محمد الحميداوي
لعل من البديهيات ان نقول : ان نزول قوات درع الجزيرة ارض البحرين لن يساهم في حلحلة المشكلات المتفاقمة في هذا البلد الخليجي بل و وعلى العكس من ذلك سيساهم مساهمة فاعلة في تجذير هذه المشكلات ونقلها من دعوات مطلبية الى نزاعات طائفية.تحليل سيكلوجية المسلم العربي التقليدي يثبت وبما لايدع مجالا للشك مدى تأثير المقولات الطائفية في رسم معالم شخصيته وصياغة ظاهرها وباطنها باعتبارها جزء لايتجزأ من هويته الذاتية ومن هنا فهو يقع وبسهولة تامة تحت املائاتها الى الحد الذي يجعل منها محددات ومقيدات لكل مقولة مخالفة لهذا الثابت الطائفي حتى وان كانت هذه المقولة في نفسها عامة لاتقبل التخصيص وانسانية لاتقبل التحديد.ان كفاح الشعوب للتخلص من سلطنة الطغاة والمستبدين أمر في غايىة الروعة والجمال, وهو سلوك يحمل الاخر فطريا للتعاطف معه تعاطفا عابرا لجميع المحددات البيئية والثقافية والزمانيىة والمكانية لا لشي الا لان قضية الحرية تمثل نزعة فطرية متأصلة في صميم الذات البشرية.كل هذا شيئ متفهم ومعاش وشواهده متكاثرة على مرور الدهور وكرور الليالي والايام بيد ان السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هو: هل يمثل واقعنا العربي الاسلامي استثناء من هذا المطلق؟؟؟ولعل الاصح ان نسأل: لماذا يمثل واقعنا العربي الاسلامي استثناء من هذا المطلق؟؟وينبغي ان يكون واضحا اننا غيرنا صيغة السؤال من شكلها الاول الموحي بالتشكيك في وجود مؤداه الى الشكل الثاني الذي يحمل روح الجزم واليقين في وجود ذلك المؤدى لان الامثلة التي تعزز وجوده تدفعنا تجاه هذا الجزم بأدنى تأمل لها ولعل المثال البحراني المعاش لن يكون الاخير في حزمة السلوكيات الطائفية المقيتة.الكثير من الفعاليات العربية بعناوينها الدينية والسياسية والثقافية وغيرها أطربها حد الرقص الطوفان الشعبي الذي عاشته شعوب المنطقة العربية تلك المنطقة التي كان الاستبداد والفردية علامة فارقة في تأريخها الموغل في القدم وبالتالي صور الحراك الجماهيري على انه صحوة بكل المقاييس مع الاختلاف -كما هي عادتهم- في رسم ملامح الصحوة وكون باعثها دينيا او أنسانيا, الامر المهم في هذا كله ان احدا-باستثناء النفعيين والمعتوهين- لم يدر في خلده ان يصم التحركات العفوية بأنها وليدة منطق المؤامرة الذي يعيش أرباب العروش وأصحاب الكروش هاجسه منذ ان لعب القدر المشؤوم لعبته في زرعهم في ارضنا الواسعة,ربما يعود السبب الاساسي في ذلك الى ان الواقع العربي المعاش لايحتاج ايحاء من وراء الحدود كي يندفع المواطن العربي المحروم من الحقوق الاساسية والكمالية للتمرد عليه فضلا عن كون مطالب الجمهور ذات نزعة انسانية وحضارية يطمح لها كل انسان اذ من منا لا يتمنى ان تسود في بلادنا مفاهيم (الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وهكذا كتابة دستوره بيده وانتخاب حكومته بنفسه....الخ).أثبتت الاحداث البحرينية المتسارعة بما لايدع مجالا للشك ان( طائفية العرب ونفاق الغرب) تمثل فلاتر محددة للحقوق الانسانية التي هي في واقعها كونية لا تقبل الفلترة ولا التحديد,فالشعب الاعزل والذي تحرك سلميا لالغاء كل ما يعانية الواقع البحريني حد التخمة من طائفية سياسية واستبداد وفردية ومنظومة حكم تعود لعصر الديناصورات أصبح وبقدرة قادر ذا طموحات طائفية تشكل خطرا على الامن والسلم الاجتماعيين لدول المنطقة الامر الذي يبررمعه كل اشكال القمع الذي مورس وسيمارس في حقه,ورغم كل ماجرى ويجري من اعتداء صارخ على كل ماهو نبيل ومثالي في حركة الشعوب سكت الليبراليون المثقفون وداهن المفتون المتأسلمون وتملق الاعلاميون الكاذبون فخرست أصوات الفضائيات العتيدة التي تعودت المتاجرة بقضايا الشعوب.لو كان الامر مقتصرا على فعاليتنا العربية على اختلاف مشاربها لهان الخطب على اعتبار ان فعاليتنا متطيفة حد النخاع اذا ارتبط الامر بقضايا (الشيعة) والتأريخ شاهد على ان السكيّر الملحد يمكن ان يكون (محي السنة) عندما يكون رأس مال اعماله قمع الرافضىة والاطاحة برؤوسهم وذبحهم تحت كل حجر ومدر ومااشبه الليلة بالبارحة, لكن الغريب والمريب في نفس الوقت ان تصمت الدوائر الغربية والمؤسسات الاممية صمت القبور الا عن فتات الكلمات رغم انها وفي مناسبات مشابهة ملأت الدنيا ضجيجا حول حرية الشعوب وكرامتها وحقوقها الأساسية التي هي حقوق كونية-كما يروج أوباما نبي الغرب- الأمر الذي يوجب على الجميع -والغرب في مقدمتهم- الوقوف في صف تلك الشعوب المقهورة لنيل مطالبها المشروعة!!.الموقف الغربي الاخير من احداث البحرين وقبله موقفها المخزي والمماطل من احداث ليبيا يظهر للعيان ان حركات وسكنات الدول الغربية متأثرة والى حد بعيد بالفلسفة النفعية ومتى مادار الامر بين القيم الانسانية ومصالحهم الانية فان الغلبة والكلمة الفيصل ستكون بالنهاية في صف تلك المصالح حتى وان ادى ذلك الى جزر الشعوب جزر الاضاحي على يد طاغ لعين من امثال القذافي وحمد وبن علي.بعد انتخاب الرئيس الايراني احمدي نجاد ومارافق هذا الانتخاب من مظاهرات ومصادمات تحول العالم الغربي بأسره الى منبر لالقاء المحاضرة تلو المحاضرة من هذا الرئيس او ذاك في الشأن الايراني تمحورت حول مقولات حقوق الانسان وحق الشعب في التظاهر السلمي وتقرير المصير والى ماهناك مقولات جميلة,بعد ذلك بقليل صادف وقوع اضطرابات المسلمين الايغور العنيفة في الصين والتي واجهتها الحكومة الصينية بقسوة متناهية الا ان تلك القسوة المتناهية لم تدفع احدا من زعماء الغرب الى تذكر مقولاته الانسانية التي سجلها بشأن ايران ففضلوا السكوت المطبق لان بين ايران والصين فرقا مصلحيا واضحا.ماذا يمكن ان نسمي هذا؟؟لعل ابلغ جواب ماتبرعت به وزيرة الخارجية الامريكية التي علّقت على دعم ايران مظاهرات الشعوب العربية لنيل الديمقراطية بأنه نفاق سياسي,ونحن نقول ان موقف الغرب من الاحداث العربية والاسلامية بحق نفاق سياسي وبامتياز.نعود الان الى مابدأنا به مقالتنا هذه من ان نزول القوات السعودية ارض البحرين سيساهم مساهمة فاعلة في تأزيم وضع هذا البلد الصغير لانه وببساطة سيفسر دافع نزول هذه القوات بأنه دافع طائفي هدفه ترجيح كفة الاقلية السنية على حساب الاكثرية الشيعية المهمشة الامر الذي سيدفع-قهرا- هذه الطائفة المحرومة تجاه الاستقواء بامتدادتها الخارجية في ايران والعراق ولبنان وغيرها على غرار ماحصل في العراق بعد سقوط نظام صدام وبالتالي فان احدا لايرضى ان تكون البحرين ارضا تتصارع عليها ارادات اقليمية ودولية واجهتها الشعب البحريني نفسه ومن هنا سيكون الطريق معبدا لظهور التخندق الطائفي الذي هو أم الخبائث ذلك المرض الذي ان اصيب به مجتمع من المجتمعات صار أستئصاله عصيا على مبضع امهر الجراحين , وكأن لبنانا او عراقا جديدا يلوح في الافق,اقول ماأقوله وبلغة وصفية خالية من التبني وانا ارجو ان اكون في النهاية: متوهما.
https://telegram.me/buratha