حافظ آل بشارة
يواصل ركاب الموجة الاحتجاجية محاولاتهم لاسقاط النظام في البلاد ، طريقتهم خطيرة ، يريدون توريط الشارع في معركة مع الحكومة التي انتخبها ، الشارع أدرك اللعبة فانسحب منها لان الناس يريدون حل مشاكلهم بدون المساس بالنظام السياسي ، يشعرون بالظلم والفقر والبطالة والفساد ويمارسون الاحتجاج والاعتراض ولكنهم لا يقبلون ان يكون رموز القمع القديم هم المعبرين عن مطالبهم لأنهم جزء من المشكلة وليسوا جزء من الحل ، اكاذيبهم متواصلة فهم يقولون للناس ان الاسلاميين هم سبب هذه الفشل وليس النظام السابق الذي سلم العراق ترابا ، يقولون ايضا في اعلامهم ان القوى السياسية كانت منذ البداية تخشى الأسلاميين الذين حملتهم الصناديق الى السلطة ، ويسوقون لذلك الاسباب : اولا يعتقدون انهم متدينون معقدون ولديهم اطر تقيد مواقع القيادة وما تتطلب من تواضع وزهد وحرص على اداء التكليف الامر الذي يجعل شركاءهم السياسيين الدنيويين مجبرين على مسايرتهم ليخسروا امتيازات السلطة ، ثانيا : انهم معارضون سابقون وقد تكون لديهم تصفية حسابات مع بقايا النظام الماضي . ثالثا : هم يجربون الحكم والسياسة والادارة لأول مرة وقد يقعون في اخطاء كبيرة . رابعا : أنهم تسلموا بلدا يجب بناؤه من الصفر وليس مؤكدا نجاحهم في مبادرة صفرية . يقال ايضا ان الخائفين نقلوا مشاعرهم الى واشنطن فاصابتها هواجس مماثلة ، لذا قررت ان تقدم للجميع خرائط طريق لكي ينجحوا ، ونصائح واشنطن اوامر وان كان اكثرهم لا يعلمون ، لا بأس ، الا ان مجاملات الاسلاميين وبساطتهم تعدت الحدود ، فكانوا غير منطقيين في شراكاتهم ، كان المطلوب منطقيا اعداد صفقة مع القوى الطامحة الخائفة مبنية على قاعدة : لنا القيادة ولك المواقع التنفيذية فاذا فشلت في مهمتك فانت المسؤول عن فشلك ويجب استبدالك ، لكنهم كانوا اكثر بساطة وسخاء وحسن نية فقد تبرعوا للآخرين بمواقع مهمة جدا ثم تبرعوا بتحمل نتائج فشلهم ! التي اصبحت تسجل باسم الاسلاميين ، وهكذا اتضح ان اغلب المخاوف اعلاه مبالغ بها ، فهم غير زاهدين في المنصب ، وهم لا ينوون شن حملة تصفية حسابات بل جاءوا باعداءهم ليضعوهم في صدارة المشهد السياسي وهم يعلمون انهم يتآمرون عليهم من خلف الكواليس ، وهم غير قمعيين بل كانوا عاطفيين في موقع الحزم ومتهاونين في موقع الجد ومتسامحين في موقع الشدة ، كانوا يخشون من تهمة الاقصاء فقدموا اعداءهم وهمشوا اخوانهم فاصبح المؤمنون يدعون عليهم بدل ان يدعوا لهم ، كان انفتاحهم فوضويا يفتقر للتفكير النوعي البعيد المدى ، عدوهم ادرك نقاط ضعفهم وعد ما اعطوه غنيمة ، لم يشكرهم بل ازداد ضراوة وفهم تنازلاتهم على انها دليل ضعف لا دليل رحمة ، وهكذا تصل القصة نهايتها ، رسوب مبكر في امتحان السلطة بعد نجاح مشهود في امتحان المقاومة ، وجدوا شركاءهم يستخدمون الشارع ضدهم هذه الايام ، ليرددوا قول اجدادهم : (ومن يزرع المعروف في غير اهله - يلاقي الذي لاقى مجير ام عامر) .
https://telegram.me/buratha