حافظ آل بشارة
بدأت مقدمات غزو غربي محتمل يستهدف ليبيا ، القذافي نسخة ثانية لصدام في ادارة الحماقات الخطيرة ، سيكرر الغرب مافعله في العراق سنة 2003 ، منذ القى القذافي خطاب الزنكه زنكه بدا أن الرجل يسير نحو المستنقع الذي غطس فيه صدام وهو يواجه اساطيل العالم ، تعززت هذه التصورات عندما صدر قرار مجلس الامن الذي يمنع الطيران في اجواء ليبيا ويسمح للدول المشاركة في القرار بتوجيه ضربات جوية الى اهداف منتخبة ، كانت ردود فعل القذافي صدامية ، القى خطابا بطوليا وهو يرتدي بزته العسكرية المضحكة ذات الشكل الجنوني ، ثم بدأ خطوة اكثر اثارة ، اتخذ من النساء والاطفال العزل دروعا بشرية يطوق بهم الاهداف الحيوية تحت التهديد ، حتى اذا قصفت تلك الاهداف وقتل اؤلئك المساكين او جرحوا اتخذهم موضوعا للدعاية الاعلامية يتاجر بدمائهم ، وفي لقطة مماثلة خطف القذافي عددا من الصحفيين الاجانب كرهائن ، الصحفي هو المخلوق الاضعف في هذه الازمات ، ليبيا تعرضت لحد الآن الى مئات الضربات الجوية في ثلاثة ايام الا ان القذافي يقابلها بتصرفات استعراضية ويهدد بخوض حرب طويلة ، ولا ينسى ان يوزع التهم على الدول الاخرى . اذا كان القذافي مجنونا وتصرفاته الحالية غريبة فلماذا تتصرف الولايات المتحدة بجنون ايضا لماذا تكرر الاخطاء التي ارتكبتها في غزوها للعراق ؟ توصف امريكا بأنها تقود العالم فهل يصح ان يكون قائد العالم المزعوم بهذا المستوى من الحمق ، واشنطن وحلفاؤها يقولون انهم يريدون منع الرئيس الليبي من قتل شعبه ، وفي العراق كانوا قد رفعوا الشعار ذاته والذي يبدو موغلا في النبل والنزاهة قالوا : هدفنا منع صدام من قتل شعبه ، لكنهم تحت لافتة الاهداف المنتخبة دمروا البنية التحتية للعراق ، والآن يتفرج العالم على الطيران الامريكي والغربي وهو منشغل ايضا في تدمير البنية التحتية في ليبيا اي تدمير ممتلكات الشعب الليبي وليس ممتلكات القذافي واسرته ! في الضربة العراقية قال بعض الاذكياء ان الجيوش الغربية تهدم العراق لهدفين الاول تشغيل مصانع السلاح الكاسدة التي ادى السلام المؤسف في العالم الى توقفها وخسارتها فالحروب تحيي هذه الصناعة المربحة ، اما الهدف الثاني فهو توفير اوسع خراب ممكن لشركات الاعمار والبناء الامريكية كي تمارس العمل وتحصل عل عقود مربحة بعد الكساد الذي اصابها ، كثير من المحللين الستراتيجيين يعتقدون ان هذين الهدفين يحفزان مشاريع الغزو الامريكي والغربي في العالم ، الا ان تفكيرا كهذا يبدو تفكير حشاشين ، أمريكا تكرر الخطأ نفسه وهي تدمر ليبيا ، لديها فرصة لترسم لنفسها صورة المنقذ لكنها ستتصرف خبثا او غباء كمحتل ، ستجعل من الشعب الليبي عدوا وهو يبحث عن صديق يؤازره ، سترغمه على المقاومة ، وتساعد التيارات المتطرفة والتكفيرية كي تتصدر المشهد السياسي راكبة الموجة ، المشهد يتكر بالتفاصيل نفسها من افغانستان الى الصومال الى العراق ولن تكون ليبيا المستنقع الأخير .
https://telegram.me/buratha