احمد عبد الرحمن
لعله امر ينطوي على دلالات مهمة ان يخرج العراقيون الذي خرجوا في مثل هذا اليوم من العام الماضي منذ ساعات الصباح الاولى للمشاركة في العرس الانتخابي الكبير المتمثل بانتخابات الدورة البرلمانية الثانية، للتظاهر والاحتجاج بعد عام كامل مطالبين بأصلاح الواقع الخدمي والحياتي لهم، وبعبارة اخرى اصلاح النظام .
ان المشاركة في الانتخابات قبل عام، والتظاهر الان، رسالتان تحملان نفس المعاني والمضامين، وتصبان في هدف واحد، هو ترسيخ التجربة الديمقراطية التي بنيت وشيدت على انقاض اكبر واعظم ديكتاتورية عرفها التأريخ المعاصر.
خرج ملايين العراقيين، واصطحبوا اطفالهم معهم الى صناديق الاقتراع قبل عام من هذا الوقت ليؤكدوا للعالم انهم مصرون على مواصلة مسيرة بناء بلدهم على اسس ديمقراطية حضارية، وليثبتوا لاعداء العراق انهم يمتلكون الشجاعة والقوة والارادة لمواجهة كل التحديات والمصاعب والمعوقات من اجل تحقيق الاهداف المنشودة، وليقولوا للذين سينتخبونهم ان صناديق الاقتراع هي الفيصل، ويقولون لمن لن ينتخبونهم، انهم يبحثون عن الافضل والاكفأ والانزه والاقدر على البذل والتضحية والعطاء.
وخرج العراقيون للتظاهر والاحتجاج ليمارسوا حقا من حقوقهم التي كفلها لهم الدستور ، مثلما كفل لهم حق المشاركة في الانتخابات والترشيح لمواقع التصدي والمسؤولية، ولم تختلف اهداف التظاهرات والاحتجاجات عن اهداف المشاركة في الانتخابات، وهذا بحد ذاته امر مهم ، بل في غاية الاهمية.
فالهدف المحوري والرئيسي لكل العراقيين الشرفاء والمخلصين والخيرين هو البناء والاصلاح والتصحيح.
ولاشك انه من حق ابناء هذا البلد ان يشعروا باالاحباط والاستياء بعد مرور عام على الانتخابات، من دون ان يلمسوا او يستشعروا متغيرات وتحولات ايجابية حقيقية تصب في صالحهم وتحسن اوضاعهم وظروفهم الحياتية.
لم تتحول وتترجم الشعارات والوعود حتى الان الى واقع عملي على الارض، لاسيما وان الصراعات والاختلافات والتقاطعات السياسية مازالت تشغل حيزا غير قليل من وقت ساسة البلد والمعنيين بتسيير شؤونه، فالحكومة لم تكتمل حتى الان، وبرامج العمل مازالت غائمة وعائمة وغامضة، ومعظم الملفات مازالت مغلقة ولم تفتح حتى الان، وفي مقابل ذلك على المواطن ان يصبر وينتظر الى امد غير محدود.
مرور عام كامل على الانتخابات يعني الشيء الكثير، وهذا ماينبغي على كل من يشغل موقعا من مواقع المسؤولية الالتفات الى هذه الحقيقة والتوقف عندها طويلا.
https://telegram.me/buratha