حافظ آل بشارة
الهزة السياسية الناتجة من التظاهرات الأخيرة هل تلعب دورا مهما في تغيير نهج الحكومة وطريقتها في ادارة شؤون البلد ام ستمر العاصفة وتصير ذكرى ويعود الجميع الى زمن الركود والانسداد والشلل ؟ هناك خطاب حكومي يبعث على التشاؤم ، تزدهر لغة الانشائيات والتعميمات المبهمة ، كبار المسؤولين يتحدثون عن اصلاحات وخطط طموحة بعبارات رنانة بدون ذكر اي ارقام او خطط تفصيلية او سقوف زمنية ، كنا ننتظر بحوثا تخصصية تتناول موضوعاتها بالارقام ، صحيح ان اغلب الوزراء ليسوا مهنيين ولا علاقة لشهاداتهم (ان وجدت) بنوع الوزارة التي يقودونها واذا جاز التسامح مع الوزير كونه موقعا سياسيا فلا يمكن التسامح مع المختصين الذين يضعون تحت يديه الخطط والبرامج والارقام والوثائق ، لم يجد المتابع لخطابات الساسة الذين يريدون معالجة الازمة اي رؤية مهنية اصلاحية محددة . لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ظهرت اساليب ادارية تثير الكثير من الاسئلة ، فالحكومة كلما حدثت لديها أزمة في قضية محددة وارادت الخروج بحل سريع او جواب سريع على اسئلتها لجأت الى تشكيل لجنة جديدة لمتابعة الموضوع متجاهلة الوزارة صاحبة الشأن ، اذا كانت اللجان المؤقتة تحل المشاكل فما هو عمل الوزارات مع ان كل شأن مهم من شؤون البلاد والعباد له وزارة مختصة ، بعض المواطنين كانوا يريدون تقديم شكاوى الى مجلس النواب ضد الحكومة لانها تتصرف بهذه الطريقة ، لكنهم فوجئوا بأن مجلس النواب يقوم باعمال مماثلة دون ان يرف له جفن فقد اتضح ان المجلس الذي فيه حوالي 26 لجنة دائمة عندما يريد دراسة ازمة معينة يقوم بتشكيل لجنة مؤقتة جديدة لاجلها متجاهلا اللجنة الدائمة المختصة بهذا الشأن ! حيث اصبحت لجان البرلمان الدائمة مثل وزارات الحكومة ، هل هي أزمة ثقة أم ماذا ، انها مضيعة للوقت والمال وخسارة لخبرة المختصين ، ويبدو ان التدابير الخاطئة تنتج قرارات خاطئة ، فاذا كان المطلوب اتخاذ قرارات سريعة لمعالجة الازمات التي عبر عنها الشعب عبر تظاهراته فان صحة تلك القرارات تتوقف على قوة ورصانة الجهة التي انتجت القرار ، قرارات اعفاء المسؤولين المقصرين ربما سارت في سياق لا يدعو الى الاطمئنان فيقال مثلا ان المسؤول المثابر الكثير المبادرة والعمل يكون عادة كثير الاخطاء ومن لا يعمل لايخطئ ، اما المسؤول العاطل القاعد الذي يتقيا تصريحات في كل شاشة حلو اللسان قليل الاحسان ، كثير الاقوال قليل الاعمال ، فتراه نجما تلفزيونيا كأي مطرب ، مقاول تصريحات لا يخطئ لانه لا يعمل ولا يعاقب لانه لا يخطئ ! بل سيكون الاجدر بالمكافأة ! ربما تنتج اللجان المؤقتة قرارات تكافئ الخطباء وتعاقب الكادحين ، فيكون العاملون بصدق هم الضحايا ، لا بأس ان تكون التظاهرات المطلبية سببا في تنشيط الاصلاحات الحكومية ، لكن الالية الخاطئة في اتخاذ القرار تجعل الحكومة كالفلاح الذي يعمل في الظلام يقتلع زرعه المفيد ويترك الادغال الضارة ، يقطع شجرة الرمان ويترك (فحل التوث في البستان هيبة).
https://telegram.me/buratha