عادل العتابي
انها واحدة من اشهر الحسينيات واقدمها في مدينة الحرية،يرتادها في اوقات الصلاة عدد محدود جدا من المصلين في ذلك الزمن الاغبر،اذ لايكاد ان يكون الصف الامامي من المصلين متكامل العدد،بسبب ان تلك الحسينية وكل الحسينيات والجوامع مراقبة على الدوام من قبل رجال البعث ومخابراته وامنه،اغلب المصلين هم من كبار السن وهم بسبب ذلك لابد وان يكونوا من حملة دفاتر وبطاقات الامراض المزمنة فهذا يتناول حبوب الذبحة الصدرية واخر يتناول حبوب الضغط وثالث حبوب لمرض السكر وهكذا لبقية المصلين.كان الجميع في تلك الحسينية يتمنى امنية واحدة فقط لاغير،وكنت مطلعا على تلك الامنية لاني قريب جدا منهم والامنية هي ان يمد الله سبحانه وتعالى باعمارهم جميعا حتى يشاهدوا نهاية الطاغية صدام! انها امنية بسيطة جدا وغير مكلفة وهي متحققة بالفعل اليوم او غدا لان لكل عمر نهاية،ولكن متى تتحقق تلك النهاية فهذا ما كان مجهولا للجميع لانها من علم الله سبحانه وتعالى،الامنية تلك لو عرف بها ازلام النظام لارسلت اصحابها الى الاعدام من دون رحمة،لكنها بقت امنية في الصدور التي اتعبتها الامراض،توفى والدي من القهر والالم والحسرة على اعدام ابنه بعد اقل من ثلاث سنين من تاريخ ذلك الاعدام،بعد ذلك توفي المؤذن المميز بصوته واذانه محمود ابو شاكر بعد ان وصل به الحال ليؤدي الصلاة من وضع الجلوس،ثم توفي امام الحسينية الشيخ حسن القريشي وانتقل الى جوار ربه الحاج تويه وابو كاظم ثم الامام الاخر للحسينية هادي الصبيحاوي والشخصية الدينية والاجتماعية المعروفة عبود البحراني،جميعهم قهرهم الموت واسكتهم الا ان امنيتهم بقت خالدة ولم تدفن معهم.سنوات من الصبر الجميل مرت على عراقنا وعلى كل من كان ينتظر ان تتحقق تلك الامنية التي راودت مخيلة الاغلبية المقهورة،وبين ليلة وضحها شاهدنا نحن الذين طال بهم العمر القاء القبض على الجرذ في حفرته ومن ثم تقديمه لمحاكمة عادلة وشهدنا نهاية الطاغية،وبعد اول زيارة لمقبرة النجف الاشرف صحت باعلى صوتي بأن اسمعوني ايها الموتى ان صدام قد انتهى وانا شاهد على تلك النهاية،وان امنيتكم التي لم يطول العمر بكم لترونها على الحقيقة شاهدها الجميع من على شاشة التلفاز واجهزة الموبايل والحاسوب.اليوم اسمعوا ايها الموتى والمظلومين والمعذبين في الارض فاني اناديكم بان كل من تعاون مع صدام على اذيتكم واستمر على ذلك حتى بعد القضاء على الدكتاتور من خلال تعاملهم بالمفخخات وارسال الارهابين ليمزقوا ابائكم امثال حسني مبارك وعلي عبدالله صالح وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي واخرين فانهم لاحقون بصدام باذن الله،وان الله بقادر على ان يفرحكم وانتم في جنات النعيم ويحقق لكم ليس تلك الامنية الوحيدة التي عاشت معكم ولم ترونها،بل امنيات اخرى ما كنتم بغافلين عنها وهي نهاية الطغاة في الارض.
https://telegram.me/buratha