طالب عباس الظاهر
شأن الكثير من المتناقضات التي أفرزتها مرحلة عراق الديمقراطية ما بعد سقوط حكم الدكتاتورية المقيت، مما يثير السخرية بالفعل، عبر تصرفات غريبة ومن ردود أفعال أغرب ، مما تجري وقائعه داخل مجلس النواب العراقي أو خارجه، وقد غدا هذا المجلس مسرحاً للصراع من أجل اغتنام الفرص وتبادل المصالح الحزبية والفئوية والشخصية في الآونة الأخيرة على وجه الخصوص.. بل وتصفية الحسابات ربما، وصيرت كواليسه مرتعاً لعقد الصفقات السياسية التي تصب فقط في مصلحة هذا الحزب أو ذاك أو هذه الجهة أو تلك، بعيدا عن محن وآلام هذا الشعب المستعصية - كما يبدو- وجراحاته النازة قيحا!وكيف لا يؤول الأمر إلى مثل هكذا حال.. وربما أتعس أيضا ونواب الشعب مشغولون في مصالحهم الشخصية والحزبية، وبأحلام السياحة والسفر والتمتع بالعطل والإجازات الطويلة أو القصيرة لقضاء أوقات الراحة والاستجمام في المنتجعات الخارجية.. ناهيك عن الايفادات المتكررة، وقد باتت مثل هذه الحالة وهكذا تصرفات غير مسؤولة من السادة المسؤولين- طبعاً كما يفترض- تزكم أنوف الشرفاء من أبناء هذا الوطن، سواء أكانوا من داخل العملية السياسية أو خارجها.ورغم الآمال الكبيرة التي علقها الشعب العراقي على ممثليه في مجلس النواب ومازال من اجل الإسراع في تشريع القوانين التي تسهم بالتخفيف من أعبائه خاصة بعدما شهدت مدن البلد وقراه العديد من التظاهرات، ولم تزل من أجل تحسين واقع الخدمات والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومؤسساتها، وتحسين مواد البطاقة التموينية، وغيرها هنالك الكثير الكثير من المشاكل.. إلا إن خيبات الأمل المتكررة لم تزل هي الأخرى سيدة الموقف والتي مني بها الشعب منذ سطر ملحمته الانتخابية الأولى في أولى تجاربه الديمقراطية لاختيار ممثليه، ولحد آخر حدث وحديث بأخذ أعضاء مجلس النواب لأجازة لمدة عشرة أيام رغم كل الظروف العصيبة التي تعصف بالإنسان والوطن في الداخل، ناهيك عن القتل المجاني الذي يتعرض له الشعبين المسلمين في البحرين وليبيا واليمن وفي غيرها من البلدان العربية والإسلامية .. ففي كل تجارب العالم وممارساته الديمقراطية - وخاصة التجارب الحقيقية والنزيهة - نجد إن هنالك تسابقا وحرصا شديداً من قبل ممثلي الشعب من أجل تقديم المستطاع من الخدمات والانجازات لمن انتخبهم، وبوأهم المناصب البرلمانية أو الحكومية، وجعلهم يتمتعون بكل هذه الامتيازات، وبالتالي لضمان مستقبلهم السياسي أو الوظيفي، على أقل التقادير وأضعف الإيمان، بمعزل عن الوطنية والإيمان والوفاء وما إلى ذلك من مفاهيم نبيلة كثيراً ما نسمعها في التصريحات الرنانة والبيانات الطننانة والخطب البليغة، لكننا - مع الأسف الشديد- لم نعد نستطيع تصديقها..!!ولست أدري كيف إن أعضاء في مجلس للنواب ديدنهم الوقوف والمماطلة والتأجيل المتكرر لكل ما يصب في مصلحة الشعب عامة؟! رغم علمهم الأكيد بالمخاطر التي تحيق بالبلد جراء التأخر بإجراء الإصلاحات اللازمة، إلا إن مثيلاتها من قرارات تخص امتيازاتهم الخاصة كما رأينا، يتم تشريعها وإقرارها بكل انسيابية ويسر؟ وأتساءل: أحقاً هؤلاء نواباً للشعب العراقي أم لشعب غيره يقطن المريخ!! أم هم فقط ممثلين لأحزابهم وطوائفهم وعشائرهم وأسرهم ولأنفسهم و......؟!ولعل الكثير من القوانين التي تنتظر البت بشأنها وإقرارها بصورة نسابق بها الزمن - وليس العكس فنأخذ إزاءها للإجازات الطويلة هرباً أو تهرباً- والتي من شأنها أن تهدئ ولو قليلاً من حالة الاحتقان وغليان الغضب الجماهيري التي يعيشها الشارع العراقي في هذا الوقت الحرج، كونها تخدم أولاً وأخيراً الشرائح المحرومة من هذا الشعب الجريح، وتسعى إلى رفع البعض من معاناته المزمنة. وأخيراً أتساءل هاهنا وأسأل أعضاء مجلس النواب بكل حرقة الألم أصالة عن نفسي ونيابة عن الشعب: أهناك أزمة وطن ؟ أم هي أزمة مواطنة؟!
https://telegram.me/buratha