محمد الحميداوي
ماالذي يريد الغرب ان يحققه في ليبيا؟؟
المتابع لتطور الاحداث الليبية يجد حالة التحبط والارتجالية حاضرة في الفعل الدولي الى الحد الذي قد لايستطيع احد معه الجزم بحقيقة هدفهم وغايتهم.
ايطاليا بشخص رئيس وزرائها وهو الصديق الشخصي -للاخ القائد- تقدم قدما وتؤخر اخرى في دعم التحالف الدولي فبعدما حذر رئيس وزرائها من: ظهور امارات اسلامية على شواطئها وموجة نزوح وهجرة غير شرعية الى اوربا وبقيت الى اخر لحظات تحجم عن المساهمة الفاعلة في اي جهد اممي منتظر بل مارست سياسة تثبيط سافرة عندما اعلنت : ان اعضاء مجلس الامن لن يتخذوا قرارا بشأن القذافي وانه ليس باستطاعتهم ذلك ,بعد هذا عادت وقدمت تسهيلات لوجستية كبيرة في خدمة-فجر أوديسيا- ثم اعلنت وفي نكوص واضح عن هذا الدعم انها ستستعيد قيادة قواعدها مالم تكن العملية تحت أمرة-حلف الناتو- رغم انها تعلم جيدا حساسية العرب والمسلمين من هذا الحلف الذي قد يصدق معه وصف رئيس وزراء روسيا بوتين-بان العملية تذكره بالغزو الصليبي-, ترى هل اشتراط قيادة الحلف للعملية الجارية شرط تعجيزي يضمن ماء وجه ايطاليا عندما تتنصل من دعم العملية المذكورة الامر الذي قد يفسر فشل اجتماع حلف الناتو على مستوى المندوبين؟؟
او هو فعل ارتجالي غير مدروس يكشف العشوائية التي تلقي بظلالها على العمليية ككل؟
او لاهذا ولاذاك بل هي حيرة ايطالية تفتقد معها الجزم وبالتالي عدم حسم موقفها من اطراف الصراع في ليبيا,ذلك الصراع الذي يبدو انه مفتوح على جميع المحتملات بما فيها وصول الثوار الى الحكم الامر الذي يتعين عليها معه تطبيق سياسة-اذكروني عند الامير-؟؟ وفي نفس الوقت-مالحب الا للحبيب الاول-؟؟
موازنة حساسة جدا
أمريكا
هي الاخرى لايخلو موقفها من غموض ولبس واضحيين فالرئيس الامريكي الذي تعود الكلام ومن دون مناسبة احيانا عن الحقوق الكونية وخيارات الشعوب ومحاربة الظلم وغيرها من مقولات الى الحد الذي اعتاد ومنذ توليه مخاطبة الشعب الايراني في النوروز يعدهم ويمنيهم دعمه في حال انتفضوا على-الظلم-. اقول الرئيس الامريكي تأخر عن الاحداث كثيرا ولم ينبس ببنت شفة الى وقت قريب,ولم يعلق على مجرى الاحداث حتى صار السكوت حرجيا لايطاق.
ربما يعود السبب الى عدم تفاعل المواطن الامريكي مع حرب ثالثة والجيش مازال غارقا في الوحل الافغاني و احتمال تأخر خروجه من العراق امر وارد فضلا عن ان الدخول في حرب جديدة هو خلاف وعود اوباما الانتخابية وبين هذا وذاك يحرص اوباما على عدم استثارة الكراهية والعداء لدى مسلمي العالم تجاه امريكا صاحب السجل الحافل في الافعال المضادة لارادة الشعوب الاسلامية ولو على مستوى دعم حكامها -منتهي الصلاحية -على طول الخط ولعل اعلانها التخلي القريب عن قيادة الحلف يصب في هذا الاتجاه.
الملفت في الموقف الامريكي:
ان الساسة الامريكان بما فيهم اوباما يتحدثون عن ضرورة تنحي القذافي بيد انهم ينفون في نفس الوقت ان يكون الخيار العسكري معدا لهذا الغرض وفي موازاة ذلك لم يطرحوا طريقا معقولا للتنحي المنشود.
مازالوا ينكرون استهداف القذافي شخصيا رغم ان صواريخهم تدك باب العزيزية مقر اقامة المعتوه المذكور مرارا!!
هدفهم المعلن هو حماية الشعب الليبي لكنهم والى الان يفتقدون ستراتيجية معلنة فقد سمعنا قبل قليل نفيهم كون الخيار العسكري احد سيناريوهات تخليص الليبين من طاغيتهم المتفرعن وفي نفس الوقت يصرحون بان تسليح-الثوار- غير وارد فما هو البديل!!!
امريكا تعلم جيدا ان حاكما ظالما من وزن -الفاتح العظيم- لن يتخلى عن الحكم ولو صارت ليبيا كلها جراء قصفها قاعا صفصفا ,وان ليبيا لو رجعت الى عصور الديناصورات لما عنى ذلك لملك ملوك افريقيا شيئا بعد قدرته-كما هو فن الطغاة المعروف- على تصوير الهزيمة نصرا والخسارة تضحية والذل صمودا تماما كما كان صدام يفعل في مثل هذه الظروف, ولازلت اذكر طارق عزيز عندما سئل عن وقت نهاية عمليات ثعلب الصحراء فاجاب بلغة ساخرة وغير مبالية: سوف تنتهي لانه لايعقل ان يستمروا في قصفنا بصواريخ تكلف ملايين الدولارات لا الى نهاية, والقوم نفس القوم.
من هنا ومع هذا العلم يسهل القول ان الضربات الجوية لن تعود بمردودات ايجابية على الشعب الليبي على مستوى الهدف النهائي وهو الاطاحة ب-عميد الحكام العرب- وبالتالي لابد من عمل عسكري على الارض وهو ماتحجم امريكا عنه حتى على مستوى الحديث.
فرنسا:
اكثر البلدان حماسة للشأن الليبي حتى انها الدولة الوحيدة التي اعترفت بشرعية-المجلس الانتقالي- الذي تأخر حتى العرب وكالعادة عن الاعتراف به الى الان.
ربما يعود سر الحماسة الفرنسية الى كونها قد وعت الدرس التونسي جيدا,ذلك الحدث الذي شكل احراجا للدبلوماسية الفرنسية التي لم يعنيها من قريب او بعيد ,حتى انه اطاح بوزيرة الخارجية التي قيل انها كانت في تونس ايام الثورة الجماهيرية ورغم ذلك لم تعلق ولو بكلمة واحدة على مجريات الاحداث.
ويبقى عدم الوضوح في الرؤية الفرنسية علامة فارقة في موقفها هذا لانها شأنها شأن بلدان التحالف الدولي لم تجب عن السؤال الكبير:
وماذا بعد؟؟
ماذا بعد الضربات الجوية؟؟
لم تجب عن ذلك رغم علمها ان صاحب الكتاب الاخضر لايخرج جراء قصف جوي يبقى في مجمله محدودا تماما كعلمها ان تقسيم ليبيا امر غير وارد على الرغم من ان معطيات الاحداث العسكرية لو استمرت على هذه الوتيرة فانها ستجعل التقسيم العملي امرا لا مفر منه .
وفي النهاية: نتخوف من تكرار السيناريو الامريكي في العراق ايام انتفاضة 1991 عندما تركت امريكا وحلفائها الشعب الثائر تحت رحمة الجلاد بنفس الشعارات التي ترددها اليوم في الازمة الليبية وهي: (تغيير نظام صدام شأن عراقي داخلي متروك للشعب العراقي نفسه),وهو تماما ماردده كامرون رئيس وزراء بريطانيا(تغيير نظام القذافي متروك للشعب الليبي)!!
https://telegram.me/buratha