محمد الحميداوي
ارتبط اسم الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين بموجة الاحتجاجات المطلبية الاخيرة التي اجتاحت العالم العربي ,تلك الاحتجاجات التي يعبر عنها القرضاوي قائلا:(.. أن ما يقوم به الشباب العربي الثائر هو الدين نفسه وليس من الفتنة في شيء، لافتا إلى أن "السلفية المتعصبة" والصوفية اتفقتا على تسفيه الثورات العربية عبر الترويج لما سماها "ثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على الحكام)".وشدد القرضاوي في كلمة بندوة نظمها الاتحاد بالدوحة مساء الثلاثاء عن "علاقة الحاكم بالمحكوم في ظل متطلبات الشرع والعصر"، أن الاسلام يأمر بمجاهدة الظالمين وإزالة "الظلم الذي يمارسه الحكام في أبشع صفاته...).بدأ ينظر للرجل وكأنه الواجهة الدينية لتلك الاحتجاجات فتراه ينّظر تارة ويستنهض اخرى ويفتي بقتل حاكم ظالم ثالثة وهو تعاطي اختلف في تقييم مجمله المراقبون حتى انه ولّد انطباعا لدى أغلب المنابر الإعلامية فى مصر-مثلا- بان الرجل قد اختطف ثورة شعب مصر بالخطبة التى ألقاها فى ميدان التحرير يوم جمعة النصر (18/2)، وأعاد إلى الأذهان صورة الإمام الخمينى حين عاد إلى طهران بعد سقوط الشاه. ومن ثم نصب نفسه مرشدا أعلى للثمانين مليون مصرى، ولم يحتمل حراسه أن يظهر إلى جانبه أحد الشبان الذين أسهموا فى تفجير الثورة، إذ منعوه من الصعود إلى المنصة لمخاطبة الجموع المحتشدة. وبفعلته الشنعاء تلك فإن خطرا داهما بات يهدد ثورة الشعب، لذلك فإن الجميع ينبغى استنفارهم للحيلولة دون تكرارها- كما يسجل فهمي هويدي في توصيف قد لايخلو من مبالغة-.المعروف عن الدكتور القرضاوي انه يحاول جاهدا وفي نزعة تبريرية واضحة الموائمة بين معارف الاسلام والمقولات الانسانية المعروفة من قبيل: الديمقراطية والمدنية والمواطنة وغيرها وهي موائمة تحمل في احايين كثيرة روح التمرد على الموروث الفقهي العام للمدرسة السنية ولم يبق الامر مقتصرا على تلك المقولات ذات الصبغة الفكرية بل تعداه الى تحليل مايمكن عده من المحرمات الضرورية وكشاهد على ذلك سئل في بعض لقاءاته الصحفية مع جريدة المصري اليوم:لك فتوي أثارت الجدل حول تحليلك الغناء.. فهل مازلت مصراً علي رأيك رغم الهجوم عليك؟
ـ نعم.. ولكن الغناء الذي حللته حددت شروطه بأن يكون موضوع الغناء نفسه مقبولاً إسلامياً، لا يخالف العقيدة ولا الشريعة، فلو أن هناك أغنية تشكك في العقيدة مثل طلاسم إيليا أبوماضي التي يقول فيها «جئت لا أعلم من أين ولكن أتيت، ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدري.. إلي آخرها»، أو قول أبونواس و«داوني بالتي كانت هي الداء» ويقصد الخمر أو أن يغني أحد ما قاله شوقي: «رمضان ولي هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعي إلي مشتاق». أو أن عبدالحليم حافظ يغني «أبوعيون جريئة» والإسلام يدعو إلي غض البصر.. أي أغنية تخالف عقائد أو آداب الإسلام أرفضها، ومن ناحية الآداب يجب أن ألا تكون في الأغنية ميوعة ولا تكسر ولا إغراء، فالقرآن يقول: «فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)).»هذه النزعة المتمردة على الموروث والمتجاوزة لضرورة الفقه ومسلماته كانت اقل بكثير من حنق الشيخ تجاه الشيعة لذا لم تشفع لأهلنا في البحرين عند الدكتور القرضاوي ليشملهم على الاقل بعبائر اطرائه التي سطرها عن ثورات الشعوب الاخرى ,ففي حين يعبر الشيخ عن يوم انتصارثورة مصر ب:(أن هذا اليوم هو يوم من أيام الله أقر الله فيه أعيننا بهذا النص...) تراه يبخل على حركة شيعة البحرين حتى بمشابهة او مشاكلة مع اخواتها في مصر وتونس وغيرها لذا يقول:( أن ما يحدث فى البحرين الآن لا يعد ثورة كما حدث فى مصر وتونس وليبيا وإنما فتنة طائفية بين السنة والشيعة)، وكي يبرر توصيفه السيئ هذا يستحضر شاهدين لعلهما يسعفانه في هذا الصدد:الاول:(... أن البعض أكد *لي* أن المحتجين البحرينيين المعتصمين عند دار اللؤلؤة لم يكونوا سلميين وإنما اعتدوا على السنة واستولوا على مساجدهم واستخدموا الأسلحة ضد السنة كما يفعل البلطجية فى مصر وتونس 0رغم(إنه) لا يمكن ان يجزم بصحة هذا الكلام...).الثاني:(....إن الخطر الحقيقى أن ينسب الشيعة أنفسهم إلى بلاد أخرى، *مشيرا إلى* أن الشيعة يحملون صورة الخامنئى وصورة نصر الله فى تظاهراتهم وكأنهم ينتسبون إلى إيران وليس البحرين هم ينتسبون إلى الخليج ويجب أن يبتعدوا عن القطيعة المؤسسة على الاستقواء بالخارج فلا ينفع الاستقواء بأى أحد ضد إخوانهم...).علينا ان نعرف مدى التجييش والتطييف الذين يزرعهما هذا الرجل في نفوس مستمعيه ضد الشيعة عندما يقول انهم اعتدوا على اهل السنة واستولوا على مساجدهم كل هذا في تجمع عام تستولي فيه العاطفة على حضاره وهم في اغلبهم من سوقة الناس واحادهم رغم انه وفي نفس خطبته يقول:(.... أنه ضد التعصب والطائفية والتفريق بين الناس على أساس المذهب الدينى...)!!!ان اعجب مافي الامر ان يبني الشيخ الفقيه المتورع ذا الثمانين عاما معلوماته الخطرة التي يمكن ان تكون تداعياتها دماء مراقة كما حصل ويحصل في العراق اقول يبني معلوماته على تأكيد البعض الذي لايستطيع ان يجزم القرضاوي نفسه بصحة كلامه!!ربما يرى الشيخ ان دماء الشيعة غير مشمولة بعموم الاحتياط في الدماء والفروج مثلما لم يشمل احتجاجتهم بعنوان:(من الدين) بل جعلها(فتنة) ومن هنا فهو لايرى حرجا في اتهامهم بما تستحل معه الدماء وتنتهك بسببه الحرمات بناء على شهادة البعض الذي ربما لم يولد بعد ,من يدري؟؟القرضاوي بنفيه رأسا ان تكون احتجاجات البحرين موجهة باتجاه النظام وتوصيفها بالفتنة المذهبية بين ابناء المجتمع الواحد يستقوي فيها الشيعة ضد اخوانهم يمارس بهذا سياسة تشويه الحركة الاحتجاجية عبر حرفها عن مسارها كحركة مطلبية تريد انتزاع حقوق مشروعة من نظام ظالم الى فتنة ذات بعد طائفي الامر الذي يحول لامحالة دون اي تعاطف منتظر من قبل الشرائج الاجتماعية داخل وخارج البحرين لانك عندما تقاتل من اجل حريتك وكرامتك واستنقاذ حقوقك الانسانية شيء, وعندما تدخل في حرب طائفية تمارس فيها الاعتداء على ارواح وحرمات الاخرين شيئ اخر, وبين هذا وذاك يستثير الرجل من حيث يدري او لايدري مخاوف الطائفة السنية داخل وخارج البحرين تجاه التمدد الشيعي المدعوم من ايران وحزب الله ذلك التمدد الذي يبدو انه اثارمخاوف الشيخ حتى بات مهووسا به ربما من قبل ان يصدر تحذيره ذائع الصيت حول (الغزو الشيعي) للبلدان ذات الغالبية السنية و بقى معه مستمراالى يوم الناس هذا,ومن الطبيعي ان يصبح ماتقدم مبررا كافيا لدخول قوات درع الجزيرة -المعبئة طائفيا- مجتمعا ذا اكثرية شيعية مادام الامر متعلقا بحماية اهل السنة من بطش الشيعة الذين استقووا بالخارج كما يقول الشيخ لا لشي الا لانهم حملوا صور رموزهم الامر الذي يوجب اسعاف مظلومي السنة بجيش عرمرم ربما اخطأ طريقه فتصور ان القدس في المنامة!!
يقول القرضاوي، في خطبة جمعته "سؤال سئلت عنه من أكثر من شخص ومن أكثر من جهة ومن أكثر من فرد، يقولون لي تحدثت عن الثورة التونسية، وتحدثت عن الثورة المصرية، وتحدثت عن الثورة الليبية، وتحدثت عن الثورة اليمنية، ولكنك لم تتحدث عن ثورة واحدة؟! قلت: ما هي؟ قالوا: ثورة البحرين، لماذا لم تتحدث عن ثورة البحرين؟! قلت لهم: دعوني أجبكم بصراحة، إن ثورة البحرين ثورة غير هذه الثورات."وتابع: "ما يحدث في البحرين ثورة طائفية، أما باقي الثورات الأربع فكلها ثورة شعب ضد حاكمه الظالم،" ولفت القرضاوي إلى أن الشعب المصري "خرج بكل فئاته وطوائفه، مسلمين ومسيحيين، شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، تقدميين ورجعيين، أهل الدين وأهل الدنيا، يعني الشعب المصري كله، وكذلك الشعب التونسي، كذلك الشعب الليبي، وكذلك الشعب اليمني، ولكن الثورة البحرينية ثورة طائفية).."من الواضح ان الشيخ يعاني من خلط في تشخيصاته لاننا مهما اختلفنا في شيئ فلا نختلف ان الناس في البحرين خرجت ضد حاكمها الظالم رغم ان الدكتور يكتشف عبر تأكيد من سماه(البعض) مالم تكتشفه فضائيات العالم ووسائل اعلامه المحترمة التي اجمعت عبر اخبارها وتقاريرها المصورة ان الاحتجاجات السلمية استهدفت نظام-ال خليفة- ولم تشر من قريب او بعيد الى ما أكده البعض والذي على ضوئه رتب الشيخ قناعاته بان الشيعة لم تثر ضد الحاكم الظالم بل ضد اهل السنة ,اما قوله العجيب بان الفرق بين ثورة مصر واحداث البحرين هو ان المصريين خرجوا بكل فئاتهم وطوائفهم الامر الذي لم يحصل في البحرين فهو اعجب من العجب نفسه لانه:هل ان مشكلة الشيعة انهم اكثرية في البحرين ياشيخ؟؟لماذا لايكون اهل السنة انفسهم مطيفين وقد امتنعوا عن الخروج على ال خليفة انطلاقا من طائفيتهم هذه؟؟ وهل يمنع هذا من وقوع الظلم على غيرهم؟؟هل كون اكثرية المتظاهرين من الشيعة يوجب غض النظر عن ظلم ال خليفة الذي لم تشر اليه من قريب او بعيد؟؟اما كان اللائق بك وانت شيخ فقيه وتقول في خطبتك:(:(... أنا أؤيد المطالبة بالعدل ولا أرضى بالظلم لأى فرد أو طائفة...) اقول اما كان اللائق بك ان تنظر الى نفس مطالب الجماهير بما هي مطالب وبغض النظر عن حملتها وخليفياتهم المذهبية لتراها مشروعة او لا؟؟مالضير ان تخرج طائفة تشعر بالتهميش والاقصاء داعية الى نظام يكفل حقوق الجميع؟؟
انها ازدواجية يمارسها القرضاوي بامتياز في تعاطيه مع حركة الجماهير تكشف طائفيته وتبعيته لاملاءات-طويلي العمر- ازدواجية ليست جديدة عليه فالرجل الذي يزعم انه العدو اللدود لاسرائيل يعيش ويمارس جهاده في بلد يعد الدولة الخليجية الوحيدة التي تقيم علاقات مع إسرائيل، والجميع يتذكر زيارة المسؤولين الاسرائيلين بمن فيهم وزيرة خارجية إسرائيل السابقة الى قطر و ربما يكونون قد مروا من أمام المسجد الجامع الذي يصلي فيه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي لم ينبس عن الامر ببنت شفة ربما لانه:ليس تمددا شيعيا(ولله في خلقه شؤون).
https://telegram.me/buratha
