الدكتور محمد سامي الخفاجي
التخدير تخصص مهم وأساسي في الخدمات الطبية والصحية المقدمة للناس وهو مكمل للفروع الجراحية وأساسي في بعض جوانب خدمة المرضى ممن توصف حالتهم بفائقة الخطورة من خلال ردهات العناية المركزة بأنواعها الجراحية,الباطنية والأطفال وكذلك لطبيب التخدير الدور الرئيسي في معالجة الآلام الحادة والمزمنة وهو دور أكتسب حاليا صدى كبير من خلال الدعوات الدولية لتضمين معالجة الآلام ضمن حقوق الأنسان المعتبرة الواجب أحترامها وضمانهاتشهد الكثير من دول العالم شحة في أطباء التخدير نتيجة عدم أنخراط الأطباء ضمن هذا التخصص لعدة أسباب ومنها:الأجهاد الذي يتعرضون له أثناء العمل من حيث طبيعة العمل التي تتطلب يقظة مستمرة ومتابعة دائمة لحالة المريض الذي تجرى له الجراحة أو مريض العناية المركزة عمل طبيب التخدير يكون كجندي مجهول رغم خطورة دوره في العمل الطبي في حين يحصل زميله الجراح على الثناء والتقبل الأجتماعيالتعرض الى أشكالات العمل مع البعض من الأطباء الجراحيين ممن قد يسيؤن التعامل مع زملائهم أطباء التخدير بالرغم من حصولهم على نفس المؤهل العلمي ورغم مستوى الدخل العالي الذي يحصل عليه أطباء التخدير في أغلب دول العالم وهو يمثل أعلى معدل أجور يحصل عليه الأطباء ألا ان المشاكل السابقة الذكر تجعل رغبة الأطباء للأبتعاد عن التخصص في التخديرأما في العراق فأن هذه المشكلة تمتد لسنوات طويلة حيث عمدت وزارة الصحة لأستقدام أطباء تخدير من الجنسيات المصرية والهندية لتلافي مشكلة شحة اليد العاملة في التخدير وفي عقد التسعينيات بعد أن ترك العراق الأطباء الأجانب سعت الدولة لزيادة الأقبال على التخدير من خلال منح الكثير من الأمتيازات ومنها الأعفاء من الخدمة العسكرية الألزامية, منح حوافز مجزية , أمتياز التعيين في اي مكان يرغب به طبيب التخديرومنح السكن المؤثث المجاني لطبيب التخدير وعائلته في المحافظات وغيرها من الأمتيازات المرغبة للأطباء للتخصص في التخديرورغم كل هذه الأمتيازات بقي العراق يعاني من شحة خانقة قد لا أبالغ بالقول اذا قلت بأن العراق كان الاكثر فقراً في أعداد أطباء التخدير في المنطقة وبعد 2003 وسقوط النظام السابق شهد العراق هجرة الكثير من الأطباء المتخصصين في التخدير الى دول الجوار التي فتحت لهم الأبواب لتستثمر هذه الثروة البشرية والتي أهدرت بخروجهم من العراق ورغم ما يتقاضاه الزملاء المهاجرين الى دول الجوار لا يعتبر مبلغ كبير يستحق الهجرة ولكن البحث عن ضروف عمل ملائمة تضمن كرامة الطبيب وأحترام الجهد الذي يقدمه دفعهم لترك بلدهم الذي هو بحاجة ماسة لهم أكثر من الدول الأخرىأن نزيف هذه الخبرات مستمر لحد الآن لعدم وجود خطط منطقية وواقعية لاحتواء تطلعات الأطباء العلمية والأقتصادية والأجتماعيةالسادة الاعزاء نحن الآن أمام مشكلة تتفاقم وبسرعة ككرة الثلج حيث تشهد الكثير من المستشفيات العراقية نقص كبير في أطباء التخدير ويتم التغطية على هذا النقص بأكراه أطباء التخدير لأعطاء التخدير لأكثر من مريض في نفس الوقت وهذا يعرض المريض لخطر كبير أثناء الجراحة وكذلك ينحدر بمستوى الخدمة الى أدنى مستوياتها ورغم كارثية هذا الوضع ولكن الأعتياد عليه جعله من المسلمات المالوفة جداً ويعتبر من يدعو للتغيير بأتجاه تقديم خدمة أكثر جودة للمرضى معرقلاً للعمل ويعرض نفسه لنقمة الادارة والمسؤولين وكذلك نتيجة تداخل العمل في النشاط الخاص مع الخدمة الطبية في النظام الصحي العراقي التي جعلت من البعض من الزملاء يسعون أولاً لخدمة العمل الخاص من خلال أجراء أكبر عدد من العمليات الجراحية بغض النظر عن مستوى الخدمة المقدمة للمرضى ورغم أن التعليل عادة ما يكون منطقياً وهو حاجة المرضى لهذه التداخلات الجراحية ألا أن دول تعتبر متقدمة جداً في الخدمات الصحية كالمملكة المتحدة توجد لديها قوائم أنتضار لمرضى الحالات الباردة وقد تمتد فترة الأنتضار لأكثر من سنة والهدف هو المحافظة على مستوى الخدمة عالية الجودة التي يستحقها المواطن كحق أصيلتتوزع كثافة الأطباء الأختصاص في التخدير في المدن الرئيسية في العراق في حين تفتقر اليهم مستشفيات بقية المدن وقد نجد مستشفى في جنوب العراق لديها ملاك قياسي 40 طبيب تخدير ولكن الموجود الفعلي لايتجوز بضعة اطباء وجلهم من الممارسين ضعيفي التدريب و المستوى العلمي وينعدم تماماً وجود الاطباء المقيمين الذين يمثلون ديمومة توفر القوى العاملة للمستقبل القريب مما ينذر بكارثة على المدى المنظور مع خطط الحكومة للتوسع في بناء المستشفيات لأستيعاب الزيادة المضطردة في النمو السكاني مع رغبة الكثير من زملائنا أطباء التخدير من حملة شهادة البورد للهجرة فور حصولهم على عقود العمل وتركهم العمل في مستشفيات وزارة الصحة ومع شديد الأسف فأن الكثير من مستشفيات سلطنة عمان ودولة الأمارات العربية المتحدة والأردن تدار صالات عملياتها بالكامل من قبل أطباء تخدير عراقيين من حملة شهادة البورد العراقي تركوا البلد بعد أن أكملوا دراستهم وتم توزيعهم في محافظات بعيدة عن محل سكناهم بأسلوب بيروقراطي متخلف جداً وبدون منحهم اي أمتياز وهم مطالبين بالعمل لأربع وعشرين ساعة مع تعرضهم للأشكالات المهنية والأجتماعية السائدة في محيطنا والتي قد تهدد حياتهم أحياناً وكذلك تعرضهم المستمر لسلطان الأوامر الأدارية البعيدة عن الواقع والتي لا تراعي الحال الموجود فبدلاً من أشعار طبيب التخدير بأهمية دوره يتم تجاهل كل مطالبه ومعاقبته بأشد العقوبات لأتفه الأسباب من باب أجباره على أجراء كل العمليات الجراحية وبأي مستوىأن الحلول لهذه المشكلة التي تشابه جبل الجليد الغاطس والذي لا يظهر منه سوى القمة يجب أن تتم على أعلى المستويات ولكي أقرب الصورة أكثر الى ذهن القاريء اورد لكم بعض الأرقام من مستشفى الحلة التعليمي حيث أجرت المستشفى في العام الماضي 2010 أكثر من 20000 الف عملية في حين كان عدد أطباء التخدير لايتجاوز 9 أطباء تخدير وهم ملزمون بالدوام الصباحي والخفارات مع وجود عيادة أستشارية وردهة عناية مركزة تدار من قبل قسم التخدير أيضاً وبكل القياسات العلمية الرياضية لا يمكن بأي حال أعتبار أن كل مريض حصل على الرعاية اللازمة لأحترام أنسانيتهمن الحلول التي نعتقد أنها سهلة التحقق1-اقامة مؤتمر عاجل مع أطباء التخدير من قبل الوزارة لمناقشة الواقع وعدم الأعتماد على اللجان الأستشارية المحدودة على أن يحضر المؤتمر طبيب تخدير أو أكثر من كل محافظة مع الأخذ بتوصيات المؤتمر2-منح الأطباء الجدد المنخرطين في التخدير حوافز مجزية ومنطقية كمنحهم قطع أراضي سكنية بشرط التعهد بالعمل في التخدير لعشرة سنوات والغاء القوانين المثيرة للسخرية والتي تعاقب الطبيب الجديد الملتحق بالتخدير بغرامات مالية كبيرة في حال تركه التخدير وكذلك للطبيب الحق في أختيار مكان التعيين بعد أكماله الأقامة القدمى أو الدراسة العليا ومنح الطبيب الذي يختار المحافظات البعيدة والتي تشهد شحة كبيرة أمتيازات أكثر وبذلك نضمن ديمومة الكوادر الطبية في التخدير3-تفعيل القرار القاضي بمنح أطباء التخدير حوافز تعادل 100% من الراتب والذي حرم منه الأطباء من حملة شهادة البورد بسبب الحد الأعلى للرواتب حسب القانون السابق وبذلك تمت مساواة الأطباء الممارسين ومساعدي التخدير بالأطباء حملة شهادة البورد وهذا شيء غريب جداً فالواجب تمييز حملة الشهادات العليا لتشجيع السعي نحو الدراسة والبحث العلمي4-اتخاذ قرار جريء وشجاع من قبل وزارة الصحة يمنع بموجبه منعاً باتاً أطباء التخدير من أعطاء التخدير لأكثر من مريض في نفس الوقت وأتخاذ بدائل لتلبية الحاجة لأجراء عمليات جراحية أكثر من خلال منح ساعات أضافية بأجور منطقية مجزية (وليكن مبلغ عشرة آلاف دينار )عن كل عملية تجرى خارج أوقات الدوام الرسمي للحالات الباردة علماً بأن الدولة ملزمة قانوناً بتوفير الخدمات الصحية والعمليات الباردة التي يحتاج بعض المرضى أن تجرى لهم هي من ضمن تلك الخدمات وبذلك نضمن توفير فرص أكبر لأستثمار جهد طبيب التخدير خارج أوقات الدوام الرسمي وفي غير أيام خفاراته بدل أضاعته بالعمل في العيادات الطبية الشعبية والتي تتطلب وجود طبيب ممارس عام وليس طبيب أختصاص في تخصص شحيح في البلد5-الغاء الجناح الخاص والذي أثار أستياء المواطنين ولم يمنح لأطباء التخدير الوارد المادي المعقول حيث يتم أستيفاء مبلغ كبير من المريض ولا يحصل طبيب التخدير الا على أجور زهيدة عن أجراءه عمليات محدودة وقليلة ويكون البديل أستيفاء أجور معقولة من المواطنين لأجراء عمليات جراحية خارج أوقات الدوام الرسمي على أن توزع تلك الأجور بالكامل على الكادر الذي أجرى العمليات فمن غير المنطقي ان تميز المستشفيات بين المواطنين المتساوين في حق المواطنة في الخدمة المقدمة لهم بين مواطن الجناح الخاص بمستوى الفندقة العالي ومواطن الجناح العام بمستوى الفندقة الواطيء في حين تقدم دول تعتبر أدنى من العراق أقتصادياً مستوى من الخدمة متساوٍ بين جميع المواطنين وبنفس درجة الفندقة والخدمات الطبية فلا فرق بين أغنى رجل في البلد والمتشرد العاطل عن العمل الذي يتقاضى الأعانات من الدولة لو تم علاجهم في المستشفيات الحكومية6-تشكيل غرفة عمليات دائمة في وزارة الصحة لمتابعة توفير الأدوية والمستلزمات لكافة صالات العمليات في العراق في المستشفيات الحكومية حيث غالباً ما نمر بفترات تشح بها ادوية تخدير معينة ومستلزمات ضرورية جداً للعمل وتعجز أدارات المستشفيات عن أيجاد تلك المستلزمات في السوق المحلية مطابقة للتعليمات المشددة في الشراء التي أصدرتها وزارة الصحة وكمثال حي على ذلك أنبوب الرغامي والذي يعتبر من أساسيات العمل في التخدير 7-شمول المستشفيات الاهلية بالأدوية والمستلزمات الخاصة بالتخدير لضمان الجودة للخدمة المقدمة لمرضى المستشفيات الخاصة ودعم هذه المستشفيات فهي جميعها تقدم خدمة جليلة داعمة لمؤسسات وزارة الصحة من خلال رفع الزخم الكبير على الخدمة العامة وسابقاً كانت هذه المستشفيات تحصل على الكثير من متطلبات عملها بأجور رمزية من وزارة الصحة ولكن من المؤسف أن يتم التعامل مع هذا النشاط الخدمي للمواطنين العراقيين بريبة ومحاولة عرقلة عملهم بدل تشجيع أنشاء المستشفيات الخاصة وبعدد أسرة أكثر من 50 سرير وهو ما توافق عليه الصحة حالياً وتشجيع أستقدام كوادر عالية الكفاءة من خارج العراق بدل أن يسعى المواطنين بالآلاف للعلاج في دول كالهند وايران وسوريا8-مناقشة أستقدام أطباء تخدير هنود أو مصريين مناقشة موضوعية بعيدة عن التطرف في التفكير فالحاجة الملحة الآن تتطلب وجود هذا الدعم للأيدي العاملة في التخدير لديمومة العمل الصحيح وكذلك لمنح المواطن كامل حقه في الخدمة الطبية عالية الجودة ولا يخفى على الجميع أن العراق في عقدي السبعينيات والثمانينيات قد أستقدم مئات الأطباء ولم يكن ليقدم خدمة واطئة بالكوادر الموجودة أنذاكسادتي الأفاضل أنتم مدعوون لمتابعة هذه المشكلة وأيجاد الحلول الآنية السريعة ووضع ستراتيجيات طويلة الأمد لتلافي اي نقص مستقبلي والله من وراء القصدالدكتورمحمد سامي الخفاجيM12md@yahoo.com
https://telegram.me/buratha