الدكتور مجيد الشرع استاذ جامعي
يعد المال كما يقول اصحاب الاختصاص عصب الحياة وهناك دلالات ذات اعتبار في مصداقية هذا القول عرفا وعملا حتى يكون سببا للملك، ولكننا اذا رجعنا الى مصدر الاحكام الصحيحة والاقوال ذات الدلالة الصريحة وهو القرآن الكريم نجده يشخص في آيته المحكمات حقيقة هذا المال المقترن بالملك وما المقصود منه في رعاية الحياة ويجسد لك الحقيقة التي لا يشوبها مراء او حيلة للمال وما علة كينونيته ومن ذلك نقرأ في هذه الدلالة قوله تعالى:
" وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا انى يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال ان الله اصطفه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم" سورة البقرة آية :247
ناخذ من هذه ألآية مقتطفات في اثبات دلالة الموضوع وهي مستقاة من تفسير هذه الآية في مجمع البيان في تفسير القرآن للعلامة الطبرسي.
ونرى في هذه الآية صورة الاحتجاج الذي اورده قوم طالوت كيف يصبح عليهم ملكا عندما قالوا انى يكون علينا ملكا ومن جملة ما احتجوا به انه لم يأت سعة في المال فحسبوا ان تملك المال هو جزء من احقية التملك حيث يشرف به صاحبه على الآخرين ويجبر به نقصا لو كان فيه حتى يساوي اهل الانساب.
لكن هذا الاحتجاج وأن يساوره الشك ويلقي عليه ضلال الريبة بألاضافة الى سقوط حجية الدليل في جعل المال سببا للملك حيث اوضحت ذلك الآية الكريمة في نص متنها حيث اعلمهم انه اعرف بوجوه الحكمة منهم فأن المقصود في الملك والرئاسة هو العلم والشجاعة حيث ترجمة هذا المعنى في الآية الشريفة بتفسير رائع لايصله الا القول الرباني في تحديد بعيد عن الشبه وتفسير المؤولين عندما جاء على لسان نبيهم( قال ان الله اصطفاه) اي اختاره (عليكم) وزاده بسطة اي فضيلة وسعة في العلم والجسم حيث كان طالوت اعلم
بني اسرائيل في وقته واتمهم واعظمهم جسما واقواهم شجاعة وتعني هذه الامور المشاهدة عينا والمحسوسة فعلا مصداقية التأهيل للرئاسة والحكم وبمعنى آخر يرشد القرآن الكريم الى سبل التفاضل كي يأخذ الشخص الافضل مكانته بين الناس كي يكون مثالا لترجمة الامور اللمطلوبة للمجتمع في عدل وانصا ف لا تسلطا واجحاف ولقد قرنت هذه الآية صورة العدل ا لألهي بما لا يعلمه البشر في قصور الرؤية حيث قالت( والله يؤتي الملك من يشاء والله واسع عليم) حيث فندت مقولة الاسباب التي تجعل من احدهم ملكا لأنها مقولة تنصب على حال من الأحوال ثم تظهر مصداقيتها بأن مثل هذا الملك يبتعد عن السيرة الحسنة والعدل في الرعية ويتخذ من سيطرته على الكرسي كما يصطلح على السيطرة فيكون الفساد بدلا من الاصلاح ويكثر التمييز بصور شتى وكأن الرعية ما هي الا غنم تساق الى مأكلها وتعود الى منامها لا حول لها ولا قوة وهو وحاشيتة من زبانية منافقون لهم الحق فيما يفعلون ومع الاسف المبكي ان هذا التوجه سار عليه في الفتوى واعطاء الرأي ممن يدعون وعاظ السلاطين ممن يسمون علماء منسبون للاسلام حيث قالوا " يطاع الملك حتى ولو كان فاجرا" وكأن الاسلام يريد لمن تولى شؤون الملك وحتى ولوكان فاجرا شاربا للخمر ان يسوس العباد وبذلك نرى ماجرى على الأمة الاسلامية بعد غيبة الرسول(ص) لتسلط ملوك الجور وبتشجيع من اولئك اصحاب اللقمة كما يصطلح عليهم فهل هذه كانت الرسالة الاسلامية ؟ التي كان الرسول في عهده حريصا على ايصالها برداءها المضلل الذي لا يأتيه الباطل ولذلك فأن الآية تعطي دلالة على ان الملك قد يضاف اليه سبحانه وتعالى بأن ينصب الملك للتدبير ويعطيه آيا ت الملك ويأمر الخلق بألأنقياد له وبذلك يجوز ان يقال بعثه الله سبحانه ملكا وأن لم يكن بالبعثة كأ لأنبياء .
وفي الآية دلالة اخرى على ان الملك ليس بواجب ان يكون وراثة وانما يكون بحسبما يعلمه الله من المصلحة ومن جملة تلك الدلالة على ان من شرط ذلك ان يكون من يتولى زمام الامور ان يكون اعلم من رعيته واكمل وافضل في خصال الفضل والشجاعة لأن الله علل تقديم طالوت على قومه بكونه اعلم وأقوى فلولا ان ذلك شرط لم يكن له معنى.
https://telegram.me/buratha