سعد البصري
منذ فترة طويلة والعالم العربي لم يشهد ثورات حقيقية تطيح بالأنظمة الدكتاتورية التي تسلطت على رقاب الجماهير العربية وهذه الأنظمة قامت مرة على أساس ثوري أدى إلى إسقاط أو تحرير بلد معين ومرة أخرى على أساس تدخل خارجي ساهم في إسقاط الأنظمة القمعية التي سيطرت على مقدرات الشعوب العربية . فقط في العراق كانت هناك ثورة حاولت إسقاط النظام البعثي العفلقي وكادت أن تنجح لولا تدخل بعض الأنظمة العربية بالإضافة إلى المصالح التي كانت للدول الغربية في بقاء ذلك النظام مما ساهم في قمع الثورة التي قام بها الشعب العراقي في الانتفاضة الشعبانية المباركة في العام 1991 وكذلك ما لعبه الإعلام من تهميش قوي لأحداث ومجريات هذه الثورة التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء من أبناء العراق الأبرار . وألان هاهي الثورات العربية تنطلق من المحيط إلى الخليج لتسقط الأنظمة الدكتاتورية واحدا تلو الأخر وتعمل على إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح بعد ما نالت هذه الشعوب الويلات على يد الأسر الظالمة والمتسلطة . فبعد تونس سقطت مصر وألان آتى دور ليبيا وبعدها البحرين ثم اليمن وسوريا وهكذا هي حال ثورات الجماهير لابد أن تحقق أهدافها ولو بعد حين ولكن هل إن ما حدث ويحدث سوف يعود على البلاد العربية بما خرجت من اجله ..؟ وهل إن الشعارات التي رفعت في هذه الثورات سوف تترجم على ارض الواقع أم إن الشعب هو أخر المستفيدين وأول المضحين ..؟ وان الانتهازيين هم من سيكون له الحصة الأكبر في الحكومات الجديدة ..؟ هذا بالإضافة إلى أن شبح الدكتاتورية يعيش مع اغلب من يجلسون على كراسي الحكم إذ بمجرد أن يتم انتخاب شخصية لرئاسة حكومة ــ واقصد هنا العربية منها ــ يبدأ باختراع طرق ملتوية وحتى غير شرعية ويوظف لها الإمكانات والقوانين لكي تخدم مصلحته ومصلحة متزلفيه ، وبالتالي تعود الكرة من جديد وتضيع أحلام الجماهير . إذا فلابد على الجماهير أن تفهم الدرس جيدا وتعلم إن ما قامت به ليس بالأمر السهل وان التضحيات التي قدمت لا يمكن أن تذهب سدى . ويجب أن يكون تصحيح المسارات وفق آلية يضمن الشعب من خلالها حقوقه ولا يسقط من جديد في نفس الحفرة .
https://telegram.me/buratha