هشام حيدر
لازمتني الام مبرحة مؤخرا دفعتني بدورها لملازمة الفراش طويلا اللهم الا للخروج الى عيادة طبيب ما او لزيارة مقهى الانترنت الذي اراه بمثابة رئة اضافية اتنفس منها !احد الاخوة من كربلاء ,وهو صديق قديم من جملة اصدقاء من المدينة المقدسة, قال في اتصال معي ان الشاي هو الله وان للشفاء وسائل منها عيادات الاطباء , ومنها مراقد اهل البيت عليهم السلام , وقد اقنعني بكلامه فعلا وحملت نفسي الى الكراج الموحد ووجدت من يصيح (واحد كربلاء) وكانه ينتظرني ...فقلت لقد اتاك !كنت قد وطنت نفسي على مكابدة الام ومشقة الرحلة وانا بتلك الحال لكن الامر كان مختلفا تماما ولله الحمد . وحيث اني سافرت يوم الخميس فقد كان امامي متسع من الوقت لاسيما وان يوم النوروز سيصادف الاثنين وانه في العراق عطلة رسمية رغم ان عيدا مثل عيد الغدير او ان يوما مثل يوم استشهاد الامام علي ع او اربعينية الامام الحسين ع لاتعدان عطلا رسمية رغم ان الملايين من غالبية ابناء الشعب يقدسون تلك المناسبات اكثر مما يقدس ابناء الاقلية الكرد نوروزهم !وحيث تحسنت صحتي واستعدت نشاطي فقد تشجع مضيفي ورتب لي سفرة الى النجف الاشرف والكوفة ومسجد السهلة , ثم تبين انه قد اعد لي مفاجأة كبيرة حيث قام بالحجز على رحلات تبين انها تابعة للعتبة الحسينية في كربلاء متوجهة الى سامراء كل يوم اثنين ...فكانت مفاجأة بحق !خرجنا باكرا فتبين ان هناك متسع كبير من الوقت فقررنا قضاء بعض الوقت قرب ضريح سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين ع ولم نشعر حتى ادركنا الصباح فهرولنا مسرعين فكانت حصتنا اخر سيارة (كوستر) حيث امتلات الحافلات الكبيرة باجمعها بالزوار وجيء بهذه الكوستر لحمل العدد القليل المتبقي الذي لم يملاء حتى الكوستر نفسها وانطلقت بنا السيارة الى سامراء!اول الملاحظات التي عكرت صفو الرحلة كانت لامبالاة سائق السيارة بها حيث كان يقتحم المطبات التي تواجهه في الطريق بسرعته التي يسير عليها دون ان يخفف الامر الذي يجعل السيارة وكأنها تكاد تتحطم ويملأها الغبار وتعلو بعض الصيحات والهمهمات دون ان يلتفت السائق لهذا الحال رغم ان السيارة تابعة للعتبة المقدسة وانه يقل زوارا لاهل البيت ع وان فيهم عددا من غير العراقيين كذلك!وصلنا سامراء فتبين ان ترتيب استقبال الزوار هناك لايختلف عنه في كربلاء في المناسبات حيث وجدت ان المسافة التي باتت تفصل الزائر عن العجلة التي تقله قد تضاعفت مما يستوجب عليه ان يركب لمرتين حتى يصلها !كما لاحظت ان اعمار مرقدي الامامين ع يسير ببطىء شديد بملاحظة مقدار العمل المنجز مقارنة باخر زيارة لسامراء قبل سنتين !خرجنا من سامراء قاصدين ميدنة بلد حيث مرقد السيد محمد رض ...............واذا بالسائق يضيع الطريق ,فاحتجنا لاكثر من ساعة لنصل الى مدخل المدينة لنجد رتلا كبيرا من السيارات تقف للتفتيش , وحيث كنا ملزمين بالعودة الى كربلاء ومع التاخير الذي حصل فقد اقترح بعض الاخوة على السائق ان يقترب من نقطة التفتيش مباشرة ويعرض عليهم الامر وكون السيارة تابعة للعتبة المطهرة وانه يحمل كتابا من قسم السياحة يطلب ممن يهمه الامر تقديم الخدمة والمساعدة وتسهيل الامر. لكن ما ان اقتربت السيارة حتى انبرى لها احد عناصر نقطة التفتيش وهو برتبة ملازم وبوجه عابس غاضب ملوحا باصبعه بمعنى دوران السيارة وعودتها رافضا الاستماع لاي شيء !عادت السيارة وقبل وصولها الى اخر رتل السيارات اشار لها احد السواق بالدخول امامه في الرتل تعاطفا مع كونها تابعة للعتبة فاستجاب السائق, وما ان وصلنا لنقطة التفتيش من جديد حتى مد ذلك الملازم اصبعه المشؤوم ملوحا بنفس الطريقة .....اقترب من السائق وقال (شفتك دخلت من النص...اريد اشوفك تروح وتصير اخر سيارة )...وكان وجهه يقطر حقدا وغيضا خص به هذه السيارة الامر الذي فسرناه بانه يعني القطعة التي عليها والتي تشير الى عائديتها !اخرج لها السائق الكتاب الذي بحوزته مباشرة وقال (اخي هذي سيارة العتبة واحنة ملزمين نرجع اليوم وتاخرنا....) في الاثناء كان الملازم قد قرأ سطرا او اثنين من الكتاب ثم قاطع السائق ورمى الكتاب عليه قائلا (هذا مايصرف عندي ....مو شغلي....تروح وتصير اخر سيارة)!!!عدنا لنصير (اخر سيارة) حتى وصلنا الى نقطة التفتيش فوجدنا ان لاتفتيش اصلا وان قضية التاخير هذه كانت بسبب اغلاق الطريق والسماح بمرور السيارات واحدة واحدة بعد الاشارة لها من قبل احد افراد السيطرة لااكثر !اثار هذا الحال استيائنا وسخطنا لاسيما مع الاشارة لنا ولغيرنا بالمرور دون أي تفتيش يكون مبررا لكل هذا التاخير , تحركت السيارة على اية حال ولكن قبل ان تخرج من نطاق نقطة التفتيش جائنا الملازم ذاته مهرولا طارقا بيده على جانب السيارة وصاح باعلى صوته (اطبك على صفحة)!!(طبكنه على صفحة) فاقترب هو من نافذة احد الزوار صائحا (انطيني هويتك)....اخذها وعاد الى النقطة !!اثار الامر دهشتنا فتوجهنا للراكب مستفسرين فقال ربما راني وانا (اهز بيدي) او لربما كان هناك امر اخر لااعلمه ....على اية حال يبدو انه رجل حاقد على السيارة ...اتركوا الهوية ولنكمل رحلتنا ...............لكننا لم نقبل اذ من المحتمل ان يقوم هذا الحاقد بنسبة امر ما لصاحب الهوية زورا وبهتانا تحت طائلة الارهاب لذا قررنا النزول اليه لارضاء النقص الذي يلازمه !لم ينجح الامر في نهاية المطاف الا بتدخل شاب وقف بسيارته عند السيطرة لانه شاهد الموقف ولاحظ انه يخص سيارة تابعة للعتبة المقدسة ...تبين ان ذاك الشاب(سيد) من وجهاء مدينة بلد !استعدنا هوية صاحبنا وعدنا للسيارة وانطلقنا نظرات ذلك الملازم تلاحقنا وترمقنا شزرا وكأننا من الد اعدائه !حدث هذا يوم النوروز الاخير وفي حدود الثالثة او اكثر عصرا !.اقول هذا لاحتمال ان يقوم القائد العام للقوات المسلحة بمعاقبة هذا الملازم بترقيته الى ملازم اول ونقله الى اقرب نقطة لبيته !دخلنا مدينة بلد -على اية حال - ووجدنا ان قضية المنافسة على ابعاد الزائرين عن المراقد واجبارهم على السير لاكبر مسافة ممكنة على قدم وساق . كما لاحظنا انهم نظموا طريقة للخروج مشددة اكثر من الدخول حيث اغلق باب الخروج وسمح للناس بالخروج فردا فردا مما ولد حالة غير مبررة من الزحام على الباب.بقي اخيرا ان اشير الى حسن اخلاق سائق السيارة (التي كتب على واجهتها رقم 43) رغم ملاحظتنا الاولى اعلاه , وقد تجلى ذلك من خلال صبره وبحثه عن الزوار المتاخرين او ممن ضلوا طريقهم بسبب كثرة التعقيدات وتزايدها من زيارة لاخرى ومن مرقد لاخر!
هشام حيدرالناصريةhttp://husham.maktoobblog.com/
https://telegram.me/buratha