حافظ آل بشارة
من علامات العافية استجابة الحكومة العراقية للتظاهرات المطلبية وردود فعلها المبكرة وظهور برامج وخطط وقرارات ايجابية في اكثر من مجال ، ومع الثناء على هذه المواكبة الجيدة لوحظت نقاط تثير الدهشة والتشاؤم في رد فعل الحكومة فالوزارات والمؤسسات تتسابق لاعلان حلول وخطط ومبادرات في فوضى واضحة من المشاريع المختلطة مع بعضها ، لجان تشكل ، ومبادرات تروج ، وخطط تنشر ، لكن وزارة ما تتكلم شرقا ومديرية تابعة لها تغرد غربا ، وهيئة تقدم مشروعا ووزارة تكرر المشروع نفسه بالفاظ مختلفة ، وتختلط الحلول الاستراتيجية بالحلول المرحلية وقد اثارت هذه المعالجات الانفجارية الخطابية شعورا بين الناس بأن البرنامج السنوي الذي يلهج به خطباء الحكومة والبرلمان وجميع المعنيين غاب عن طبخات الحلول مع ان تلك الحلول على مساس مباشر ببرنامج الحكومة وبرامج الوزارات ، ويفترض في هذا الصدد ان تمتلك الحكومة أجوبة حاضرة على اسئلة المتظاهرين ، فلو رفع متظاهر صوته معترضا على أزمة السكن اجابته وزارة الاسكان بان خطتها لهذه السنة تتضمن بناء كذا الف وحدة سكنية مع تحديد نصيب كل محافظة منها بعقود مع الشركات الفلانية وبمواصفات كذا وكذا اما في الاربع سنوات التالية فسيتم بناء كذا عدد وهذا يمثل نسبة كذا بالمئة من حل أزمة السكن نهائيا ، ولو نادى متظاهر شاكيا من البطالة اجابته وزارة التخطيط بصوت جهوري واثق بأن خطة التنمية والاعمار لهذه السنة تتضمن كذا عدد من المشاريع الاستثمارية التي تتطلب كذا مليون من الايدي العاملة مفصلة بذكر الاختصاص والعدد وآلية الترشيح والتعيين ... هل تستطيع الوزارات الفخمة ان تجيب عن أسئلة هؤلاء المستضعفين المتظاهرين من اصحاب القمصان الممزقة الذين يبكي عليهم حتى بلاط الارصفة وهو ارق من قلوب بعض ولاة الامر ، لماذا تثير اسئلة المستضعفين والجياع كل هذا الارتباك في اوساط الحكومة وجحافلها ؟ اذا كانت ردود الافعال تجري بهذه الكيفية فمن هو ذلك البطل الاداري الذي سيستثمر المئة يوم التي حددها السيد رئيس الوزراء وهل ان تلك الايام المئة من ايام الدنيا ام من ايام الآخرة ؟ اختلط الامر على اهل السياسة ورجال الاعلام ، فقد خلق الباري سبحانه السماوات والارض في ستة ايام ، مع ان لديه قدرة كن فيكون ، كان المفروض ان ترصد الايام المئة لقضية واضحة وواقعية هي قضية تبويب المشاكل وتصنيفها وجدولتها وتحديد حلولها العاجلة وتسمية الجهة المنفذة طبقا لبرنامج عمل الحكومة ثم تحديد السقوف الزمنية للتنفيذ ، المئة يوم تكفي للقيام بهذه المهمة ، اما من يريد التحدث عن التنفيذ فليتحدث عن مئة سنة وليس مئة يوم ، يجب ان لاتزاحم الحلول العاجلة برنامج الحكومة العام (ان وجد ) بل تقع في اطاره وتندمج معه في رؤية تنفيذية متكاملة ، هناك من يفهم المئة يوم بطريقة خاطئة او خبيثة تخدم اغراض من يخططون لتحويل التظاهرات المقبلة الى مشروع انقلابي للقضاء على النظام في جمعة ندم أولها ألم وآخرها عدم .
https://telegram.me/buratha