المقالات

فراغ الداخل وقسوة الخارج /

967 14:30:00 2011-03-20

حافظ آل بشارة

عشية اشتداد القمع الدموي والتدخل الخارجي في البحرين ، وتواتر الهجمات العسكرية المعاكسة لمليشيات القذافي لقمع الثورة الليبية ، والتدخل المسلح لعدد من الدول بتخويل مجلس الامن ، يكرر العالم تجربته بأحراق الغابة بحثا من ثعلب ، يبدو العالم كأنه ديوث كبير الحجم لا غيرة له يتفرج باعصاب جليدية على مايجري من جرائم في منطقتنا العربية المتضرر الوحيد فيها هو الشعب ، الغرب يرى ان هذه المنطقة هي حثالة المعمورة ، اتباعه من الحكام هم الذين صنعوا لديه هذا الانطباع ، واذا اراد الغرب ان يتدخل في شؤوننا ينسلخ من كل اعتباراته الانسانية والعاطفية ويقدم مصالحه الحافلة بالانانية والقسوة . لاحظ العرب قبل غيرهم عدة اشكال من التدخل الغربي في شؤون منطقتهم ، رأوا انتقائية واضحة لكنها مبررة بحملات اعلامية وقرارات أممية تنفذها صواريخ توما هوك وطائرات اسرع من الصوت ، يتدخلون احيانا عبر القارات لمساندة التغيير السياسي في بلد ما وتسجيله باسمائهم واعتباره تجربتهم المعززة باحتلال علني كما جرى في العراق ، فاسسوا بذلك لقاعدة خاطئة ، يريدون ان تقتنع الاجيال المقبلة بأن الاحتلال الاجنبي يكون حلا ذهبيا في بعض الاحيان ! بينما هناك تدخل من نوع آخر هدفه منع التغيير السياسي ويتحول الموقف الاجنبي الى اعلان حرب على شعب كامل بلا مبرر كما يجري في البحرين ، أمروا اتباعهم بارسال قوات تقاتل بالنيابة لقمع الجماهير ومنع التغيير السياسي ، يستخدمون سياسة توريط الآخرين ، سوف تتلطخ جميع دول مجلس التعاون الخليجي بالدم البحريني ، هذه الدول كانت تدعي انها تشترك في بناء نموذج اقتصادي حر وتطوير التنمية وتحقيق الرفاه والديمقراطية لكنها الآن اصبحت تشترك في تنمية القمع والموت ومنع الديمقراطية تلبية لاوامر الاسياد ، هناك نوع آخر من التدخل وهو ممارسة الخذلان المقنع والتفرج عن كثب والمتاجرة بالشعارات اي التدخل الاعلامي فقط وعدم تحريك ساكن على الارض ، هذه الازدواجية يتستر عليها الغرب ، الشعوب مستعدة للتحرك لكن الفراغ القيادي والفكري يهيمن على الثورات الربيعية في العالم العربي ، هناك من يتهم المثقفين العرب ويعدهم الجزء الأخطر في الازمة فقد تحول المثقف العربي الى مراقب يصف الاحداث ويتوقع المستقبل غير معني بما يجري ، بينما يلعب المثقف في الامم الحية دور القائد وصانع الحدث والمتبني والمحرض والناقد والمصلح ، هو جزء من المشهد وليس واصفا له ، وحامل الراية وليس المتفرج عليها ، بينما في منطقتنا يتهمون المثقف بأنه عبد في البلاط الرئاسي او في بلاط المعارضة ، وقيل ان هناك نوعا ثالثا من المثقفين الذين يصبحون عبيدا ليس للسلطة او المعارضة بل عبيدا لانفسهم واوهامهم فيستكبرون على الامة ويعتبرونها مجموعة تلاميذ همج في مدرسة الحضارة ، بينما يعد المثقف نفسه ليس حارسا او فراشا في هذه المدرسة بل المدير . يجب على المثقف العربي ان يعيد تحديد مكان قدميه على خارطة التحولات الراهنة ، يجب ان ينحاز لشعبه ويملأ الفراغ القيادي والفكري للانتفاضات التي يصم هتافها مسامع الحاكمين كل لحظة ، عليه ان يكون مصلوبا هذه المرة ولا يكتفي بدور من يصف مناظر المصلوبين ، عليه ان يكون الجزء الفاعل من الصورة وليس المتفرج عليها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك