الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
قال لى جارى متهكما ابان سقوط الصنم ... الم اقل لك يا سيدى ان اول من يستيقظ في الصباح يمسك الحكم? قلت له ....... لكنه يحتاج الى أن يفهم في السياسة!، قال لي: ليس مهما ذلك، فكل ما يحتاجه هو أن يكون قد تمرن مسبقا على النفاق، فالنفاق يحتاج فقط الى صوت جميل خاضع ووجه بشوش متذلل،، بينما تحتاج الحقيقة لتضحية ودهر من البكاء....قلت له: لا نحن شعب حاولوا شنقه بكل حبال الدنيا، وحاولوا دفنه شبه حي، لكن القبر لم يسعه .. بعد ثلاث سنوات من سقوط الصنم ...قال لي: ولكن كل العراق بات قبرا؟ قلت له: لا ليس كذلك اليوم عندنا أحزاب، وعندنا مجلس نواب وعندنا دولة مؤسسات ...كان الوقت وقت الغروب وحان وقت الصلاة.. حينها قال لي: أدخل قبرك فبيتك مثل القبر بلا إنارة ولا مصباح كهربائي!.. بعد سنة من تلك السنوات الثلاثة لم أعد ألتقي بجاري، فقد تباعدنا قسرا، هو بقي في داره لأنه من أغلبية ذات لون معين، وأنا من أقلية من اللون الآخر في ذلك المكان فقط!! ...أنا رحلت الى بيت آخر بعد أن أضاءت النيران بيتي لثمانية عشر ساعة متواصلة..ألتهمت النيران أول ما التهمت نخلة البرحي التي كنا نأكل تمرها أنا وجاري، لأنها قريبة من السياج الذي يفصل بين بيتينا، ثم ألتهمت بعد ذلك مكتبتي ...آه لو ألتهمتني كان أفضل.. لم أكن في حينها في بيتي، ولم تكن أسرتي فيه أيضا، فقد كنا مبعدين قسرا عن بيت بنيناه بتعب ثلاثين سنة. بعد ثلاث سنوات من تلك السنة هاتفني جاري..قال لي من أمر بحرق دارك كوفيء بأن منحوه منصبا أمنيا رفيعا..قلت له: لم يعد ذلك مهما، فأنا جثة ترتطم بجدران الحياة.. لقد تعودنا إحتساء الخوف في أكواب المساء..كنا نسمع عن أرض فيها يقاوم الرصاص بقلم "الرصاص" والآن نرى أرضا يقاوم فيها الجوع بالإبتسام، ويموت الموت غفلة! وكالقطط المريضة التي ترفضها البيوت أصبحنا، تهرب منا الأبواب، ويسكننا الخواء في الشوارع المهجورة! سلام.
https://telegram.me/buratha