المقالات

شهيدة ثورات التغيير المنسية

972 14:51:00 2011-03-31

احمد نعيم الطائي

الذاكرة العراقية مازالت تختزن احداث اول ثورة تغيير شهدتها الساحة العربية منذ اكثر من عشرين عام ، حيث همش الاعلام العربي بشكل مقصود مآثرها واحداثها التي تعدُّ الاكثر دموية ووحشية على مدى التاريخ.

الانتفاضة الشعبانية التي اندلعت في جنوب ووسط وشمال العراق من اجل اسقاط الحكم الدكتاتوري، بعد الهزيمة التي منيَ بها صدام عقب غزوه دولة الكويت 1991 ، حيث استولى ثوار هذه الانتفاضة على معظم محافظات البلاد ، لكن سرعان ما انقلبت الامور بعد اتفاق ملك السعودية خالد وبوش الاب على قمع هذه الثورة الشعبية ، والسماح لصدام باستخدام كل الاسلحة والاساليب الوحشية لقمعها.

وعلى الرغم من الحرب الكونية التي تسبب بها صدام في منطقة الخليج والاضرار الجسيمة التي تعترضت لها دول المنطقة لاسيما الكويت والسعودية لكن فضلت الاخيرة بقاء صدام في السلطة مقابل عدم ظهور تكتل شيعي يتولى مقاليد الحكم بالعراق.

تسلم حينها قائد العمليات العسكرية الاميركية في العراق الجنرال نورمان شوارزكوف اوامر من بوش الاب بالانسحاب من مشارف بغداد الى قاعدة الناصرية (قاعدة الامام علي) ، بعد ان اصبح على وشك القاء القبض على صدام وأسره بعد تحديد مكان تواجده من قبل وكالة الاستخبارات الاميركية، الامر الذي احدث خلاف بين القيادة العسكرية في العراق والرئيس بوش الاب، بحسب مذكرات شوارزكوف في كتابه (الامر لايحتاج الى بطل).

عملت عدة سيناريوهات داخلية وخارجية على تجير الانتفاضة لصالح ايران او رفع شعارات طائفية او معادية لاميركا واوروبا اهمها ما قامت به اجهزة صدام الامنية التي تلثمت بملابس الثوار وهي تحمل صور للامام الخميني وتطلق الشعارات المتطرفة وتقوم بعمليات ذبح لمواطنين ابرياء وحرق مؤسسات الدولة ،حيث تم تقديم تلك الافلام الى بوش الاب عبر دائرة تلفزيونية من السعودية.

بعد اتفاق جدة - واشنطن الذي اعطى لصدام الضوء الاخضر لقمع تلك الانتفاضة ، سارع صدام الى اصدار اوامره لقوات الحرس الجمهوري والاجهزة الامنية والحزبية المنهزمة من الكويت بالتوجه الى المحافظات التي اعلنت الثورة ضده، فضلا عن استخدامه لطائرات أف 23 الاميركية والمدفعية الثقيلة في قصف تلك المحافظات بشكل وحشي عشوائي ، ونتيجة لعدم تكافأ القوة في التسليح تمكنت تلك القوات من السيطرة على المحافظات المنتفضة والبطش بالسكان شيباً وشباباً نساءاً واطفالاً، حيث تم دفن آلاف منهم في مقابر جماعية وهم احياء ، حيث اكتشفت معظم هذه المقابر بعد سقوط الحكم المباد عام 2003 ، ويبلغ عدد المقابر التي اكتشفت اكثر من 370 مقبرة جماعية في عموم مناطق جنوب ووسط وشمال العراق يظم قسماً منها اطفال رضع وبقايا ملابس وجماجم وادوات اطفال.

وبعد ان ألجمت ألسنة العرب ممن يجيدون الخطابة والتهريج ، والسكوت المطبق للاعلام العربي ، والقمع الوحشي لاجهزة صدام للثوار، وموافقة اميركا ودول التحالف على سحق تلك الانتفاضة ، اصبحت تتدوال احداثها وبطولاتها لدى الناجين منها سواءً ممن سمحت لهم الظروف بالهروب من حجيم وقساوة الانتقام الذي مارسه صدام واعوانه او ممن نجوا من تلك الابادات الجماعية.

هذه المشهد من التاريخ يشير الى عقلية تؤمن بالابادة البشرية من خلال حقد اعمى متوارث باتجاه الشيعة والسيناريو يتكرر اليوم مع انتفاضة الشعية في البحرين، لاسيما بعد ان سارعت قوات سعودية لنيل الشهادة او الاجر في قتل المسلم الشيعي أينما وجد ! .

فالاعلام العربي الذي يعتبر محمد بوعزيزه صاحب شرارة اول ثورة تغيير عربية والانتفاضة التونسية قدوتها، فنحن نذكر العرب ان العراقيين قدموا آلاف الثوار ومن خلفهم آلاف الضحايا الابرياء شهداء لاول نموذج حي في التغيير من خلال مواجهة اكثر واقسى الانظمة الشمولية دموية ووحشية في التاريخ.

على المثقفين العراقيين الوطنيين ان يظهروا للعالم بطولات عروس الثورات التي واجهة ببطولة متفردة بشاعة وبربرية اكثر الانظمة الدكتاتورية بشطا بشعبها، من خلال انتاج الاعمال الفنية المختلفة وأرشفت تلك الصور الرائعة في التضحية من اجل الكرامة والحرية ، والتي تحتاج الى حملة وطنية تساندها مؤسسات الدولة. لان هناك سفر رائع ومشرف من النضال الوطني العراقي الذي يعاني الاهمال والتهميش، وان استمر هذا التهميش ستخسر القوى الوطنية على المستقبل القريب جزءا حيويا من تاريخها وتاريخ الامة العراقية.

ان الاجيال التي تتمسك بكرامتها وعزة اوطانها وتعتز بمآثر اسلافها في مواجهة الظلم والطغيان هي التي تفهم التاريخ وتستلخص منه العبر ، من خلال الشواهد التي تبقى ماثلة لها وللشعوب عامة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك