الدكتور يوسف السعيدي
انتهى العقيد الاخضر...----------------------مروّعة هي تلك الصور التي تبثها وسائل الإعلام العالمية عن الوضع في ليبيا .. وسواء أكانت وسائل الإعلام تلك خاصة ومستقلة من التي تنفخ في الأخبار ، وتهوّل وتضخم الأحداث ، أم كانت عمومية تابعة ومُنصاعة ، وموجهة لتلميع صور النظم وتجميلها مهما بلغت بشاعتها ودمويتها ، أوتلك الخاضعة لمقص الرقابة ، والمتمرسة في تلفيق الوقائع وتصوير الأبرياء العزل مجرمين وإرهابيين .. يبقى الأمر الأكيد أن الشعب الليبي يتعرض لإبادة جماعية ولعملية تطهير عرقية ، لالشيء سوى لأنه كفر بدين الملك الاخضر، ولأنه أحرق نسخا من الكتاب الأخضر المقدّس ؟! ..أما القذافي الذي أصبح أشهر من نارعلى علم ، بعد إصداره الأخير (زنقة .. زنقة) ، أمسى لايحب الظهور كثيرا أمام كاميرات الصحفيين ، رغم أن خطاباته مكررة ولا تحمل أي جديد ، فالفكر هونفس الفكر ، متناقض ، ومفكك ، وإرتجالي ، وغامض يكاد يكون هذيانا .. والرجل هو نفس الرجل أيضا ، مكابر ، متغطرس ( يترك مسافة كبيرة بينه وبين جماهيره المتواضعة التي تحضر خطاباته) ، تملؤه العزة بالإثم ، مرتبك ، وخائف (يتلفت بسرعة يمينا وشمالا) .. لكن الشعب الليبي لم يعد نفس الشعب الذي ألف الزعيم سماع تراتيله بالولاء له ، وتوسلاته بالرحمة والرأفة ، ودعواته له بالبقاء وطول العمر ! .. فالشعب الليبي قد تغير ، وعقد العزم على تغيير الأدوار ، وقتل الأخ الخائن بنفس السلاح الذي قتل به تقدم ليبيا قبل أربعين سنة : (حكم الشعب) .. الشعب الذي كان يحكم بالإسم فقط في جماهيريته العظمى ، التي ما كانت يوما كذلك سوى في عيني طاغيتها الذي ينهب بخيراتها ، ويرمي للشعب بالفتات ! ..القذافي إنتهى في قلوب الليبيين ، ولن يفيده قتلهم جميعا في العيش من بعدهم بسعادة ، كما لن تفيده سيطرة قواته على تراب ليبيا شبرا شبرا ، لأن الوحدة ستظل تطوقه في وطن دمّره بكتائبه وابناءه الخضر ، وبين شعب لن يغرد بأمل وحماس في سماء ليبيا كما كان !القذافي إنتهى وهو يعرف ذلك ، بدليل خطاباته التي يوجهها إلى الخارج لا إلى الداخل الليبي ، في دعوات من حيث يشعر او لا يشعر صريحة للغرب للتدخل العسكري في ليبيا أسوة بأفغانستان ، ولم يستطع تشبيه الوضع في ليبيا بالوضع في العراق ،لأنه لم ولن يقرأ التاريخ جيدا ...وخوفا يحمله بين ثنايا اضلعه من سوء العاقبة وسوء النهايه ، أما أفغانستان فذريعة إحتلالها كانت طالبان والقاعدة ، والقاعدة هي القطب السالب الذي حاول جاهدا ، جذب القطب الموجب الأمريكي به منذ بداية ثورة الشعب ضده ! .. فأحيانا تكون أمريكا وفرنسا وبريطانيا هي التهديد الفعلي لأمن وإستقرار ليبيا لأطماعها في النفط الليبي ، وأحيانا تكون القاعدة وبن لادن هما التهديد الذي يستوجب تدخل التهديد الأول لأنه أرحم في نظر الزعيم ؟! .. وبين هذا وذاك يظل العقيد مصابا بالوسواس يتخبط في التناقض ، ومحتارا في إختيار النهاية : أهي بين أيدي الثوار وهي الشعب الذي لن يرضى بغير القصاص ، أم بين أيدي الأمريكان وحلفائهم وبالتالي مواجهة نفس مصيرصدام جرذ العفالقه المقبور ؟! ... والواضح أن أحلاهما أمَر ! ..القذافي إنتهى وهو يعرف ذلك ، لذلك قدّم ـ (ذليلا) ـ عرضا للمجلس الإنتقالي المشكل من الأحرار ببنغازي ، يدعوهم فيه إلى عقد مؤتمر شعبي لمناقشة أمر تنحيه عن الحكم ، فقوبل عرضه بالرفض ونودي (من بعيد) ان يرحل من ليبيا ... ، وإلا ... ! ..القذافي إنتهى ، وما رقصه إلا كرقص الديك المذبوح (على حد تعبير أحد المعارضين الليبيين) ، والمسألة مسألة وقت (ربما هو قصير) لنسمع سقوطه لافظا آخرأنفاس الزعامة والديكتاتورية ...متزامنة مع ضربات قوى التحالف الموجعه...الموجعه حد العظم...بانتظار فجر جديد...
الدكتوريوسف السعيديالعراق
https://telegram.me/buratha