام التونسي ثم المصري وقبلهما النظام الصدامي الذي لم يقف معه من ابناء الشعب العراقي الا المجرمون والاشرار. لقد كان كل رئيس من هذه الانظمة العربية يدعي انه وصل للسلطة عن طريق انتخابات شعبية جاءت به بنسبة لاتقل عن 99.99% افرزتها الصناديق الانتخابية المزيفة لاختياره كما اعلن اعلام الكذب والدجل في زمن صدام وحسني مبارك وغيرهما من اساطين الفساد والدكتاتورية والاجرام, اما الحقيقة التي انكشفت بعد سقوط هؤلاء الطواغيت اثبتت ان الشعوب تكره وترفض زعاماتها العربية بنسبة 99.99% كما ظهرت على المحك الحقيقي في ثورة تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين والسعودية المحتضرة وبقية الدول العربية الضالعة بالدكتاتورية والفساد هي الاخرى على طريق المحاسبة والاقصاء. ان الشعوب حين تنفست بعض نسيم الحرية رفضت وثارت على هؤلاء الذين سرقوا اموال شعوبهم هذه الاموال التي لاتصدق ارقامها لا بالعقل ولا الخيال وقد ذهبت هدرا لتستولي عليها حكومات وبنوك وافراد تحت ارقام سرية في البنوك, وكذلك في اوراق الاسهم والشركات والوكلاء من العرب والاجانب كما كان الحال مع اموال صدام وعائلته. ولماذا لم تصرف هذه الاموال على ابناء الشعوب حتى تسود العدالة وتصبح شعوبكم -ايها الحكام- درعا صلبا لحمايتكم والدفاع عنكم بينما اليوم تستعين الشعوب عليكم بالاجنبي لظلمكم الجائر وها نحن نشاهدكم بعد ان زلت النعل بكم احتجتم الى مساعدة ومعونة حلفائكم الاشرار واذا هم اليوم بأشر خليل وألأم صديق وخدين لانهم من نفس طينتكم السبخة, فهذا القذافي يصرح لتلفزيون بي بي سي:"اشعر بالخيانة من قبل قادة الغرب." واما قادة العرب فقد اتهمهم جميعا بالخيانة والعمالة للغرب واسرائيل وواقع الحال ان القذافي على رأس القائمة في الخيانة والعمالة. والحقيقة كانت كلمة (الفساد) هي الكلمة الاقرب من غيرها في قاموس اللغة العربية لوصف حكام العرب الا انها لم تكن كافية وافية اوجامعة مانعة في اعطاء صورة وصفية كاملة واضحة عن سلوكية هؤلاء الظلمة الخونة السراق . وقبل الحديث عن معنى كلمة (كليبتوقراطية) التي سوف نستخدمها في وصف الحكام العرب لابد من التعرض الى قصة ساخرة في هذا المضمار سمعتها من اذاعة B.B.C المحلية في لندن, وهي (ان احد السائحين من الاجانب بعد ان شاهد ثلاث صور في مطعم مصري في القاهرة واحدة للرئيس جمال عبد الناصر واخرى لانور السادات وثالثة لحسني مبارك, فسأل الاجنبي صاحب المطعم؛ لمن هذه الصور؟ فاجاب صاحب المطعم:"الاولى للرئيس الذي غير واستبدل النظام من ملكي الى جمهوري والثانية للرئيس الذي عقد اتفاقية مع اسرائيل والثالثة للرئيس الذي ابنه شريكي في هذا المطعم" يعني جمال بن حسني مبارك), وهذا يدل على ان السرقة والرشوة والفساد الحكومي وصل حتى الى سرقة اموال الفقراء من اصحاب المصالح الصغيرة كالمطاعم والمقاهي بل اصحاب عربات الفواكهة المتجولة كما حدث في تونس, أي اخذ لقمة العيش من افواه الفقراء بل ذهبوا اكثر من هذا وذلك بقتل ابناء شعبهم مجرد التعبير بالاحتجاج السلمي الذي يعبرون به عن حالة الفقر وكبح الحريات ومنها حرية التعبير وحرية الاديان كما حدث مؤخرا في البحرين حيث استشهد ثلاثة ابطال على مذبح الحرية في يوم واحد وكما حدث في تونس ومصر وبقية الدول العربية التي يتسابق ابناؤها على طريق الفداء من اجل الديمقراطية والحرية ولقمة العيش. ان هذه الحكومات الكليبتوقراطية الدكتاتورية التي سعت الادارة الامريكية وقبلها الامبروطارية البريطانية على تشكيلها لتحكم الشعوب العربية ومن بينها (المؤسسة الكليبتوقراطية السعودية الوهابية الواهية) اصبحت لاتتناسب وما يتلطبه العصر والتقارب الانساني العالمي والحضاري ونبذ التسلط والدكتاتورية وسرقة الشعوب والتي انكسر عمودها الفقري حين قصمت قوى الشباب في مصر ظهر الطاغية حسني مبارك, وكذلك في العراق الجديد الذي انها حكم الدكتاتورية الصدامية والذي صفقنا وابتهجنا فرحا به لاننا توقعنا بان العراق سيصبح نموذجا للديمقراطية في الشرق الاوسط وليس الى الكليبتوقراطية القبلية والحزبية( nepotistic kleptocracy) وخاصة ان العراق اصبح اول دولة تمثل القضاء على النظام الدكتاتوري الشمولي الصدامي الذي اطيح به سنة 2003 رغم وجود الاحتلال, وذلك لانه سجل قصب السبق بالاطاحة باكبر نظام دكتاتوري خضعت له الدكتاتوريات العربية الصغيرة قبل غزوه للكويت في العراق, الا ان ابناء العراق كانوا اكثر كرها لصدام وعائلته من الشعبين التونسي والمصري لرئيسيهما والكل يعرف ذلك لولا النبض الطائفي عند السياسيين المحترفين وليس الشعوب. ان الشرفاء من السياسيين العراقيين يجدون انفسهم عاجزين امام هذه الفوضى اللاخلاقة وفي حيرة عن وصف ما يحدث في العراق, وان كلمة (الفساد) وحدها غير كافية بوصف ما يحدث في بلدهم الجديد ولذلك وصِف الفساد: بالفساد الاداري والفساد المالي والفساد الاقتصادي والفساد السياسي واصبح الفساد يواجهك ويطاردك في كل مرفق من مرافق الحياة في المقاولات والجوازات والبنوك والجنسية وشهادة الجنسية والتعين في الوظائف والترشيح في الانتخابات وتزييف الانتخابات وحتى المنصب الوزاري يعلن في المزاد.والغريب ان السياسيين الذين (يدعون) انهم يمثلون الاكثرية الساحقة المسحوقة التي تشكل 72% من الشعب العراقي نجدهم فرحين بالعمل والمحاصصة الكليبتوقراطية مع الذين يمثلون 17% ومع البقية التي لاتمثل اكثر من 11% من الشعب العراقي, وقد وصل عدد وزراء حكومة الشراكة (الكليبتوقراطية القبلية الحزبية) الى43 وزيرا والعدد في تزايد وان عدد الوزراء الذين يمثلون 72% من الشعب العراقي هم بنفس العدد للكتلة التي تمثل 17% والكتلة التي تمثل11%, وابتعدنا عن المسميات تجنبا بالرمي بالطائفية والكناية ابلغ من التصريح والحر تكفيه الاشارة وشمل هذا التقسيم حتى مجلس رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومجلس النواب, وان كان هنالك فارق بسيط فقد حدث سهوا. والضاحك الباكي ان الكتلة التي وزنها في التعداد السكاني أي ما يسمى (بالديموغرافية الجغرافية) اربعة كيلوغرام تعادل الكتلة التي وزنها نصف كيلوغرام بل تعادل الكتلة التي وزنها 300 غرام وهذا هو عين الكيل بمكيالين, وذلك لان (اسم الكتلة) هو المعيار في حصتها مهما كان حجمها وثقلها الاجتماعي واصبح الاعتماد على المسميات والالفاظ, والاخجل من ذلك بدأ الزحف على اضعاف مركز رئيس الوزراء فتأسس المجلس السياسي ثم مجلس للدراسات الستراتيجية للعمالة , كل ذلك ليجعل الهيمنة الاجنبيةعلى الشعب العراقي سهلة وهينة لتعيين وتنصيب افرادا سأم الشعب العراقي من وعودهم واستخدامهم لنهب ثروات العراق الذي يعتبر اغنى بلد في العالم بموارده النفطية والطبيعية والسياحة الدينية والاثرية, فارض العراق تحتفظ وتضم مراقد ال بيت النبي محمد (ص) وكذلك اقدم الحضارات في العالم, الا ان نسبة كبيرة من ابناءه تعيش تحت خط الفقر بسبب القبول بسياسة المحاصصة او المشاركة التي لم توفر حتى الغطاء الامني وليس الاقتصادي او الخدماتي. لقد كان الهدف من التساوي في المناصب السياسية ليس في سبيل الديمقراطية وانما من اجل الكليبتوقراطية لان الديمقراطية ترفض فكرة المحاصصة والمشاركة رفضا باتا, وكانت الحجة لهذه المحاصصة والمشاركة هو شعار احلال الامن والاستقرار في العراق, ولكن هذه المحاصصة والمشاركة لم توفر ذلك بل زادت في سفك دماء العراقيين ونهب ثرواتهم من قبل عصابة جاءت بها السعودية والمخابرات الامريكية والصهيونية, وكلما قُدمت التنازلات من قبل ما يمثل الاكثرية الساحقة ازدادت مطالب الاقلية (الاقليات) وازداد معها العنف وعدم الاستقرار, كل ذلك جرى بتخطيط سعودي صهيوني وظفت واستخدمت فيه كتل واحزاب عراقية لتنفيذ تلك الاجندات السعودية الوهابية امثال الكتلة العراقية التي ضمت "لملوما" من كل حدب وصوب غير متجانس في الاهداف الا هدفا واحدا هو سرقة اموال الشعب وتنفيذ كليبتوقراطية الاقرباء والمقربين.
ان توزيع السلطة بين الشيعة والسنة والاكراد حسب هذه المصطلحات الفضفاضة التي سأم الشعب العراقي باجمعه منها بكل قومياته ودياناته جعل تلك المسميات المتعايشة سلميا بعضها مع البعض منذ عصور ودهور تثورعلى من يدعي تمثيلها فتظاهرت الشيعة بالاحتجاجات على من يدعي تمثيلهم سواء في وسط العراق اوجنوبه او اماكن اخرى في الشمال ولكن هذه الاحتجاجات كانت بطريقة مخففة نتيجة لاشارات وتنبيهات من المرجعية الرشيدة وكانذار اولي, وكذلك تظاهر ابناء الموصل وقاموا باحتجاجات على محافظ الموصل والمطالبة بازاحته وتغييره لانه لم يقدم ما يذكر من خدمات لابناء المحافظة الا ان محافظ الموصل (النجيفي الثاني) لم يستسلم ولم يحترم حتى قرار رئاسة الوزراء بان يقدم استقالته من منصبه لانه يرى نفسه محافظا للولاية الشمالية كما كانت ابان الدولة العثمانية, ولكننا في نفس الوقت نرى ان محافظ ولاية البصرة اطاع حكومة المركز وكذلك بعض المحافظين بتقديم استقالاتهم, ويبدو ان رئيس البرلمان النجيفي (ألاول) شقشيق (الثاني) يحاول انقاذ اخيه ولو معنويا بانتخابات مبكرة, ومن ثم قام بنفس الشيئ ابناء الرمادي وصلاح الدين من احتجاجات ومظاهرات وكذلك المعارضة تتسع في محافظات كردستان يوما بعد يوم.وبعد متابعة تأريخية لما يوازي ويشابه ما يحدث في الاقطار العربية وما مرت به الشعوب الاوربية وتجاوزته الى حد ما يرى السياسي المطلع على تأريخ الشعوب ان حكومات الاقطار العربية بزعامة الحكومة السعودية الفاسدة حتى النخاع لاتزال تسير على خطوات ومنهج (كليبتوقراطية القبيلة والمقربين) Nepotistic Kleptocracy, وهذا المصطلح في اللغة الاغريقية يعني:"مجموعة السياسيين الفاسدين من الاقرباء والمقربين تحالفوا على استغلال الحكم وسرقة البلاد بكل طرق وادوات الفساد" وليس الحاكم الواحد السارق كما كان الحال في زمن صدام حيث كان صدام كل العراق وهو الحاكم الاوحد وهو الذي يحدد من هو الفاسد ومنه الموالي والمعادي له, الا ان الحال يختلف مع عائلة ال خليفة في البحرين وال سعود ورئيس اليمن والقذافي وبطانتهما وبقية الحكام العرب, اما في العراق الجديد فلا يوجد صدام كما كان؛ سارق واحد, دكتاتوري, طاغوت, وانما اصبح السارق كتل واحزاب سياسية واضحة تحالفت فيما بينها على محاصصة السلطة وكذلك هنالك احزاب ينظر الشعب العراقي اليها كاحزاب وطنية الا انها ملئت بالغام من عملاء السعودية اشتريت باموال السحت والفساد والعمالة, واليوم تطور مفهوم الفساد فبدلا من ان يكون احادي اصبح جمعي كليبتوقراطي واصبح هدف السراق الوحيد هو نهب البلاد بقدر ما يتاح لهم من بقاء في السلطة, فتسمع اليوم سرقات العصر في العراق وليس سرقة العصر من الشعب العراقي كما فعلها وزير الداخلية العراقي السابق حازم الشعلان ووزير الكهرباء ايهم السامرائي والعشرات غيرهما من الذين تولوا السلطة او من الاقرباء والمقربين الى يومنا هذا, وما يحدث في العراق لايختلف عما يحدث في مصر بعد ان انكشفت اوراق عائلة حسني مبارك وبطانتها وكذلك العائلة السعودية التي يربو عدد افرادها على 6,000 اميرا واميرة كلهم انغمسوا في الفساد واصبحوا نموذجا لهذا النوع من (الكليبتوقراطية) كطبقة من الفاسدين المفسدين, واما اموال عائلة القذافي التي سرقت من افواه ابناء الشعب الليبي فقد تخمت بها البنوك والشركات والحكومات في العالم حتى اصبحنا نسمع بارقام خيالية لايصدقها العقل, وكذلك الاموال التي ادخرت في بيت رئيس تونس المخلوع التي ظهرت على ىشاشات التلفزيون. ومن هنا نرى ان الحكومات العربية العميلة انغمست في سرقة اموال ولقمة عيش ابناء شعوبها وليست كما تعمل امريكا او الدول الامبريالية الاخرى باستخدام الحكام العملاء العرب كوسيط لنهب ثروات الشعوب العربية من اجل مصلحة شعوبها وتقوية وتعزيز اقتصادها, وهنا يحدث الفقر والمجاعة والتخلف بين ابناء تلك الشعوب العربية كما هو في السعودية التي تعتبر اثرى واغنى دولة في العالم الا انك ترى البطالة والفقر وتدني الخدمات العامة الى ادنى المستويات مما يسبب الثورة والانتفاضة على الطغاة وحينها تتبرأ الدول الكبرى منهم مهما قدموا لها من خدمات, ولو اخذنا مثالا وقع قبل احداث مصر حيث ان الادارة الامريكية قد تخلت عن الحريري ونبذته مجرد ان تخلى عنه الشارع اللبناني وانتزع منه منصب رئيس الوزراء, الا ان العملاء لايستفيدون من التأريخ ولا يستفيدون من تجارب الاخرين فهم مستعمَرون ولهم قابلية الاستعمار من الداخل كما يقول المرحوم مالك بن نبي في كتابه (شروط النهضة). وليعلم الحكام العرب ان بطانتهم المقربة اليهم اليوم سوف تخلعهم وتتبرأ منهم غدا كما تبرأت بطانة زين العابدين بن علي في تونس من رئيسها المخلوع بل تبرأ منه حتى الاصدقاء من الحكام العرب والاجانب, وهكذا حصل الحال ايضا الى حسني مبارك الذي كان من المقربين له ابو الغيط وزير خارجيته الذي كان لايعتقد ان يتخلى عن رئيسه ولو تحت اعواد المشانق ثم رماه بعد ذلك كما ترمى الاوساخ في المزابل وكذلك ما نشاهده اليوم في ليبيا, واما امريكا التي تحالف معها حسني مبارك واصطف خلفها في محاربة جنوب لبنان وابناء غزة ومعاداة الجمهورية الاسلامية كانت تنظر اليه في نفس الوقت كدكتاتور مستأثر في السلطة ومتطاول على حقوق ابناء شعبه رغم كل ما قدمه من تنازلات للكيان الصهيوني وتسخير لوسائل اعلامه في محاربة كل ما هو وطني, الا ان تلك الدول سرعان ما تخلت عنه مجرد ان تأكدت من نهايته لانها لاتريد ان تفقد مصالحها في المنطقة. وبعد سقوط هذه الحكومات الكارتونية طرح على الشارع المصري والتونسي شعار تشكيل حكومة وطنية, ولكن ما هي الفائدة من حكومة وحدة وطنية لفظا كما حدث في العراق بينما المحتوى هو تورط بعض اعضائها في التفجير والقتل للابرياء دون توقف, ويمكن ان يحدث هذا في مصر لانه لايزال هنلك انصار حسني مبارك في السلطة كما يوجد انصار صدام في السلطة ويمكن ان تسرق الثورة ويمكن ان يحدث نفس الشيئ في تونس وهكذا بقية الاقطار التي تتحرر من الحكام الظالمين الطغاة, وهنا لابد من التذكير بان العراق يختلف عن غيره من الاقطار العربية وذلك بسبب قوة تأثير المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف وقربها من الجماهير. وفعلا ان هنالك ترابط وصلة وثيقة بين حب ال بيت النبي (ص) الذي تكرسه المرجعية في السير على منهجهم وسنة نبيهم محمد (ص)من جهة, ومن جهة اخرى هو ايمان الناس بانه لاتوجد منظمات ومؤسسات اصدق واقرب تلاصقا بالجماهير وحل مشاكلها من المرجعية الزاهدة في الحياة والتي لابد من ان تقول قولتها بعد ان بلغ السيل الزبى وبلغت الروح الحلقوم نتيجة التفريط بارواح الناس واموالهم والاعتداء على المصالح العامة.ان ما يقوم به القائمون على شؤون البلد السياسية من زيارات للمرجعية الدينية في النجف الاشرف لايعني ان الذي زار المرجعية اصبح لديه الحق في التعامل الكليبتوقراطي مع الناس والتسويق لاجندته والتبرير لفساده أي انه اخذ اجازة من المرجعية في سرقة الناس والاعتداء على حقوقهم مجرد تحقيق زيارة كان الهدف منها تبرير الجرائم والفساد لذلك السياسي, وحاشا المرجعية الفاضلة الورعة من ذلك, حتى بلغ الامر الى تصريح احد المقربين من المرجعية ان بعض المسئولين الذين يلتقون بالمراجع الافاضل "يصرحون بعد اللقاء مع المرجعية بدقائق خلاف ما قاله المرجع من نصائح وارشادات" مما جعل المرجعية ترفض مقابلة بعض المسئولين السياسيين لانها توجد لديها صورة وتجربة مسبقة عنهم. ان المرجعية الدينية تفتح ابوابها لكل قطاعات المجتمع العراقي,اما انك تلتقي او تزورالمرجع سواء كنت مسئولا سياسيا او مواطنا عاديا فهذا لايعني ان زيارتك للمرجع منحتك اليد الطولى في الاعتداء على (مصالح الناس) التي طالب الشارع والمشرع في الحفاظ عليها لانها تجلب المنفعة وتدفع الضرر عن المجتمعات.فالحاكم السياسي اليوم مسئول مسؤولية مباشرة في اعداد القوانين والانظمة وتطبيقها للحفاظ على مصالح الناس الرئيسية كالحفاظ على دينهم وانفسهم وعقولهم ونسلهم ومالهم؛ ومن المؤسف قد اصبح هدف حكام الامة العربية العمل على تسفيه الدين والقائمين عليه واما الحفاظ على نفوس الناس فاصبحت مهمة هذا الحاكم هدرها كما فعل صدام في حربه على الجمهورية الاسلامية وغزوه للكويت وما نتج عنهما من ازهاق مئات الالوف من الانفس وكذلك الحال في البحرين وليبيا, واما العقول فاصبحت مهمة الحاكم العربي ان يفسد عقول ابناء شعبه واشغالهم بالامور اللااخلاقية من اجل اضعاف المجتمع والانغماس في السلطة, واما النسل فاصبح ابناء هذا الجيل وابناء المستقبل يرون والديهم الجدد على شاشة التلفزيون والانترنت والسينما ويتأثران بهما وبتربيتهما اكثر من الوالدين الحقيقين دون ان تضع السلطات المسئولة حدا لذلك لانها مشغولة في الكليبتوقراطية , واما اموال الناس فاصبحت مباحة من قبل المسؤولين الحكوميين والسرقة من اموال القطاع العام والخاص فحدث ولاحرج, ومصادرة اموال الناس وممتلكاتهم على قدم وساق والرشوة ليس عليها رقيب ولاحسيب. ورغم هذا الواقع المزري الذي تعيشه الشعوب العربية سواء في الماضي او في الحاضر الا انها انفجرت كالبركان على واقع كان مغلقا حبيسا واذا بالوسائل الاعلامية والتكنولوجية الحديثة تهجم مرة واحدة على المجتمعات العربية وحكوماتها لتسبب وتحدث هيجانا وثورات لم تستطع الحكومات الوقوف بوجهها مما جعل الشعوب العربية المقهورة تستغل الفرصة للثوران بوجه حكامها الطغاة مدعومة بوسائل الاعلام الحديثة التي اصبح من الصعوبة بل المستحيل من السيطرة عليها من قبل مخابرات الحكومات الدكتاتورية الظالمة.وليس بالغريب ان تنضم مفردة (كليبتوقراطية) الاغريقية الى مفردات القاموس العربي كما انضمت قبلها كلمة الديمقراطية المعاكسة لها في المفهوم والمعنى, وهذا المصطلح الجديد يتناسب مع التحولات العالمية في وصف السراق من الحكام العرب الذين انتقلوا من مرحلة السارق الواحد الاوحد- كما كان معاوية ومن جاء بعده من الحكام الامويون واغلب العباسيين وصدام والقذافي ومصر ايام حسني مبارك - الى مرحلة الاقرباء والمقربين التي تعيشها الحكومة السعودية الوهابية ودول الخليج التي تتوسع بها دائرة السراق فاصبحت هنالك مجموعة من اللصوص تتشكل منها الحكومة وليس شخص واحد وانما مجموعة تعاشرت وتحالفت فيما بينها على سرقة اموال الشعب العامة والخاصة يطلق عليها حكومة كليبتوقراطية التي تعني:"مجموعة من السياسيين السراق تحالفوا بينهم على التسلل للسلطة وسرقة البلاد",فلا وازع داخلي يوقفهم عن الفساد ولا رادع ديني أي كما قال ابو سفيان:"تلاقفوها يابني امية تلاقف الكرة, فوالذي يحلف به ابو سفيان ما من جنة ولا من نار, انما هي الدنيا نتكالب عليها".ويبدو ان عجلة التأريخ لم تتحرك في الاقطار العربية فلا تزال كما هي في عهد ابي سفيان, ولكن اين ابو سفيان واين معاوية واين صدام واين حسني مبارك وابن علي رئيس تونس وما يتبعهم من حثالات الاقدار التي جاءت بهم الى دفة الحكم امثال ال سعود وال خليفة احفاد التجسس والعمالة للصهيونية والدول الامبريالية.ان الحفاظ على المال العام الذي هو مال الفقراء تحاسب الدول المعتدي عليه اشد محاسبة, بينما لا يهمها ان هنلك شخص سرق مال شخص فان لذلك محاكم مدنية تحل النزاع فيما بينهما, ولكن الويل لمن يعتدي على المال العام فسوف يسقط ويحاسب حتى لو كان رئيسا للوزراء وسوف يجرد من كل المسئوليات الحكومية وينتزع منه اسمى لقب حتى ولو كان عضوا في مجلس اللوردات, وما اعظم وصية امامنا علي (ع) في نهج البلاغة حين جعل المال العام امانة في اعناق الحكام عندما اوصى احد عماله مخاطبا اياه :"وانما لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما, وشركاء اهل مسكنة وضعفاء ذوي فاقة واٍنا موفوك حقك فوفهم حقوقهم, والا تفعل فانك من اكثر الناس خصوما يوم القيامة وبؤسا لمن خصمه عند الله الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون والغارم وابن السبيل ومن استهان بالامانة ورتع في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد احل بنفسه في الدنيا الخزي وهو في الاخرة اذل واخزى. وان اعظم الخيانة خيانة الامة وافظع الغش غش الأئمة.والسلام". والذي يثير الانتباه ان غباء وظلم الحكام العرب لم يجعلهم يأخذوا الدروس والعبر مما يجري في المنطقة التي اطاحت بالعتاة والطغاة, فهذا ملك مشيخة البحرين الذي سرقت عائلته الحكم من اهله الاصليين - كما يعترف وزير خارجيته وابناء عمه في ذلك في كثير من المناسبات الخاصة- يكرر نفس الاخطاء التي وقع بها حكام تونس ومصر وليبيا وصدام ويتوقعون ان امريكا سوف تحميهم الا انها واسرائيل والدول الاوربية لم تستطع حماية الطغاة حين تثور الشعوب. ان مشيئة الله وارادة الشعوب العربية الاسلامية سوف تعصف بهذه الحكومات الكليبتوقراطية التي طغت في البلاد واكثرت فيها الفساد, ولم يكتفي حكام المملكة الوهمية في البحرين بطغيانهم وفسادهم وانما تجرأوا على قتل النفس التي حرم الله قتلها ولكن الله تعالى اوفى بوعده وكان لهم بالمرصاد كما جاء في محكم كتابه :"لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم". فقد ذهبت عائلة ال خليفة الى ال سعود (الرجل المريض) التي هي الان نفسها في مرحلة الزوال تطلب منها النجدة والمساعدة في الوقت الذي تعج المظاهرات المناوئة لعائلة ال سعود على طول البلاد وعرضها.ومهما كانت طرق التوسل والخداع فلابد من ازالة الباطل عن نصابه وقلعه من اصله وقطع اللسان عن شغبه كما يحدث اليوم في ثورة الاجيال العربية الجديدة التي توقعها العبقري الامريكي Bill Gate صاحب شركة برامج المعلومات الكمبيوترية في كتابه (الطريق الى الامام) سنة 1995, فقد توقع ان الاتصالات الاجتماعية والمعلوماتية من خلال هذه البرامج سوف تتجاوز حتى القائمين على تصميم برمجتها وعلى شركاتها وتفلت من السيطرة عليها وفعلا هذا ما يحدث اليوم وما نراه من تأثير لهذه البرامج في الاطاحة بالحكام القتلة والسفاكين لدماء ابناء شعوبهم, وذلك عن طرق تسهيل الاتصالات وتبادل المعلومات وهذا ما كانت تعوزه الانتفاضة الشعبانية في العراق التي انفجرت بوجه الطاغية صدام سنة 1991. اما اليوم فالتطور مستمر والتغيير في الحكومات العربية الدكتاتورية حاصل نتيجة لهذا التطور الذي لابد منه, والمحاسبة والمراقبة على قدم وساق ولاقوة تقف بوجه هذه الثورة المعلوماتيه التي سخرها الله في هذا العصر لخدمة الانسان كما جاء على لسان الانبياء والاوصياء واشارت لها الايات القرآنية المحكمة, هذه القوة الالاهية التي علمت الانسان ما لم يعلم وانها القوة التي ستعيد للمظلوم حقه من الحكام الظالمين كما جاء في كتابه تعالى:"ايحسب الانسان ان يترك سدى", حاشا الله ان يهمل الانسان في الدنيا وهو سبحانه يمهل ولايهمل ولابد ان يضع حدا للطغيان والجور ليكون عبرة للاخرين وان طريق النصر قادم بأذن الله وسوف يكون يوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم والنصر من عند الله, وان عدالة الله وارادة الشعوب اقوى من ظلم الطغاة.
د.طالب الصراف لندن 7-3-2011
https://telegram.me/buratha