المقالات

هل انتفاضة الشعب السوري طائفية؟

943 14:14:00 2011-03-25

بقلم: عبد الواحد ناصر البحراني

يحلو للبعض تسمية الانتفاضات التي تشهدها الشعوب العربية على أنظمتها الحاكمة بربيع الثورات العربية. إلا أن هذا الربيع قد يتحول بين ليلة و ضحاها إلى خريف تسقط فيه هذه الثورات واحدة تلو الأخرى.

فالطائفية المقيتة التي يحاول البعض إضفاءها على بعض هذه الانتفاضات قد تتحول إلى وباء يفتك بالجسم الواحد و يقوض كل مكاسب هذه الانتفاضات السلمية. و نحن نفهم أن تستخدم الأنطمة القمعية هذا السلاح لتبرير أعمالها الإجرامية ضد شعوبها كما يجري في البحرين اليوم. حيث تحاول هذه السلطة الحاكمة إعطاء صفة الطائفية لحركة الشعب السلمية ضدها.

فتارة تتهم الشعب البحريني بالاستعانة بإيران للعب على الوتر الطائفي و تارة تستعين بقوات خليجية للإيحاء بأنها مهددة من إيران التي تريد ابتلاعها. و الأمر في الحالتين مجرد حيلة مكشوفة و واهية. فالسلطات في البحرين غير عاجزة عن قمع شعبها و هي التي اعتادت هذا الأمر على مر السنين الطويلة الماضية. و لكن هذه السلطات أرادت أن توجه رسالة إلى العالم بأن حكومة البحرين (السنية) تواجه خطر الشيعة في الداخل و خطر إيران في الخارج.

هذا فيما يتعلق بالبحرين. لكن ما نستغربه هو أن يقوم شعب ما في انتفاضته باتباع نفس الأسلوب الذي تتبعه السلطات التي تقمعه. و هو ما يجري في سوريا على سبيل المثال. فما أن هبّت جماهير درعا للإفصاح عن رفضها لبعض سياسات القمع من قبل السلطات هناك حتى بدأت جماعات المعارضة في الداخل و الخارج اللعب و العزف على الوتر الطائفي. فتارة يحاول هؤلاء إقحام قوات إيرانية بقمع المتظاهرين و يقولون بأنهم سمعوا لغة إيرانية من قبل من يتصدى لهم و تارة يقول أحد المعارضين المعروفين و هو مأمون الحمصي بأن عناصر حزب الله هي من يقمع المتظاهرين. و الأمر في كلا الحالتين محض افتراء للأسباب التالية:

أولا ً- إن السلطات السورية ليست بحاجة للاستعانة بإيران أو حزب الله في قمع أي تحرك داخلي. فتعداد الجيش و المخابرات و الفرق الحزبية في سوريا يجعلها في غنىً عن ذلك. كما أن عائلة الأسد حكمت سوريا منذ أكثر من أربعين سنة قبل أن يكون هناك وجود لحزب الله في لبنان و حتى في الأوقات التي كانت فيها إيران في حرب مع العراق استمرت ثماني سنوات. إذا ً فلماذا الآن تضعف قبضة الحكومة السورية لتطلب النجدة من حلفائها في إيران و حزب الله؟

ثانيا ً- لم نعرف عن حزب الله أنه قوة لقمع التظاهرات و لم نرى أو نسمع مرة واحدة قيام حزب الله بقمع متظاهرين في أي مكان في العالم حتى في لبنان نفسه. فهو حركة أسست لمحاربة عدو واحد فقط و هو إسرائيل لذا فإن محاولة جرّه إلى هذه الفتنة أمر يدركه الجميع . و لا نرى هدفا ً من هذه المحاولة إلا خدمة أعداء الشعوب العربية ألا و هو الكيان الصهيوني ذاته. و هذا أمر غيرنافع لمن يقود هذه التظاهرات المشروعة في سوريا في أن يتخذ عدو عدوه ليكون بذلك صديقا ً له. و إلا فإن ثورة الشعب السوري عندها ستتحول إلى ثورة طائفية كما يحلو للشيخ القرضاوي أن يسمي ثورة الشعب البحريني!

ثالثا ً- يعتقد بعض الذين يدّعون حرصهم على مطالب المتظاهرين المشروعة في سوريا أنهم في الإنزواء إلى المربع الطائفي فهم يحققون مكاسب و دعم من قبل الغرب أولا ً و حلفائه في المنطقة ثانيا ً إلا أنهم يخطئون التقييم. لأنهم في هذه الحالة سوف يخسرون حليفا ً قويا ً لهم ألا و هو الجانب العلوي السوري المعارض لبعض سياسات النظام الحالي.

فليس كل العلويين مع النظام و لا كل العلويين مرفهين بل إن قسما ً كبيرا ً منهم يعانون من شظف العيش و يسكنون في منازل آيلة للسقوط و لا يجدون قوت يومهم في حين أن معظم أهالي درعا الثائرة يعملون في قوى الأمن و الشرطة ووزارة الداخلية و كمسؤولين كبار في الحزب الحاكم. و هو أمر استهجنه كثير من أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي لها الرئيس السوري بشار الأسد. لذا فإن استمرار اللعب على الوتر الطائفي و استغلال المظاهرات في سوريا يعني أن أول الخاسرين هم المعارضة السوريا ذاتها. كما أنه لا داعي لانتهاج الأسلوب الطائفي لكسب التحالفات و التأييد ، فالنظام السوري هو من أعداء الغرب في المنطقة لاعتبارات عدّة أهمها و أولها إسرائيل فلماذا إذا ً تحتاج المعارضة السورية لاتهام إيران و حزب الله بالمشاركة في قمع التظاهرات؟

إننا نقول لعقلاء الشعب السوري ابتعدوا عن الطائفية و لتكن مطالبكم مرتكزة على إصلاحات حقيقة هي من حقكم كما هي من حق أي شعب في العالم و لا تتبعوا اساليب الحكّام أنفسهم في الكذب. فهل يحق لنا أن نصدق بأن إسرائيل هي من يدعم تظاهراتكم لمجرد اتهام النظام السوري لكم بذلك ؟ لذا نرجو منكم ألا تسيؤوا لمطالبكم المشروعة بأكاذيب مضادة لأكاذيب من تطالبونه بالإصلاح. و إلا فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك